بيليه.. أول أساطير الكرة وأيقونتها

2022-12-30 00:19
أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كثيرًا ما يخوض المهتمون بلعبة كرة القدم منذ عقود طويلة جدالًا شرسًا عنوانه مَن الأفضل في تاريخ المستديرة؟ ومَن يستحق لقب الأسطورة هذا اللقب الأيقوني؟ والذي التصق أولًا بالنجم البرازيلي بيليه ثم بالأرجنتيني دييغو مارادونا قبل أن ينتقل الصراع مع مرور عقدين من القرن الحالي وينحصر في الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.

العقلاء من المحللين يتجنبون عادةً الخوض في هذا الجدال البيزنطي انطلاقًا من المثل العربي القائل "لكل زمان دولة ورجال"، فالإنجازات التي سطّرها بيليه في منتصف القرن الماضي، لم تكن مسبوقة عند النظر إلى الظروف التي كانت تعيشها لعبة كرة القدم وأساليب اللعب المتعارف عليها والتكتيكات الفردية للاعبين في تلك الأعوام.

وجاء بيليه ببشرته السمراء ليكسر أولاً احتكار التفوق الفردي لذوي البشرة البيضاء في اللعبة، ويقلب كافة الموازين رأسًا على عقب بفضل مهاراته الفريدة التي كان يتمتع بها، وينصّب نفسه ملكًا على عرش اللعبة وفي أفئدة الجماهير البرازيلية والعالمية في الوقت ذاته، بعد الفوز بثلاثة كؤوس للعالم أعوام 1958، 1962 و1970 عدا عن الإنجازات الأخرى التي سطرها مع الأندية التي لعب في صفوفها سواء في البرازيل أو أمريكا.

جاء عقد الثمانينات ليشهد بزوغ نجم آخر لا يقل أهمية عن بيليه، ولد وترعرع على مقربة منه في قارة أمريكا اللاتينية وتحديدًا في بوينس آيرس العاصمة الأرجنتينية والتي احتضنت أزقتها وأحياؤها فتى فقيرًا آخر هو دييغو مارادونا الذي عاش ظروفًا مشابهة للظروف التي عاشها بيليه، قبل أن ينطلق كالسهم ويقود منتخب بلاده إلى الفوز بلقب المونديال عام 1986، لينصب نفسه هو الآخر ملكًا على عرش اللعبة لفترة طويلة أخرى، إلى أن أطاحت به فضائح تعاطي المخدرات والمنشطات في منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضي، لكنه في الوقت نفسه لم يستطع أن يزيح بيليه عن المكانة المرموقة التي يحتلها.

شهد مطلع الألفية الثالثة انقلابًا كبيرًا في مفاهيم كرة القدم إذ باتت أكثر جماعية، فالمهارات الفردية التي يملكها اللاعب الموهوب يجب أن تنصهر مع النسيج الفني للفريق، فمعظم الخطط والتكتيكات المتبعة قلصت وبشكل حاد من تطلع اللاعبين الذين يرغبون في الظهور على حساب فرقهم.

ولم يمنع ذلك من بزوغ نجمين لا يشق لهما غبار، شكّل الصراع فيما بينهما مادةً دسمةً لوسائل الإعلام والنقاد والمنظّرين، هما الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو حيث حطمًا أرقامًا مثيرةً على صعيد اللعبة، لكن الغلبة في النهاية كانت لصالح ميسي الذي نجح في الظفر بلقب كأس العالم في نسخته الـ22 بقطر أمّا رونالدو فخرج مع منتخب بلاده من دور الثمانية، ومع ذلك ما تزال المناكفات بشأن الأفضل بينهما تظهر أحيانًا.

عودة إلى بيليه الذي مارس اللعبة لمدة 24 عامًا من عام 1953 وحتى عام 1977، وإنجازاته لم تنحصر في لعبة كرة القدم فقط، بل وفي نشر ثقافة الكفاح واستغلال الموهبة التي حباها الله به لإعلاء شأن بلاده فهو القائل إنني أمثل البرازيل في جميع أنحاء العالم لذلك أحرص على تقديم أفضل ما عندي أينما ذهبت لكي لا أخيب أمل البرازيليين وهذا ما استطعت فعله، وهو القائل أيضاً أينما ذهبت في البرازيل ستجد ثلاث أيقونات يعرفها الجميع: يسوع المسيح وبيليه وكوكاكولا.

ومع تواتر الأخبار اليومية بخصوص حالة بيليه الصحية المتدهورة، سنجد أن البرازيليين يلهجون بالدعاء لهذا النجم الذي توفي عن عمر 82 عاماً بعد صراع طويل مع مرض السرطان، إذ يكفي الاطلاع على الحراك الذي شهدته مواقع التواصل في بلاد السامبا لمعرفة حجم القيمة والأثر الذي تركه خلفه هذا النجم الذي صنع مجدًا تليدًا لم يبلغ أطرافه أي لاعب سواء قبله أو بعده.

شارك: