الهادي صيام بطل الميدان

تحديثات مباشرة
Off
2023-12-31 17:21
الهادي صيام في إحدى المباريات أمام الفرق الأوروبية (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

داعبت قدماه كرة القدم في سن مبكرة بأزقة وحارات حي بري الخرطومي العريق. لعب في روابط الشباب وهو دون الرابعة عشرة، وحين بلغها اُخْتِير للعب في نادي بري في خانة الهجوم، لما يميز به من مهارات عالية وذكاء وحيوية ورشاقة ومرونة في الجسم، وقوة قتالية في الأداء.  

وهنا حدثت ظاهرة كروية نادرة عالميًّا، وهي أن يلعب الابن والأب والعم بالنادي نفسه معًا، كتفًا بكتف وساقًا بساق، في منافسات أندية كروية رسمية، وليست مباريات استعراضية أو مهرجانات كروية ودية، وهتفت له الجماهير وهو في ذلك العمر الصغير "الهادي صيام بطل الميدان".

كان ذلك الشبل كابتن الهلال والمنتخب السوداني الهادي عباس صيام، المُلقب بـ"هدهد" و"سويدي" لاحقًا. والده عباس صيام وعمه محمد صيام كانا نجمي نادي بري الرياضي، أحد أندية الدرجة الأولى بمدينة الخرطوم السودانية، لعب معهما الهادي في نادي بري في أواخر أربعينات ومطلع خمسينات القرن الماضي.

ولد الكابتن الهادي صيام "هدهد" في حي بري العريق، شرقي مدينة الخرطوم في مارس/ آذار من عام 1933. تأثر كثيرًا بشقيق والده الكابتن محمد صيام، الذي علمه قواعد وفنون لعبة كرة القدم في يفاعته، وزامله لاحقًا في النادي نفسه كما أسلفت في بداية مقالي.

وسطع نجم "هدهد" في نادي بري، وتهافتت لتسجيله أندية الدرجة الأولى، وتمكن صديقه عثمان الديم والأسطورة السودانية الأشهر، كابتن نادي الهلال والفريق القومي "الأمير" صديق منزول، من إقناعه بالانضمام إلى نادي الهلال أحد طرفي القمة السودانية.

بعد سطوع نجم "هدهد" في الملاعب، قرر السفر إلى القاهرة لمواصلة دراسته الجامعية، وهناك التحق بنادي الترسانة المصري، لكن سرعان ما حن واشتاق إلى الملاعب السودانية، فغادر نادي الترسانة عائدًا إلى السودان.

ولم يستقر هدهد طويلًا في السودان، فغادر مجددًا إلى المملكة العربية السعودية، وهناك لعب لنادي اتحاد جدة السعودي. عاوده الحنين إلى الملاعب السودانية مجددًا، فعاد وسجل في كشوفات نادي الهلال العاصمي، في خانة قلب الهجوم في عام 1953، وفي عام 1956 اُخْتِير في أول منتخب قومي سوداني، ليشارك في البطولة الأفريقية الأولى في الخرطوم عام 1957.

يقول عاطف الابن الأوحد للكابتن الهادي عباس صيام في تصريح حصري لـ"winwin": "من الأحداث الكبرى في مسيرة والدي الكروية، أن سكان ومشجعي نادي بري المعروفين بالتعصب لناديهم، احتجوا على طلب نادي الهلال تسجيل والدي في صفوفه، وحدثت مظاهرات احتجاج ضخمة في الحي، وذهب مشجعو النادي إلى منزل جدي عباس صيام لاعب بري السابق يحملون العصي والهراوات، وطالبوا جدي بإثناء والدي عن التسجيل في كشوفات الهلال".

وأضاف: "أغضب حمل المشجعين للعصي جدي، الذي اعتبر ذلك بمثابة تهديد، فرفض طلبهم ودعم رغبة والدي للتسجيل في كشوفات نادي الهلال آنذاك".

وللكابتن الهادي عديد المشاركات الدولية مع نادي الهلال، من أهمها مباراة ضد فريق "أدمرا" بطل الدوري النمساوي في عام 1956، والتي انتهت بانتصار الهلال (2/1). المشاركة الثانية كانت في العام نفسه، حين زار فريق هونفيد المجري السودان بقيادة الأسطورة بوشكاش وزملائه، وبوجيك وكوتشيش وهيدكوتي، للثأر من الهلال، وانتهت المباراة بهزيمة قاسية للهلال (9/1).

اعتزل الكابتن الهادي صيام اللعب وهو في قمة عطائه في عام 1964، بعد أن لعب في صفوف الهلال لفترة 11 عامًا، واتجه إلى التدريب الذي عمل في بداياته مساعدًا للمدرب التشيكي إستاروستا، وفي عام 1967 غادر إلى السعودية وعمل مدربًا لفريق اليمامة "سابقًا" الرياض "حاليًّا " ومكث معه لمدة عامين، عاد بعدها إلى السودان عام 1969، وانضم إلى الجهاز الفني لنادي الهلال وأشرف على تدريب الفريق الأول في فترات مختلفة حتى عام 1974. 

كابتن هدهد تاريخ كبير في الملاعب السودانية، ويعد من الجيل الذهبي الذي أرسى تاريخ الكرة السودانية مع كوكبة من اللاعبين العظام. رحل معشوق جماهير بري والهلال الهادي عباس صيام في 21 يناير/ كانون الثاني 2004، بمستشفى المفرق بأبوظبي، بعد سيرة عطرة كلاعب ومدرب، وأخيرًا مؤلفًا لكتاب “الكابتن"، أول كتاب سوداني يتحدث عن أسس وبرامج التدريب بشكل احترافي وعلمي.

شارك: