أكثر من مجرد بصقة.. كيف يساعد البصق في تحسين أداء اللاعبين؟

تحديثات مباشرة
Off
2023-04-16 21:11
البرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب نادي يوفنتوس الإيطالي (Getty)
محمد أبو الوفا
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

قد يبدو مشهدًا مُقززًا عندما يبصق لاعبٌ بعد إهدار هجمة أو إثر إنهاك جسده بدنيًا بفعل الركض أو أثناء فترات التوقف، بيد أن الأمر ليس كذلك بالنسبة للاعب نفسه الذي يعتبر تلك "البصقة" دفعة نحو تحسين أدائه البدني أو الذهني، بصقات في كل مكان، ومن جميع اللاعبين، وفي معظم الألعاب، ما سيجعلنا نتعمّق أكثر في هذا الصدد، وسيدفعنا في نهاية التقرير إلى عنوّنته بـ "أكثر من مجرد بصقة"! كيف ذلك؟

أولًا، يجب معرفة أن هناك نوعين من البصقات لدى الرياضيين عامّة ولدى لاعبي كرة القدم خاصّة، طبيعية وصناعية، ولكل منهما دور مهم.. لنكتشف.

المشروبات الكربوهيدراتية في كرة القدم (البصقة الصناعية)

مألوفٌ لدينا كمشاهدين لكرة القدم الأوروبية رؤية لاعبين، أمثال كريستيانو رونالدو أو هاري كين، يلتقط قارورة بها مادة سائلة من جانب خط الملعب، ويشرب منها بضع رشفات قبل أن يمضمض ويبصقها مرة أخرى. والسؤال الذي يراود الجميع هنا، لماذا يشرب في الأساس ما دام أنه سيبصق ما ارتشفه؟ ما الفائدة من ذلك؟

يقول إسكر غوكندروب، وهو عالم من جامعة برمنغهام الإنجليزية، إنه توصّل مع فريقه البحثي عام 2004 إلى دارسة مفادها أن مضمضة المشروبات الكربوهيدراتية جعلت متسابقي الدراجات أسرع بواقع دقيقة واحدة في كل 40 كيلومتر، من هنا كانت بداية زيادة تأثير تلك المشروبات في عالم الرياضة، وبالأخص في كرة القدم والبيسبول، بعد دخول شركة "Unit Nutrition" الأمريكية التي احتكرت تصدير تلك المشروبات إلى عالم الرياضة.

شهدت صناعة المشروبات الكربوهيدراتية تطورًا هائلًا بإضافة عناصر أفضل وأكثر فاعلية مع مرور الوقت، الإنجليز كانوا أكثر من برع في استخدامها، وظهر أثر ذلك على إنجلترا في مونديال 2018 حيث تمتع لاعبوها بلياقة عالية في تلك البطولة، وقد أخفى الطاقم الطبي كل المعلومات عن نظام اللاعبين الغذائي لدى سؤالهم من الصحافة عن المادة الموجودة في قوارير لاعبي المنتخب الإنجليزي

كيف تساعد المشروبات الكربوهيدراتية في تحسين أداء اللاعبين؟


طبقًا لتحقيق أجرته يومية "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن مضمضة المشروبات الكربوهيدراتية من 5 إلى 10 ثوانٍ تعزز من طاقة اللاعبين بالنظر إلى ملامسة مستقبلات الفم للمواد الكربوهيدراتية، وبدوره، يرسل الفم مؤشرات إلى السيلان العصبي ومنه إلى المخ الذي يُحسّن من حركة العضلات.

إضافة إلى ذلك، فقد توصلت دراسة من جامعة "لوبورو" الإنجليزية إلى أن مضمضمة تلك المواد تجنب الرياضي الشعور بالتلقصات وثقل المعدة، وتمنحه طاقة بنسبة 2 إلى 3%، بيد أن تأثيرها الزمني محدود، إذ لا تدوم أكثر من نصف ساعة، ما يجعل توقيت استخدامها يقتصر على الشوط الثاني من المباريات أو في الأشواط الإضافية.

ويقدم العالم غوكندروب -المختص في التمثيل الغذائي- نظرية جديدة خلص إليها قبل عامين، تشير إلى أن المشروبات الكربوهيدراتية تُحفّز مستقبلات المخ وتوسّع الإدارك العقلي لدى الرياضيين بنسب متفاوتة، لكن تظل العلة الأساسية هي تحديد الكمية والجسد والتوقيت الملائم.. قديمًا قال بيكاسو: "إن بصقت على لوحة فسيعتبرونها لوحة فنية"، لربما استشعر الفنّان الإسباني مدى أهمية البصقة، لكن في مجال آخر، في الرياضة!

مقطع "GIF" لدراسة العالم إسكر غوكندروب عن المشروبات الكربوهيدراتية من حسابه الرسمي في تويتر
 

البصقة الطبيعية

من العنوان نستخلص متن الجواب، هذه هي البصقة الطبيعية التي تحدُث بطريقة عفوية لدى الرياضيين أثناء ممارستهم رياضاتهم، ويفسّر جوزيف دوسو، حارس مرمى المنتخب النيجيري الفائز بالميدالية الذهبية في أولمبياد أتلانتا 1996، الأمر في مقابلة مع موقع "GOAL" بأنه في المقام الأول عبارة عن تفريغ للهواء وتجديد للطاقة بفعل المجهود البدني الكبير الذي يبذله اللاعبون في أرضية الملعب، ويُصر على أنها حركة عفوية غير مقصودة.

جوزيف دوسو حارس مرمى منتخب نيجيريا السابق
 

أرضية وبصقة.. ودلو!


لماذا إذن لا نرى البصق عادة متبعة في ملاعب كرة اليد وكرة السلة على سبيل المثال؟ الاعتقاد السائد أن طبيعة الأرضية تحتم على اللاعبين تجنب البصق عليها، فقد تحدث حالات انزلاق أو سقوط مفاجئ، ما يشكّل خطورة على أجسادهم، وكذلك تنص قواعد سلامة تلك الألعاب على ضرورة تجفيف الأرضية أولًا بأول حال وقوع مواد سائلة عليها، ما قد يعرض أحدهم للعقوبة في حال البصق؛ لذلك نرى ملاعب البيسبول على سبيل المثال تشهد حالات هائلة من البصق، ونرى في ركني حلبات الملاكمة دلوين ليبصق فيهما اللاعبان المتلاكمان.

ملاكمة
الملاكمون يبصقون داخل دلاء خلال المنازلات

علاقة البصق الطبيعي بالحالة النفسية

لا يجد دكتور، بول أونيودو، وهو نائب دائم في لجنة الرياضة الوطنية الأمريكية، حرجاً في الاعتراف بأنه لم يدرك إلى الآن السبب الرئيسي لإفراز اللعاب، لكنه يعتقد أن المسؤول الأول هو الحالة الفسيولوجية للاعبين بفعل التعرّض للضغوطات العصبية أثناء سير المباريات، كما أن مضع العلكة يساعد بشدة على المزيد من سيلان اللعاب، ويختم حديثه في مقابلة مع "نيوريوك تايمز" بأن البصق ظاهرة طبيبعة وليست مرضًا يستلزم التدخل الطبي.

وتشاطر ماري لاميا -وهي مختصة في علم النفس الإنساني- دكتور أونيودو رأيه بشأن العلاقة بين البصق والحالة النفسية للرياضين، وكتبت عمودًا في يومية "أتلانتا" الأمريكية عام 2010 بعنوان (الشعور العاطفي ومسؤوليته عن بصق لاعبي البيسبول).

أبرز ما ورد في مقالة ماري لاميا، هو أن الرياضي يلجأ إلى البصق في 3 مواقف رئيسية: في التغلب على شعور الإجهاد في الغالب، ولتخطي إحساس الخوف والرهبة في الحين الآخر، وبغرض التعبير عن احتقار المنافسين، وهو أمر نادر الحدوث.

شارك: