"قانون" الكرة السودانية

تحديثات مباشرة
Off
2023-11-19 16:06
صورة تجمع برعي بشير (يمينًا) وعثمان الديم قبل إحدى مباريات المريخ والهلال (sudaneseonline.com)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لاعب من العصر الذهبي لكرة القدم السودانية، خلده السودانيون في سفر عظماء كرة القدم السودانية وشُغلوا بأخباره، كانوا يستوقفونه في شوارع وأسواق مدينة أم درمان يتشاركون معه أطراف الأحاديث الكروية، ويسألونه عن أخباره الخاصة وكان يبادلهم الأريحية بمثلها.

معروف عنه الانضباط العام في الملاعب وفي الحياة عمومًا، كما اشتهر أيضًا بأناقته المفرطة. وتنقل الصحف أخباره وصوره في صفحاتها الأولى فتنفذ الطبعات جميعها من المكتبات قبل حلول الظهيرة، وتتصدر أخبار مراوغته الكروية للفرق المنافسة مجالس الأنس والرياضة والمناسبات الاجتماعية سواء أكانت أتراحًا أو أفراحًا، كان نجم المجالس إذا حضرها أو غاب عنها وكانت تحمله بالطبع أكتاف الجماهير عقب كل مباراة؛ فبرعي يعد أحد أميز خمسة لاعبين أنجبتهم الكرة السودانية خلال تاريخها.

في تصريح حصري لـwinwin يقول كابتن المريخ، عبد المجيد جعفر: "بالطبع أنا لم أعاصر الكابتن برعي أحمد البشير؛ لكن والدي -عليه رحمة الله- حدثنا كثيرًا عنه وكيف أنه لاعب داهية في الملعب يعرف ما يريد، لاعب خفيف الحركة وقادر على قراءة الملعب ويتوقع ما سيحدث ويتمتع بسرعة بديهة فائقة". 

يستطرد عبد المجيد: "حين قدمنا لنادي المريخ وجدنا تقاليد عريقة في الانضباط وكان "القانون" هو قدوتنا دائمًا في ذلك”.

اللاعب اسمه برعي أحمد البشير، ولقبه "القانون"، ولد بمدينة أم درمان السودانية العريقة في عام 1932 وتوفي في عامه الثمانين، درس جميع مراحله الدراسية بمدينة أم درمان، عمل موظفًا بوزارة التجارة ثم انتقل بعدها لسلك التعليم موظفًا بوزارة التربية والتعليم حتى تقاعده في وظيفة المفتش التربوي. كان موهبة فذة بمهارات عالية جعلت الأديب والأستاذ الجامعي السوداني الراحل البروفسير علي المك، الذي اشتهر بتميزه الأكاديمي وبعشقه للعبة كرة القدم وعشقه السرمدي لنادي المريخ، يطلق على برعي لقب "القانون" أي قانون الكرة السودانية. يجزم البروف علي المك أن كل ما يصدر عن برعي أحمد البشير من فنيات في أثناء المباريات هو "قانون" يجب أن يتعلمه اللاعبون ليطبقوه في الملاعب بحذافيره.

بدأ "القانون" مسيرته العظيمة لاعبًا بفريق الوطن "أم درمان" في عام 1948 ثم انتقل في 1951 لنادي المريخ، وفي 1952 انتقل إلى نادي الهلال ليلعب معه موسمًا رياضيًا واحدًا ثم يعود إلى اللعب مجددًا مع ناديه المريخ حتى اعتزاله في عام 1963. 

شارك برعي"القانون" أيضًا مع الفريق الأهلي السوداني "القومي حاليًا" وارتدى شارة الكابتن مرات عديدة، ولعب مع المنتخب ضد إثيوبيا في عام 1956، وانتهت المباراة بفوز السودان 5-1 أحرز منها برعي هدفين، كما أحرز أيضًا أول أهداف منتخب السودان في بطولة كأس أمم أفريقيا في شِباك المنتخب المصري عام 1957 وفي العام نفسه شارك مع الفريق  القومي في احتفالات الثورة الروسية في موسكو.

اشتهر “القانون” بفنياته العالية وتمريراته الذكية كصانع ألعاب؛ لكن أكثر ما ميزه أنه كان يجيد التهديف بكلتا قدميه، كما اشتهر أيضا بالتهديف بالرأس وصعوبة إفشال ضرباته الرأسية.

من المواقف الشهيرة له في نهائي كأس التعليم بين المريخ والهلال في دار الرياضة بأم درمان، والتي انتهت بفوز المريخ بهدفين مقابل هدف، أنه أحرز أحد أهداف ناديه برأسية على رأس خط الـ18، حيث كانت الكرة في طريقها إلى رأس برعي الذي ركز بصره على الزاوية اليمني لسبت دودو، حارس الهلال الأسطوري، والذي اندفع سريعًا لتغطية تلك الزاوية ليُفاجأ بتحويل “القانون” للكرة بسرعة شديدة إلى الزاوية اليسرى محرزًا هدفًا بضربة رأسية قوية لم يتمالك كابتن سبت دودو نفسه على إثرها واندفع إلى “القانون” مهنئًا إياه ومقبلًا رأسه.

رحل "قانون" الكرة السودانية، برعي أحمد البشير، عن عالمنا في أبريل/ نيسان من عام 2012، وشيعته مدينة أم درمان التي أحبها وأحبته إلى مقابر أحمد شرفي فيها، وكان تشييعًا مهيبًا ضم الوسط الرياضي عن بكرة أبيه، بالإضافة إلى الوسط الأكاديمي والثقافي وكل معجبي فنون "القانون" في المستطيل الأخضر، في أول مباراة للمريخ عقب رحيله بيومين وقف لاعبو فريقه؛ حدادًا على روحه قبل بداية مباراتهم أمام بلاتنيوم الزيمبابوي مرتدين شارات الحداد السوداء على سواعدهم. 

تلك كانت لمحة سريعة عن مسيرة وحياة "قانون" الكرة السودانية، استعرضت فيها أخلاق الكرة السودانية قبل مهاراتها، كان ذلك الزمان انتقال اللاعبين بين أندية القمة المتنافسة يتم في سلاسة، ويحتفي الخصم بهدف في مرماه كما فعل كابتن سبت دودو؛ تقديرًا للعب النظيف.

شارك: