مدونات مميزة: "يارب استر" بين ذكريات الطفولة وحب الأوطان

2022-01-27 19:41
Source
+ الخط -

في أثناء مشاهدة مباراة الأمس بين مصر وكوت ديفوار في كأس أمم إفريقيا 2021، وجدتُ نفسي أشجع بحماس كما اعتدت سابقا، بل بحماس شديد، ورغم أني توقفت لفترة طويلة عن متابعة كرة القدم بعد أحداث بورسعيد المؤلمة في 2013، فقد عدتُ منذ سنتين تقريبا، لمتابعة كرة القدم.


ورغم أني كنت أشاهد المباراة بمفردي؛ لأن أبنائي صغار لا يعرفون من منتخب مصر سوى محمد صلاح، وزوجتي ترى التلفاز جهازا ليس ذا قيمة في البيت أصلا، ودائما ما تحدّق فينا ونحن مجتمعون حوله بنظرات مفادها "عالم فاضية".. "شكرا يا ست الكل!".


أبي وعمي يعشقان اللعبة، يعشقانها بجنون؛ لأنها المتنفس الوحيد بعد عناء عمل يوم طويل. ونحن صغار كنا نتجمع حولهما أمام التلفاز لمتابعة المباريات، وكنا نشجع بحماسة وخصوصا في مباريات المنتخب.


بيد أن أحدهما يشجع الأهلي والآخر يشجع الزمالك؛ ولذلك كان يتحتم فصل القوتين عن بعضهما في أثناء مواجهة الفريقين، لكننا ارتكبنا خطأ فادحا ذات مرة، عندما قررنا مشاهدة المباراة معا، ولسوء الحظ كانت مباراة لا تُنسى، انتهت بنتيجة 6-1 لصالح الأهلي، واشتهرت لاحقا بجملة (بيبو وبشير).. يومها عمي (مشجع الزمالك) غضب كثيرا.. يومٌ لا ينسى! 

أذكر مباراة للمنتخب كانت ستبدأ وقت خروجي من المدرسة، كنت حينها في المرحلة الابتدائية في الفترة المسائية، قطعت حينها المسافة من المدرسة إلى البيت في 7 دقائق فقط، وهي المسافة التي تأخذ عادة 25 دقيقة؛ فالمدرسة بعيدة نوعاً ما وخطواتي صغيرة نظرا لسني وجسمي النحيل، كنت أهرول مسرعاً أريد أن ألحق بصافرة البداية، يومها حسام حسن أبدع كعادته، وأذكر أيضا لاعبي المنتخب بالقميص الأخضر المميز في تلك الفترة.


أما يوم هدف أبو تريكة في نهائي دوري أبطال إفريقيا ضد الصفاقسي التونسي عام 2006، فقد كان يوما استثنائيا، شاهدتُ فيه المباراة في بيت عمتي مع ابنها العاشق للأهلي، لا أنسى ردة فعله بعد هدف أبو تريكة في الدقائق الأخيرة! لم أجده  إلى جانبي، أصابته حالة من الجنون والفرحة الهستيرية، ظل يركض في فناء البيت ذهاباً وإياباً لا يدري ماذا يفعل، ثم ذهب ليقبّل أمه (عمتي) ونزل إلى الشارع وأنا في ذهول.. ماذا أصابه؟ أتساءل أين ذهب هاني؟!


أبي كانت له كلمة شهيرة يرددها في أثناء مشاهدة المباريات؛ وهي "يارب استر"؛ يقصد الدعاء بستر الله لفريقه أو المنتخب لئلا يستقبل هدفا.. أمس في مباراة مصر وكوت ديفوار، كنت أردد هذه الكلمة نفسها وأنا في ذهول؛ كيف استعادتها ذاكرتي رغم أني لم أسمعها منذ أكثر من 20 سنة تقريبا؟!


بعد انتهاء المباراة سألتني ابنة أختي باستنكار، كانت في زيارة لنا في أثناء المباريات.. سألتني ولم تكن مكترثة تماما بأحداثها رغم سخونتها في الدقائق الأخيرة وركلات الجزاء الترجيحية.


ابنة أختي: فاز منتخب مصر، ماذا استفدتَ يا خال سوى هدر الأعصاب؟


أنا: إنه الانتماء يا خديجة.


ابنة أختي: وما الانتماء؟


أنا: حب الأوطان..

شاركنا في قسم المدونات، واكتب عن فريقك المفضل ولاعبك المفضل ومنتخب بلادك، شارك حماسك مع المشجعين الآخرين.

شارك: