احتراف الهواية.. الوداد المغربي نموذج!

2023-02-06 16:24
حسرة لدى لاعبي الوداد المغربي بعد الخسارة أمام الهلال السعودي في مونديال الأندية (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كل المغاربة كانوا يُمنون النفس بإعادة أجمل إنجاز حققه المنتخب المغربي بقطر في كأس العالم 2022، في شخص الوداد المغربي خلال الموندياليتو، لكن تحول الحلم إلى كابوس وخيبة، "من بين كل ما يعذبنا لا شيء مثل الخيبة"، الكلام للفيلسوف الروماني أميل سيوران، و"إذا كنت تخشى الخيبة، تجنب الثقة من البداية" والكلام لألبرت أينشتاين، و"أفضل طريقة لتجنب خيبات الأمل فهي ألا تتوقع شيئاً من أحد"، وهذا الكلام لجبران خليل جبران.

لنتفق أولاً أن الخيبة تعني، حسب بعض معاجم اللغة، الخسران، الإخفاق، الفشل، عدم تحقيق المرجو والمأمول والمستهدف، تعني أيضًا بكلمات مرادفة انقطاع الأمل، والإحباط، واليأس، ومن المهم الإشارة إلى أن الخيبة كما قال شكسبير قد تأتي من نفسك حينما تعطي الأشياء قدراً أكبر من حجمها.. ما يحز في النفس ويصيبها بالخيبة عودة الجماهير الودادية والمغربية الحاضرة بكثافة لتشجيع الأحمر مكلومة بسبب هذه الخسارة المذلة، بعدما شجعت وبحت حناجرها بطرق راقية، وكانت سنداً قوياً، لكن للأسف لا حياة لمن تنادي.

خيبات الأمل نتحدث عنها لأننا استشعرناها، وما زلنا، في كثير من أمورنا داخل أنديتنا، فكيف يعقل لفريق مثل الوداد والفائز بكأس الأبطال الأفريقية أن يظهر لاعبوه بذلك المظهر المهترئ والمهزوز، فكانت قوتهم الضاربة الدخول في جدل عقيم مع الحكم، والاحتجاج عليه في كل صافرة، فوزع أوراقاً صفراء وحمراء بسبب تفاهة بعض لاعبيه، فبدل التركيز على اللعب ومواجهة الهلال السعودي، دخلوا في مواجهة مع الحكم، والأنكى من هذا الكيفية التي تم بها طرد عميده يحيى جبران، وتواضع أداء الثلاثي "تكناوتي وجبران وعطية الله" الذي شارك في مونديال قطر رفقة الأسود، وسبب الطرد قمة الاحتراف الهاوي حينما بدأ جبران عميد الفريق..! يخرب (ويحفر) في دائرة ضربة جزاء، وحول حذاءه إلى مِعْوَلٍ، بالله عليكم بماذا يمكن لنا أن نفسر مثل هذه التصرفات وكأننا في دوري رمضاني يجمع فرق الأحياء..!

إلا أن الثابت في هذه التداعيات هو قلق أنصار الوداد المشروع بشأن مستقبل ناديهم منذ مغادرة وليد الركراكي ليدرب المنتخب المغربي؛ إذ تراجعت نتائج الفريق بشكل واضح..

تعاني الكرة المغربية وعلى رأسها الأندية واقعاً مخجلاً، فكل من تابع لقاء الوداد البيضاوي والهلال السعودي إلا وقد خرج بانطباع سيئ، شكلاً ومضموناً، الوداد الذي شاهدناه أول من أمس، تائهاً بسبب أننا فكرنا في المنتخبات وتجاهلنا الأهم والأساس الأندية والبطولات، المزود الحقيقي للمنتخبات، الوداد لم يعد يمتلك لاعبين قادرين على هز الشباك، والذود عن القميص الذي يحملونه؛ لأننا نعتمد في مسابقاتنا على الأجنبي، يجب التغلب على هذه الأزمة، التي دخلنا فيها بسبب نظرتنا الضيقة، لأننا لا نتعامل باحترافية فعلية، وكأن الاحتراف الكروي هو لمجرد الصرف على اللاعبين، والدخول في الشكليات، لأن المساحيق لا تخفي تجاعيد الزمن.

لو كانت المؤسسات تُساير فكرة الاحتراف بضوابطها وقواعدها ما كان لهذا المشهد السريالي الذي عشنا تفاصيله، في لقاء الوداد الأخير ضد الهلال.

فلنفق قليلاً من حلمنا الموعود، ونعود إلى واقعنا الرياضي المفقود، ولنسأل أنفسنا وبكل صراحة وشفافية وواقعية بعيداً عن العواطف، هل وضعنا الرياضي الحالي في الأندية يبشر بالخير؟، فالأندية المحلية هي أساس المنظومة الرياضية في أي بلد في العالم، وهذا واقع لا يختلف عليه اثنان، فهل وضع أنديتنا المتردي يسهم في تحقيق تحدي وحلم جماهير مغربية تموت شغفاً في حب الكرة؟ هل القائمون على الأندية حالياً مع احترامنا الكبير قادرون على النهوض بالكرة المغربية بالشكل المطلوب والذي يؤدي إلى تحقيق الحلم؟

السؤال الذي يطرح نفسه، هل جميع الأندية تعاني من شح الموارد المادية؟ طبعاً لا، وألف لا، التعذر بقلة المادة أصبح كالأسطوانة المشروخة لجميع من يفشل في تحقيق إنجازات في ناديه وتطويره للأفضل، سواء كان ناديه لديه استثمارات مادية كثيرة أو من الأندية التي تعاني والمغضوب عليها فعلاً، وهذا هو الواقع المر الذي يجب أن يعالج وبأسرع وقت ممكن.

المشكلة الأزلية في بعض المسيرين الذين يديرون تلك الأندية، فهناك أندية صغيرة وبدون إمكانات مادية حققت الكثير من المكاسب، وهي لا تملك ربع ما تملكه بعض الأندية الكبيرة، واستطاعت إنجاب العديد من اللاعبين.

كلنا نعلم أن هناك أشخاصاً في إدارات بعض الأندية عفى عليهم الزمن، وأصبحوا ينافسون الديناصورات فمنهم من مضى عليه أكثر من ثلاثين سنة وهو متشبت في كرسي الإدارة.

بقي مهماً القول إن ليس كل الخيبات بداية للفشل، أو الإحباط، ربما يكون بعضها البوصلة التي توجه إلى طريق النجاح، المهم هو كيف يمكننا أن نفعل ذلك وأن نتجنب المزيد من الخيبات؟!

آخر الكلام

ستجتمع إدارة الوداد لرسم خارطة طريق الفترة المقبلة، مع تحديد برنامج خاص بخوض الفريق البيضاوي غمار دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا، مع تقييم فترة عمل المدرب التونسي مهدي النفطي، بعد شهر واحد من توليه المنصب.

وربما سيجدون فيه شماعة جديدة ليعلقوا عليها مشاكلهم، كما تعودنا دائماً.. وللأسف نستيقظ دائماً على نقيض الأزمات.

شارك: