السعودية في مونديال العرب.. بعد سياسي واستراتيجية كروية

تعتبر الكرة السعودية أحد أهم أقطاب الكرة العربية على مدار العقود الماضية، والدوري السعودي من أكبر الدوريات العربية والآسيوية، وله وزن لا يستهان به من حيث الأداء والمتعة وجودة اللاعبين وقوة المنافسة، لذلك تعتبر الكرة السعودية إضافة لأي بطولة تشارك فيها، وحجم هذه المشاركة غالبا ما يعكس عمق علاقات تتجاوز بعدها الرياضي، ومن نسي كيف تسابقت وسائل الإعلام للحديث عن أول علامات إعادة العلاقات الأخوية إلى طبيعتها بين قطر والسعودية بمجرد إعلان السعودية مشاركتها في  كأس الخليج في قطر، واعتبرها البعض مؤشرا على بداية نهاية الأزمة الخليجية، وهو ما كان.

مشاركة السعودية في كأس العرب في قطر 2021 بالمنتخب الأول ليس من باب الصدفة، وإن كان هذا خيار الفرنسي هيرفي رونار المدير الفني للمنتخب السعودي، فلا يمكن تجاهل الرغبة السعودية على أعلى المستويات الرياضية والسياسية في دعم هذا الخيار كونه يعكس احتراما للعلاقات الثنائية، وخطوة جديدة تؤكد أن السعودية لن تبخل في لعب دورها للمساهمة في إنجاح أي مشروع قطري وإن كان رياضيا، ناهيك عن أهمية الحدث الذي يأتي برعاية الاتحاد الدولي لكرة القدم.

طبعا الأخضر السعودي بحنكة مدربه لا يريد تفويت فرصة تحضيرية للتصفيات المونديالية من خلال مشاركة رسمية يواجه خلالها منتخبات قوية، ففي مجموعته يواجه المنتخب السعودي المغرب والأردن وفلسطين، وقد يلعب في الدور التالي ضد الجزائر أو مصر وهذان المنتخبان غنيان عن التعريف سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي، ومثل هذه المواجهات ترفع من قدرة لاعبي المنتخب السعودي التنافسية، وتكشف لمديره الفني نقاط ضعف قد لا تتكفل المباريات الودية بكشفها وإن كانت ضد منتخبات قوية، أضف إلى ذلك عطش الجماهير السعودية إلى لقب طال انتظاره منذ الفوز بكأس الخليج 2004، وجمع الثنائية العربية بعد أن توج شباب السعودية باللقب العربي في فئة الشباب.

طبعا لا ينتهي الحديث عن العلاقة بين السياسة والرياضة حتى يبدأ من جديد، فالسياسة دائما ما تفرض شروطها وعلاقاتها على الرياضة وتستخدمها كأداة للتأثير، وهنا يأتي الجواب بجملة باتت صكا خاصا بالرياضة، الرياضة تصلح ما أفسدته السياسية، وقد تحولت الملاعب إلى ميادين إعلان رفض تبعية الخلافات السياسية على الرياضة، وما إن هبت رياح الخلافات السياسية الجزائرية المغربية حتى غزت مواقع التواصل الاجتماعي أغنية لجماهير الرجاء البيضاوي المغربي "خاوة خاوة ماشي عداوة".

دخول السعودية المعترك العربي هام لمنتخبها الأول ولايقل أهمية لقطر المستضيفة، خاصة وأن قطر تدرك حجم السعودية كرويا وشغف جماهير الأخضر المتوقع زحفها باتجاه الجارة لدعم منتخب بلادها، وهو ما تراهن عليه قطر لزيادة متعة بطولة عربية تحولت إلى محفل عالمي.