العَدَّاءَة المَغرِبيّة نَوال المتوَكِّل في قَصِيدة

تحديثات مباشرة
Off
2023-06-04 13:31
العداءة المغربية نوال المتوكّل (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يبدو الحُضورُ النّسائي في ميادين الرّياضة باهتًا إذا ما قِسناه بحضور الرِّجال؛ لكنّ ذلك لا ينفي وجود الجنس اللّطيف في السّاحات الرّياضية المتنوعة، كما أن الأمر لا يقتصر على مَحضِ وُجودِهنّ وحُضورهنّ، بل يصلُ إلى تَميّزهنّ ونَجاحهنّ وإثبات جَدارتهنّ.

هل سمعتم من قبل بالرّياضيَّةِ العَدّاءَة المَغربيّة نوال المتوكّل؟

فازت نوال بالميدالية الذهبية في سباق (400م) حواجز في أولمبياد 1984م في مدينة لوس أنجلوس، وكانت آنذاك الفتاة الأفريقية العربيّة الأولى التي تُتَوّج بالميدالية الذهبيّة في الأولمبياد.

مَن نوال المتوكّل؟ وهل استطاعت أن تحقّق الفوز وتثبت كفاءة النّساء العربيّات في مجال رياضة الجَري على الصّعيد العالميّ؟

تنحَدرُ نوال المتوكّل من أُصول عَربيّة مَغربيّة، من مواليد عام 1962م، كانت تدرس في جامعة ولاية آيوا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة.

وممّا يُذكر في هذا السّياق أنّ مَلِك المغرب في يوم فوز نوال وتتويجها أمرَ بتسمية جميع المواليد من الإناث باسمها (نوال) احتفالًا بها وإكرامًا لها.

توالت إنجازات نوال الرّياضية في مجال ألعاب القوى وأحرزت جوائز عدّة؛ فقد حازت ذهبية سباق 400م في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1983م في الدار البيضاء في المغرب، وحصلت على ذهبية العَدو في دورة الألعاب الأفريقية بالقاهرة في العام نفسه، كما حصلت ذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1987م في سوريا.

تُعدّ نوال ناشطةً رياضيّةً بِحقّ، فقد أسَّست منظمة (الجمعية المغربية للرياضة والتنمية)، وتَولّت المتوكل مناصب حكوميّة عدّة في مجال الرياضة، فقد صارت وزيرة الشباب والرياضة في المغرب.

أمَّا الشّاعر محمد نجيب أبو العزم فقد كان له عناية خاصّة بالرِّياضة ورُوَّادِها، وكتب مقطّعاتٍ شعرية خلّد فيها كثيرًا من الرِّياضيِّين العرب والعالَمِيِّن على حَدٍّ سواء، وتحدث عمّا حقّقوه من إنجازات مهمّة. ومن ذلك مُقَطّعتُه الشِّعريّة التي نَظَمها عن الرِّياضيّة المَغربيّة نوال المتوكّل، والتي قال في مَطلعها:

حَوَّاءُ ماذا في الوُجودِ دَهَاكِ      ***       زَاحَمتِ في المِضمارِ وَجهَ فَتاكِ
أَنجَزتِ ما أَعْيَا الرِّجالَ صَنيعُهُ     ***     وحَمَلتِ تاجاً لم يَنَلْهُ سِواكِ

يؤكِّدُ الشّاعر أنَّ العَدَّاءة العربيّة نوال المتوكّل استطاعت تحقيق ما لم يستطع تحقيقه الرِّجال، وتُوّجت فتَوجّهت لها الأنظار والقلوب إعجابًا وفخرًا وسعادة بفوزها وإنجازها.

ويُكمل مُقارنًا بينها وبين غيرها من الرِّياضيِّين العرب من الرِّجال الذين لم يحققوا ما حقّقته من فوز وانتصار، فيقول:

عَادوا كما ذَهبوا بِخُفّين فما     ***      نالوا من الأمجادِ بعضَ سَناكِ
وأضاءَ اسمُكِ باهراً في مَشرق   ***       وبِمغربٍ يَزهو عُلاً بِرؤياكِ

نراه في هذه الأبيات الشّعريّة مخاطبًا العَدّاءةَ نوال بأسلوب المُعتَزِّ بإنجازها، وما جلبته للعرب عامّة وللنِّساء خاصّةً من سرور وبهجة وفخر بها، فَيَستَعِينُ بالمَثَلِ المَشهورِ (عادُوا بِخُفَّي حُنين)؛ للتعبير عن حال مَن لم يفوزوا بأيِّ ميداليّة في الأولمبياد نفسه الذي حصلت فيه نوال على ميداليتها الذهبية على مستوى العالم كلّه، إذ يُضرَب هذا المَثَلُ للدّلالة على مَن يعود من سفرٍ أو من سعيٍ وراء حاجةٍ بدون تحقيقها وإنجازها.

ثمَّ يقول لها الشاعر: لقد عَلَا اسمُك وارتفع كأنَّه نورٌ بَرَّاقٌ في سمائنا كلِّها شرقًا وغربًا مَزْهُوِّينَ بنَصرِكِ ونجاحك اللَّافت للأنظار المُسعِدِ للقُلوب.

ويُتابع الشَّاعر افتخاره بنوال وفوزها، رابطًا ذلك بالعروبة كلِّها، ففوزُ نوال رفعٌ لراية العروبة على مستوى العالَم، لكنَّه يتعجّب من رقّة الأنوثة وقدمَي نوال اللَّتَينِ خُلقتا للسَّير الهُوَينى بوصفها أنثى، إلا أنّها استطاعت على الرغم من أُنوثتها ورِقّتها أن تطويَ ساحات العَدوِ طيًّا يُحقِّقُ النَّصرَ والفَخر، فقد رفعتَ علمَ بلادها خفّاقًا في رِحاب الولايات المتحدة الأمريكيّة، إذ يقول:

قَدَماكِ قد خُلقا لِتخطوَ رِقّةً    ***       ما بالُ مِضمارٍ طَوت قَدماكِ
ورَفَعتِ خفّاقاً ترفُّ ظِلالُه     ***      وبأرضِ أمريكا عَلا بعُلاكِ
بِنتَ العروبةِ كنتِ خيرَ ثِمارِها   ***        ونَوالِها يحلو لنا مَرآكِ

ونَلحظُ في البيت الشّعريّ الأخير مَلمحًا فَنيًّا بديعًا، فقد استعمل الشّاعر اسم نوال ووظّفه في الشعر مبنى ومعنى، إذ قصَد نوال باسمِها وشخصها، واستخدم معنى اسمها للتّعبير عن فرحة العرب جميعًا بفوزها آنذاك.

شارك: