لماذا لا تصنع أندية كرة القدم قمصانها الخاصة؟

2021-08-20 04:56
انتقال ميسي إلى باريس سان جيرمان أشعل الحديث من جديد عن أرباح القمصان المباعة بالنسبة للأندية (Getty)
محمد أبو الوفا
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

تردد على مسامع مشجعي كرة القدم، في الأيام الأخيرة، شائعات تتحدث عن بيع متاجر نادي باريس سان جيرمان الفرنسي مليون قميص للنجم الجديد للفريق ليونيل ميسي في أول 24 ساعة من التعاقد معه، وإذا ما قمنا بعملية حسابية بسيطة بضرب مليون قميص في 50 يورو مثلًأ، فإن الناتج سيكون بقميمة 50 مليون يورو للنادي الباريسي في ظرف أيام معدودة، لقد ربح باريس سان جيرمان من صفقة ميسي حقًا...


حسنًا، الخبر أعلاه خاطئ 100% لماذا؟ الإجابة تتمثل في شقّين، صناعيًا واقتصاديًا..


الشق الأول يرتبط بعدد الأقمصة المباعة، إذ لا يقترب العدد الحقيقي من مليون أبدًا طبقًا للسيد فابيان أليغري مدير قسم المبيعات بالنادي في حديثه ليومية "ليكيب" الفرنسية، ربما بين 100 و150 ألف قميص على أقصى تقدير، والسبب أن خطوط الإنتاج في مصانع الشركات المصنّعة للملابس الرياضية لا تستطيع بأي طريقة تصنيع مليون قميص وشحنهم وتوزيعهم عبر المتاجر في غضون يوم، أو حتى 4 أيام، إذ يستلزم الأمر أسابيع في الغالب.

الشق الثاني يتمثّل في الاتفاقيات الاقتصادية بين أندية كرة القدم والشركات المصنّعة للقمصان، والتي تنص بنودها على أن الأندية تربح فقط بين 10 و20% من مبيعات القمصان، بينما تستحوذ الشركات على نصيب الأسد.. في حالة بيع باريس مليون قميص بافتراض صحة الأخبار فإن الربح المتوقع للنادي هو بين 5 و10 ملايين، وليس 50 مليونًا كما تم الترويج في الأخبار.

 

طالما أن الأندية تحصل على نسب صغيرة من الشركات، لماذا لا تصنع الأندية الأقمصة الخاصة بها؟


الإجابة أن الأندية لا تحصل فقط على نسبة بين 10 و20% من قيمة مبيعات القمصان، بل تدفع الشركات المصنّعة قيمة سنوية لخزائن الأندية مقابل السماح بوضع شعار الفريق على صدر الاقمصة التي تبيعها فيما يعرف بحق الرعاية.


مانشستر يونايتد مثلًا يحصل سنويًا على 75 مليون يورو من شركة "أديداس" بينما تنتعش خزائن تشيلسي بـ60 مليون يورو من المنافس الآخر "نايكي"، فيما تدفع شركة "بوما" لأرسنال قرابة 35 مليون يورو. وهذه المبالغ السنوية جعلت الأندية لا تفكر في تصنيع أقمصتها الخاصة، لكن هناك أسباب أقوى بكثير.

ما هي عوائق تصنيع الأندية لأقمصتها الخاصة؟


في الحقيقة أن صناعة الملابس وبالتحديد في المؤسسات العملاقة مثل أديداس ونايكي هي صناعات ضخمة للغاية وتستلزم رأس مال واحتياطي نقدي هائل، إضافة إلى الخبرات التي يتم شراؤها بالمال وتخطيط واستراتيجيات تفوق ما يتم العمل به في أندية كرة القدم بأضعاف الأضعاف، يتعدى الأمر مجرد شراء مواد خام وتصنيعها عبر الماكينات.
 

متجر برشلونة


يعمل لحساب هذه المؤسسات ملايين العمّال والموظفين والمهندسين والفنيين والمصممين والخبراء في كل فروع العالم في شتّى المجالات من علوم وهندسة وفيزياء وكيمياء وإدارة وحسابات إلى آخره، ولا يرتبط الأمر بالإنتاج فحسب، بل هناك عملية التوزيع والشحن التي تتطلب المئات أو الآلاف من العربات والقطارات والسفن، ثم آلاف العمال الذين يعملون في المتاجر والخدمات اللوجستية، والإخصائيين الذين يتولون الترويج والإعلانات.. الأمر يفوق خيال البعض. 

هل شركات صناعة الملابس وأندية كرة القدم تتساوى من حيث الأرباح؟


يقول الخبير الاقتصادي جاك كوهين في مقابلة خاصة مع يومية "إنديبيدنت" البريطانية عام 2018: "لماذا لا تصنع الأندية أقمصتها وتحتفظ بنسبة 100% من الأرباح؟ الإجابة أنها أندية كرة قدم، وليست كيانات صناعية".


يضيف: "لا تستطيع أندية كرة القدم مضاهاة الموارد التي تمتلكها شركات تصنيع الملابس، بل أن أكبر أندية العالم هي كيانات صغيرة للغاية مقارنة بأديداس ونايكي، لوضع الأمور في النصاب الصحيح، فإن نايكي تربح في 3 أشهر فقط (7 مليارات إسترليني) وهو رقم يعادل ما ربحه نادٍ بحجم تشيلسي طيلة تاريخه على مدى 112 عامًا".


الرئيس التنفيذي السابق لـ"أديداس" والرئيس الحالي لنادي بايرن ميونيخ، هربرت هاينر، قال عن الصفقة التاريخية التي أبرمتها الشركة مع نادي مانشستر يونايتد بقيمة 750 مليون يورو على مدار عشر سنوات أو 75 مليون سنويًا، إن أديداس ستربح نحو ملياري دولار مقابل هذه الصفقة.
 

 

هل هناك فرق تصنع أقمصتها الخاصة بالفعل؟


الإجابة نعم، العديد من الفرق الإنجليزية في درجات الهواة، وحتّى ضمن الدرجة الأولى "تشامبيونشيب" وأبرزهم نادي بريستول سيتي، الذي بدأ منذ عام 2014 في تصنيع أقمصته الخاصة عبر بعض الشركات التابعة لمالك النادي ستيف لانسداون والاستغناء عن الشريك السابق "Sondico".

هناك أيضًا العريق شيفيلد وينزداي الذي أصدر أقمصته بعلامة تجارية خاصة لمالك النادي ديجفون كانسيري تسمى " Elev8" قبل عامين طبقًا ليومية "غارديان" البريطانية، ويفكّر النادي المنافس له في المدينة شيفيلد يونايتد في تكرار تجربة جاره بحسب ما صرّح به الرئيس التنفيذي للنادي ستفين بيتس.
 

هل يتم غسل الأقمصة بعد كل مباراة ليعاد ارتداؤها من جديد؟


في السابق كان يتم معاقبة اللاعبين الذين يبادلون الأقمصة مع الخصم عقب المباراة، والسبب أن كل نادٍ امتلك قسم غسيل خاص به لتنظيف الأقمصة وإعادة ارتدائها من جديد في الأسبوع المقبل، استمرت هذه اللوائح حتّى منتصف التسعينيات.. الآن أصبح يُخصص لكل لاعب 3 أقمصة في المباراة الواحدة ولا يُعاد استخدامها مرة أخرى، بل تذهب في الغالب إلى الجمعيات الخيرية التي ترسل في طلب الأقمصة للمساعدة في أنشطتها الخيرية، بعض اللاعبين يحتفظون بالقميص، البعض الآخر يبادله مع الخصم، ومنهم من يتبرع به.
 

متجر ريال مدريد
شارك: