علاقات مضطربة وأعمال فنية.. الوجه الآخر لبيليه خارج الملاعب

2022-12-30 17:22
مسيرة استثنائية لبيليه داخل المستطيل الأخضر وخارجه (Getty)
Source
المصدر
AFP
+ الخط -

 كانت حياة الأسطورة البرازيلية بيليه، الراحل، مليئة بالأحداث خارج المستطيل الأخضر مثل مسيرته المُدججة بالأرقام والإنجازات داخله، حيث تزوّج ثلاث مرات، وعانى من علاقات مضطربة مع أولاده، وأبرم صفقات رعاية رائدة ساعدت لاعبي العصر الحديث على ملء جيوبهم.

وتوفي بيليه، أسطورة كرة القدم العالمية، يوم أمس الخميس 29 ديسمبر/ كانون الأول في ساو باولو، حيث كان يرقد مُنذ قرابة الشهر لعلاج سرطان القولون؛ وحسب التقرير الطبي، أكد مستشفى ألبرت أينشتاين وفاة بيليه كانت بسبب فشل أعضاء متعددة نتيجة تطوّر مرض السرطان.

"تكلم مع طبيبك"

ساهم بيليه في إبرام صفقات سمحت للاعبين الحاليين بتقاضي مبالغ هائلة من اللعبة الشعبية؛ إذ حصد الملايين من خلال ترويجه لشركتي "ماستركارد" و"فيزا" المتخصصتين بنظام الدفع عبر بطاقة الائتمان، وكذلك للصنادل المصنوعة من أجزاء الإطارات التي أعيد تدويرها.

في كتابها "سنيكر وورز"، تروي باربارا سميت بالتفاصيل كيف وقّع بيليه في كأس العالم 1970 اتفاقًا مع شركة "بوما" للملابس الرياضية تقاضى بموجبه 25 ألف دولار في البطولة حينها، إضافة إلى 100 ألف دولار في الأعوام الأربعة التالية، ما أدى إلى انخفاض في مبيعات أحذية أخرى ذات علامة تجارية مهمة.

الصفقة التي خرقت اتفاقًا بين بوما ومنافستها "أديداس" تقضي بعدم التوقيع مع بيليه بسبب الكلفة التي ستنتج عن صراع المزايدات، تمت بشرط أن ينتعل البرازيلي الحذاء قبل مباراة الدور ربع النهائي ضد البيرو.

قام الجوهرة السوداء فعلًا بذلك ما أدى إلى تقاضيه ما يوازي 2.85 مليون دولار في أيامنا هذه، من دون احتساب ما كسبه من مبيعات الأحذية.

إلا أن أشهر حملاته الترويجية كانت لعقار "فياغرا" لمكافحة العجز الجنسي في عام 2002، حيث ظهر في فيديوهات داخل ملعب "ماراكانا" الشهير في مدينة ريو دي جانيرو يقول "تكلم مع طبيبك، سأفعل ذلك".

في العام ذاته، تم تعيينه كأول سفير تعليمي في اليابان لعلاج ضعف الانتصاب بسبب حملته الإعلانية للعقار. إلا أن بيليه زعم أنه لم يستخدم "فياغرا" أبدًا.

حياة عائلية مضطربة

غالبًا ما اعتبر المتوج بلقب كأس العالم ثلاث مرات، شخصًا آمنًا وصديقًا للشركات على عكس الأسطورة الأرجنتينية الراحل دييغو أرماندو مارادونا، إلا أن حياة البرازيلي الشخصية كانت مضطربة أسوة بتلك التي عاشها الفتى الذهبي.

حُكم على ابنه إيدينيو الذي ولد بعد شهرين من تتويج منتخب السامبا بمونديال 1970، بالسجن لمدة 12 عامًا سنة 2017 بتهمة التجارة بالمخدرات وتبييض الأموال.

خلال مقابلة في العام ذاته مع موقع "بليتشر ريبورت"، روى إيدينيو كيف لم يعد بيليه والدًا صالحًا بعد أن انتقل مع العائلة إلى نيويورك للالتحاق بفريق كوزموس منتصف السبعينيات، وانفصاله عن زوجته الأولى روز ميري دوس ريس شولبي بعد فترة وجيزة من وصوله إلى بلاد العم سام.

تصالح لاحقًا مع إيدينيو الذي لعب مع نادي سانتوس الذي نشأ فيه بيليه، إلا أن علاقته مع ابنته الأولى لم تكن جيدة، إذ رفض الاعتراف بساندرا أرانتيس دو ناسيمينتو التي ولدت في عام 1964 إثر علاقة مع خادمة، رغم أن المحاكم البرازيلية أكدت في عام 1996 على أنها ابنته بعد معارك قانونية استمرت خمسة أعوام.

كما أصدرت كتابًا بعنوان "الابنة التي لم يُرِدها الملك" وانتخبت عضوًا في مجلس مدينة سانتوس، وتوفيت في عام 2006 عن 42 عامًا لإصابتها بسرطان الثدي، ورفض بيليه حضور جنازتها كما لم يعترف بولديها.

وعن عمر 76 عامًا، تزوّج للمرة الثالثة في عام 2016 من سيدة الأعمال مارسيا أيوكي البالغة حينها فقط 42 عامًا، التقيا في نيويورك في الثمانينيات لكن علاقتهما بدأت في 2010 بعد أن التقيا صدفة في أحد المصاعد في ساو باولو.

بين السينما والموسيقى

لم تقتصر حياة بيليه على كرة القدم والحملات الترويجية بل خاض أيضًا تجربة فنية مميزة في عالم السينما ولعلّ أبرز أدواره كان العرّيف لويس فرنانديس في الفيلم الكلاسيكي "أيسكايب تو فيكتوري" (الهروب إلى الانتصار)، بجانب الممثلين العريقين الأمريكي سيلفستر ستالون والإنجليزي مايكل كاين، الذي يروي محاولة مجموعة من أسرى الحرب الهروب من معسكر اعتقال ألماني خلال الحرب العالمية الثانية.

من أعماله أيضًا كان فيلم "أي ماينور ميريكل" (معجزة صغيرة) تروي قصة كاهن يطلب من بيليه المساعدة في إنقاذ دارٍ للأيتام، ومسلسل "أوس إسترانوس" (الغرباء) عن علاقة الإنسان مع الكائنات الفضائية.

كما كان له ظهور قصير في الفيلم الكوميدي "مايك باسيت: إينغلاند مانيجير (مدرب إنجلترا)"، بينما رفض الظهور في فيلم وثائقي لشبكة "اي إس بي أن" الأمريكية عن نادي نيويورك كوزموس؛ لأن المنتجين رفضوا منحه مبلغ مئة ألف دولار الذي طلبه.

من ظهور بيليه في فيلم مايك باسيت

ولم يكن بيليه غريبًا عن عالم الموسيقى، إذ بدأ في تسجيل الأغاني في ستينيات القرن الماضي. في عام 2006، أصدر ألبومًا بعنوان "بيليه غينجا" بالتعاون مع الفنان وكاتب الأغاني البرازيلي الشهير جيلبرتو جيل.

بعد عقد من الزمن، أصدر أغنية "إيسبيرانسا" (الأمل) للاحتفال بأولمبياد ريو دي جانيرو 2016، حيث أقيم الحدث العريق للمرة الأولى في أمريكا الجنوبية.

وفي مناسبة عيده الثمانين في العام 2020، سجّل أغنية مع الثنائي المكسيكي رودريغو وغابريال المتوج بجائزة "غرامي" للموسيقى وصفها بـ "هدية صغيرة" بمناسبة عيد ميلاده وللمشجعين.

الحصار في لاغوس

إحدى أكثر التجارب المروعة في حياته حصلت خلال رحلة برعاية شركة "بيبسي" إلى مدينة لاغوس في نيجيريا عام 1976 عندما حصل انقلاب عسكري فاشل.

اغتيل الحاكم آنذاك الجنرال، مورتالا محمد، في محاولة الانقلاب التي أدت إلى إعدام العقيد بوكا سوكا ديمكا رميًا بالرصاص، بعد أن أزاحته القوات الحكومية عن السلطة في غضون ساعات.

وكان بيليه موجودًا في البلاد بالتزامن مع لاعب كرة المضرب الراحل الأمريكي آرثر آش الذي كان يشارك في دورة لاغوس.

من زيارة بيليه لنيجيريا

تم إخراج بطل ويمبلدون حينها من الملعب من قبل جنود مسلحين خلال مباراة نصف النهائي مع مواطنه جيف بوروفياك، وانتهى به الأمر في فندق القصر الفيدرالي مع البرازيلي. وتم تهريب بيليه خارج البلاد ما إن فتحت الحكومة الحدود حيث أصرت السلطات البرازيلية على أن يرتدي نجمها زي طيار لإخفاء هويته.

شارك: