مارسيلو.. من شواطئ الفقر إلى صناعة الفرح!

تحديثات مباشرة
Off
2023-11-21 13:05
أرشيفية | مارسيلو لاعب نادي فلومينينسي البرازيلي بقميص ريال مدريد الإسباني (Getty)
وسام كنعان
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

«يركض لاھثًا على شفير الھاوية تنتظره سماوات المجد، بينما تتوعّده على ضفة مقابلة هوّة الدمار! الحي الشعبي الذي خرج منه يحسده بأسره، فاللاعب المحترف قد نجا من العمل في المصنع أو المكتب!

إنهم يدفعون له من أجل توفير التسلية، لقد ربح اليانصيب. بالرغم من أنه يتوجب عليه أن ينضح عرقًا طيلة الوقت، من دون أن يكون له الحق في التعب أو الخطأ، فإنه يظهر في الصحف وفي التلفزيون، وتردد الإذاعات اسمه، والنساء يتنھدن من أجله، والأطفال يريدون تقليده.

أما هو الذي بدأ يلعب من أجل متعة اللعب، في الشوارع الترابية للأحياء الھامشية، فقد صار يلعب الآن في الاستادات الكبرى من أجل واجب العمل، وھو مجبر على الربح...».  

فيما سبق، يبدو فيه الكاتب الأورغوياني أدواردو غاليانو في كتابه "كرة القدم في الشمس والظل"، كمن يحكي عن معظم اللاعبين البارزين في تاريخ كرة القدم، والذين تمكّنوا من قطاف حصّتهم من المجد، رغمًا عن الفقر والعوز الذي سيّج خطواتهم الأولى، لكنّ الكاتب الأورغوياني في لحظة ما، يشعرك كأنه يحكي عن مارسيلو البرازيلي وحده! 

مارسيلو فييرا دا سيلفا جونيور (1988)، رغم أن المعالم التي تربط النص باللاعب، ليست بذاك الوضوح الهائل، لكّنها تشير إليه ولو بمواربة متقنة، أهّمها أن أفضل ظهير بتاريخ المستديرة بحسب وجهة نظر كثيرين من المختصين وعمالقة الملاعب، غزل قصة عشقه للكرة على شواطئ ريو دي جانيرو، مذ كان في السادسة من عمره، بينما كان يتابع مونديال أمريكا عام 1994 الذي حصدته بلاده، لتنتقل إليه متعة الغرام الأزلي للساحرة المستديرة، عن طريق الطاقة الهائلة التي نقلها الظاهرة رونالدو ومعه روماريو وبقية المجموعة الخالدة، ليس إليه وحده، بل إلى كلّ أطفال البرازيل وشبابها وشيّابه!

هكذا، التحق مارسيلو الطفل بكرة قدم الصالات في بداية مشواره، وذلك منذ سن الثامنة حتى بلغ 13 من عمره، في نادي فلومينينسي البرازيلي الذي يلعب له حاليًّا، ولكن ضنك الحال وتهاوي الوضع المادي إلى حدود ساحقة، جعلاه يقرر ترك الكرة! فقابله النادي بحبّ وعامله كنجم، ودعمه ماديًّا ومعنويًّا، بينما ظلّ الحافز الأوّل قرار جدّه حينها ببيع أغلى ما يملك ليساعده بثمنه، وهو جهاز تلفاز مخصص لمواكبة السامبا أينما حل راقصوها. 

هكذا، عدل الطفل عن قراراه، ولم تتأخر النتائج الطيبة، ففي عام 2005 فاز فلومينينسي ببطولة كاريوكاو، وفي عام 2006 تم اختياره ضمن تشكيلة العام في الدوري البرازيلي لهذا الموسم، وهو بعمر 18 سنة، لتتعقّب نصف أوروبا أثره آنذاك. 

لكن مع نهاية العام، تمكّن «الميرنغي» من حسم صفقته مقابل 8 ملايين دولار، كنوع من التعويض الضروري لأسطورة النادي آنذاك، روبرتو كارلوس، بعد ضمّه عرض عليه الريال إعارته عامًا ليراكم الخبرة، لكّنه رفض بسبب تعلّقه بالنادي الذي قال عنه أخيرًا -عقب تحصّله مع ناديه على كأس «ليبرتادوريس»- بأنه اللقب الأهم في مسيرته على مستوى الأندية، والريال سيتفهّمون ذلك.

رغم أنه سبق أن فرض نفسه في مدريد كأسطورة، وفاز بـ 25 بطولة من بينها خمس بطولات دوري أبطال أوروبا، إذ تم اختياره ضمن تشكيلة الموسم ثلاث مرات، بالإضافة إلى ستة ألقاب في الدوري الإسباني..

 إلى جانب البراعة، أظهر مارسيلو شخصية كوميدية، تحوّلت لمصدر إلهام حقيقي، كما أنه الوحيد في الريال الذي كانت تجمعه علاقة عميقة بكريستيانو رونالدو.

وفي ظهوره الإعلامي الأخير ضمن "بودكاست" ملفت، سحب مارسيلو بساط الاهتمام الجماهيري نحوه، على الأقل في المقاطع المتداولة على السوشيال ميديا والمترجمة إلى العربية، والتي يحكي فيها عن إشكالية المنافسة الأزلية بين برشلونة وريال مدريد، وكيف وازن كريستيانو رونالدو الكفّة، دون أن يتوانى عن صراحة الرعب الذي كان يخلقه ميسي في صفوف مدافعي الخصم، وكيف كانوا يهمسون لبعضهم أن يدعوه وشأنه من دون استفزاز، لأن استفزازه يحفّزه ليقدم أفضل ما عنده، وهنا يصبح المنافس في ورطة! ثم مرر نكتة الدكّة المرعبة التي كان النادي الكتالوني يملكها عندما روى بطرافة مدهشة، كيف مرّة تنفّس الصعداء لأن تيري هنري سيخرج، فإذا بصامويل إيتو ينزل بديلًا له؟!

بعد ذلك، حكى عن رقصته الشهيرة مع "الدون" إثر سخرية رئيس الفيفا آنذاك، جوزيف بلاتر، على طريقة احتفاله كالعسكري، فرّد رونالدو بعدها رفقة البرازيلي الأسمر، بعد كلّ هدف برقصة تنتهي بتحيّة عسكرية!

خلافًا لكثيرين من نجوم كرة القدم، فإنّ مارسيلو لم يكن نجمًا فقط ببراعته الكروية، وكأفضل ظهير ربما في تاريخ المستديرة، بل تربّع بعفوية صريحة في على عرش الكاريزما، وامتلك حسّ الفكاهة والدماثة لحدودهما القصوى، واللتين جعلتاه محبوبًا حتى من ألدّ الخصوم. لعلّه يوازي المقولة البرازيلية الشهيرة: لا شيء كالشمس، فلا شيء يشبه مارسيلو كما يردد محبوه دومًا!

شارك: