الرجل الذي باع "وهم" المونديال مرتين لـ100 مليون!

2022-09-29 19:59
لقطة من مواجهة سابقة بين المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو ماني في الدور الحاسم من تصفيات المونديال (Getty)
علاء عزت
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

قبل حتى أن تجف دموع ملايين المصريين على ضياع حلم التأهل لمونديال قطر 2022، ووسط سرادق الأحزان الذي انتشر في كل ربوع أم الدنيا، ظهر رجل تاجر بأحلام الفقراء والبسطاء، وباع لهم وهم المونديال، فعلى مدار 6 أشهر -نعم، 6 أشهر كاملة- ظلّ فيها هذا الرجل يبيع الوهم.

والأغرب -بل والطامة الكبرى- أن هذا الرجل وَجد مَن يُروّج له أكاذيبه وأوهامه، وأقصد طبعًا غالبيةَ وسائل الإعلام المصرية التي شاركت -مع شديد الأسف- هذا الرجل في خديعته الكبري لأكثر من 100 مليون مواطن مصري. والكارثة الكبرى هي أن هذا الرجل كان بالأمس القريب رئيسًا لأحد الأندية الرياضية، وعضوًا في البرلمان المصري، وأزيدك بيتًا، كان رئيسًا للجنة الشباب والرياضة بالبرلمان.

بعد أن غفت عيون ملايين المصريين ليلة 29 مارس/ آذار الماضي والدموع على آخرها في المدامع جراء فشل منتخب الفراعنة في تحقيق حلم التأهل لمونديال قطر بفعل الهزيمة بركلات الترجيح أمام منتخب أسود التيرانغا -منتخب السنغال- فُوجئ الجميع بالمهندس فرج عامر، رئيس نادي سموحه السكندري السابق، في تغريدةٍ له عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يزف بشرى سارة.

الرئيس السابق لسموحة زعم أنّ مباراة مصر والسنغال ستُعاد، مُستنِدًا إلى ما تَعرَّض له لاعبو منتخب مصر بقيادة النجم العالمي محمد صلاح من مضايقات، لا سيما خلال تنفيذ ركلات الترجيح التي احتكم إليها المنتخبان بعد التعادل في نتيجة مباراتي الذهاب والإياب بفوز كل منتخب على أرضه بهدف دون رد، ولا سيما بعدما تعمّدت جماهير السنغال تسليط أشعة الليرز على عيون لاعبي منتخب مصر في أثناء تنفيذ ركلات الترجيح، مؤكدًا أن تلك الأشعة كانت سببًا في إهدار محمد صلاح للركلة الأولى قبل أن يتبعه أحمد سيد زيزو، لاعب الزمالك، مُهدِرًا الركلة الثانية على التوالي، ومن بعدهما مصطفى محمد.

وتبدلت أتراح المصريين إلى أفراح، ولِمَ لا؟! والتغريدة كتبها رجل رياضي كبير له وزنه، وتسارعت وسائل الإعلام وتنافست بكافة ألوانها في التفاعل مع تغريدة رجل الصناعة المصري الكبير، وفتحت له مساحات للحديث عن تأكيده وثقته الكبيرة في إعادة اللقاء.

ونجح رئيس النادي في أن يجعل أكثر من 100 مليون يعيشون حلمًا جديدًا، لا سيما أن رئيس اتحاد الكرة المصري، جمال علام، اضطر على خلفية تفاعل المصريين مع تغريدة فرج عامر إلى تقديم احتجاجٍ للاتحاد الدولي "فيفا" مطالبًا بإعادة المباراة، وخلال المساحة الزمنية ما بين تقديم الاحتجاج، ورفضه من جانب "فيفا" في يوليو/ تموز الماضي، كان فرج عامر لا يتوانى في مواصلة مسلسله اليومي "بيع الوهم".

واللافت أنه في كل تغريدة كان يتلاعب ويدغدغ مشاعر شعب بلده بتأكيده أنه تلقى اتصالًا رفيع المستوى من مسؤول كبير في "فيفا" يجزم له بإعادة المباراة، وتارة أخرى يتحدث عن وجود أدلة على حدوث مؤامرة على منتخب بلاده برعاية الاتحادين الأفريقي والفيفا.

وبعد أن أعلنت لجنة الانضباط بالفيفا رفض الاحتجاج المصري، والاكتفاء بتوقيع عقوبات على السنغال، اختفى "بائع الوهم" من على الساحة، بعد أن سقطت كل مزاعمه، إلّا أنه عاد من جديدٍ ليعزف على وتر نفس الوهم؛ لكن بطريقة مختلفة، وبذات النغمة عاد قبل أقل من شهر من الآن ليغرد مُبشّرًا بمشاركة مصر في المونديال، وأن منتخب الفراعنة سيكون بديلًا لمنتخب الإكوادور حين تحدثت وكالات الأنباء العالمية عن احتمالية استبعاد المنتخب اللاتيني على خلفية شكوى اتحاد تشيلي الذي قدّم مستندات تؤكد مشاركة لاعب مزور مع منتخب الإكوادور.

وتوهمت من الوهلة الأولى أن وسائل الإعلام والجماهير المصرية لن تسقط مجددًا في فخ هذا الوهم، خاصةً وأن الأمر مرتبط بتصفيات قارة أخرى، وليست لمصر أي علاقة بها، لا من قريبٍ ولا بعيدٍ، ولكن فُوجئتُ بالجماهير ووسائل الإعلام المصرية تبتلع حبّة الوهم المونديالية بكل سعادة! وتوقعتُ أن يخرج فرج عامر معتذرًا من الشعب المصري على بيعه الوهم بعد إعلان "فيفا" رفضه لاحتجاج تشيلي، وتأكيد مشاركة الإكوادور، إلّا أنه عاد للاختفاء دون أي اعتذار.

ورغم أنّ هناك حكمة تقول "يمكن أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت؛ لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت".. لكن فرج عامر نجح في تكذيب مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لينكولن.

شارك: