مدينة كميل شمعون الرياضية: ضحية في الحرب والسلم

2021-06-08 09:01
مدينة كميل شمعون بعد إعادة إعمارها في نهاية الحرب (Facebook)
Source
+ الخط -

مدينة كميل شمعون الرياضية التي نهضت من الركام، وانطلقت منها ورشة إعمار كبرى في لبنان بعد الحرب الأهلية التي أتت على البشر والحجر، والدولة في لبنان تقف اليوم كطفل مرمي على قارعة الطريق. كانت هذه المدينة التي شُيدت عام 1957 مكان مطار بيروت القديم في عهد الرئيس كميل نمر شمعون، وأعيد إعمارها على يد رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في تسعينيات القرن الماضي، لؤلؤة المتوسط بكل معنى الكلمة.


إذ استضافت المدينة التي دمرها الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982، الدورة الرياضية العربية وكأس الأمم الآسيوية، ومن قبلها دورة ألعاب البحر المتوسط في الخمسينيات، وهي اليوم تعاني الأمرين كما المنشآت الرياضية الكبرى في لبنان. وعند الحديث عن تلك الملاعب الغائبة عن استقبال الرياضيين فإننا نتحدث عن مأساة الرياضة اللبنانية بشكل عام.

هذه المدينة الرياضية هي المنشأة الأكبر في لبنان، تتسع لأكثر من 50 ألف متفرج، ولا تُدرك حجم مأساتها إلا عند الدخول إليها، خاصة بعد الانفجار الهائل الذي هز كيان العاصمة اللبنانية في 4 أغسطس/آب الماضي، فلم يعد هناك سوى الخراب الممتزج بالإهمال وانعدام الصيانة الدورية.

وتتجلى آخر فصول هذه المأساة أن هذه المدينة التي خُزن فيها الطحين المقدم هبةً للشعب اللبناني بعد تدمير إهراءات القمح في مرفأ بيروت ووضع تحت مدرجاتها بشكل لا يُراعي الأصول، استفاقت على كارثة من نوع آخر بعد أن غمرت الأمطار المتساقطة أسفل المدرجات والقاعات الخلفية التي كانت تخصص للمؤتمرات الصحيفة.


أما كميات الطحين والتي تقدر بالأطنان فقد تلف بعضها، وأتت الحشرات على بعضها الآخر، ليكتمل المشهد بالأسقف الاصطناعية المنهارة والمياه التي تغمر الممرات وغرف تبديل الملابس التي باتت مسرحاً للقوارض.. باختصار لم يبق من هذا الصرح إلا ذكريات تصحو شاكيةً واقع الحال ولا من مجيب.

Camille Chamoun Sports City Stadium

في حين أكد المدير العام للمنشآت الرياضية رياض الشيخة في بيان أن الطحين تم تخزينه لمصلحة وزارة الاقتصاد لمدة أسبوعين إلى حين توزيعه، ونفى أن يكون لإدارة المدينة الرياضية علاقة بهذا الموضوع، وهو الذي يناشد منذ مدة بصرف الاعتمادات المخصصة للمدينة والبالغة 640 مليون ليرة لدفع الرسوم والضرائب المتوجبة عليها، لكن دون جدوى. وقد خصصت الموازنة العامة للحكومة بعض الاعتمادات لإجراء أعمال الصيانة في المنشآت الرياضية عبر وزارة الشباب والرياضة، لكن لم يصل لحد الآن أي مبلغ، وحتى لو وصل فإن العملة الوطنية خسرت أكثر من نصف قيمتها.

إذا كان أكبر صرح رياضي في قلب العاصمة يصارع من أجل الحياة، فكيف لملاعب المناطق التي استضافت كأس آسيا قبل 20 عاماً في طرابلس وصيدا أن تكون بخير؟ وإذا كان الطحين يتم تخزينه داخل صرح رياضي وبطريقة سيئة أيضاً، فكيف لدولة أن ترعى قطاع الرياضة وهي عاجزة عن تأمين أبسط مقومات العيش الكريم؟ وإذا ما كانت تدير شؤونها حكومة تصريف أعمال فإن الهم يصبح أكبر. مدينة رياضية تعيش وسط أضرار الانفجار والأمطار والإهمال المزمن وتعكس الدرك الذي وصل إليه حاضر الإنسان اللبناني ومستقبله.

Camille Chamoun Sports City Stadium
شارك: