حكاية شواطين (2-2)

تحديثات مباشرة
Off
2023-12-12 02:52
محمد علي الجاك (شواطين) قائد الهلال السوداني في سبعينيات القرن الماضي.
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كما أسلفت في الجزء الأول من “حكاية شواطين” كابتن الهلال السوداني محمد علي الجاك، أنه من الضروري تناول فرضيتي قدوم فريق سانتوس للسودان بحذر شديد؛ فقدوم سانتوس للسودان تأكيداً لسيادة الكرة البرازيلية وعلو كعبها على فرق ومنتخبات العالم، خاصة بعد فوز البرازيل بكأس العالم في عام 1970 للمرة الثالثة بعد الأعوام 1958 و1962، وارد جداً وفرضية الثأر من الهلال لهزيمته “فاسكو دا غاما”في 1963 أو الأمرين معاً أيضاً، لا بد من وضعها في الحسبان.

وحتى لا نتجنّى على سانتوس، دعوني أستعرض المناخ العام داخل النادي في الفترة التي لعب له فيها بيليه من عام 1956 وحتى عام 1974. لعب بيليه 656 مباراة رسمية أحرز فيها 643 هدفاً، كما أحرز مع سانتوس أيضاً الفوز في 6 بطولات للدوري من أصل 8 بطولات، وحصد الفوز باللقب مرتين من أصل ثلاث مرات لبطولة كأس ليبرتادوريس، وكذلك قاد بيليه سانتوس للفوز مرتين ببطولة الإنتركونتيننتال.

ملأت تلك الانتصارات خزينة نادي سانتوس بمبالغ مالية ضخمة، وعادت شهرة بيليه عليهم بعقود الرعاية والتسويق للمباريات بمبالغ ضخمة، مما دفعها للاستفادة أكثر من احترافية بيليه بتنظيم جولات حول العالم؛ تباهياً بنجمها معشوق مشجعي المستديرة حول العالم وبالطبع لزيادة أرباح النادي. 

وبالعودة إلى مباراة الهلال السوداني وسانتوس البرازيلي في ليلة الثلاثاء 20 فبراير/ شباط من عام 1973، نال فريق سانتوس البرازيلي ثأره من فريق الهلال السوداني أخيراً بهدف يتيم صنعه بيليه وأحرزه إيسيبور، ماسحاً به عار هزيمة الهلال لفريق فاسكو دا غاما البرازيلي عام 1963، ومؤكداً سيادة الكرة البرازيلية على العالم.

في أثناء المباراة وبعدها، صبت الجماهير السودانية المتعطشة لمشاهدة الجوهرة السوداء جام غضبها على اللاعب ”شواطين”، والذي نجح تماماً في شل حركة بيليه وحرمان الجمهور من الاستمتاع بمهاراته.

نفذ شواطين خطة اللعب كما وضعها المدرب الألماني فولر، والتي ذكرها الكابتن الدكتور محمد حسين كسلا الذي كان نجم تلك المباراة في مذكراته قائلًا: ”كانت تعليمات فولر لنا واضحة جداً، لا تندفعوا إلى الهجوم وتتناسوا واجباتكم الدفاعية؛ فالبرازيليون بارعون جداً في نصب هذا النوع من الشراك، يتركونك تندفع مهاجماً حتى تظن أنك ستنال من مرماهم، وفجأة تجد نفسك مضطراً إلى إحضار الكرة من داخل شباكك”. 

نعم حرمت خطة الألماني فولر الجمهور من الاستمتاع بإبداعات بيليه، من أجل الفوز والمحافظة على انتصاره السابق على فاسكو دا غاما، طمعاً في لقب الفريق الأفريقي قاهر فرق البرازيل؛ لكن تلك الخطة في المقابل ورغم الهزيمة بهدف يتيم، أكدت نجاح خطة فولر ونجاح شواطين في السيطرة على أسطورة الكرة العالمية آنذاك، بشل حركته ودفعه للانسحاب من المباراة قبل نهايتها، وبتأكيد مهارة اللاعب السوداني وقدرته على تنفيذ خطط التدريب أمام أعتى الفرق العالمية. 

الأسطورة محمد علي الجاك ”شواطين” في تقديري لا يستحق غضب الجمهور في تلك المباراة الشهيرة بل يستحق التكريم؛ فلشواطين تاريخ طويل في المستطيل الأخضر مع فريق الهلال والمنتخب الوطني، حيث أحرز معهما انتصارات كبيرة داخليًا وخارجيًا، وكتب اسمه بمداد من نور وما زال معطاءً في مهنة التدريب بدولة الإمارات العربية المتحدة. تحية خاصة لكابتن شواطين وتمنيات عديدة له بدوام العافية، وتمنيات للكرة السودانية بالعودة إلى مربع 1973 والاحتكاك بلاعبين كبار أمثال بيليه.

شارك: