المبارز السباق الزبير بن العوّام.. دروس في الأخلاق الرياضية

2023-02-09 11:54
صورة أرشيفية لممارسة رياضة المبارزة (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، ابن عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمه صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، وهو حواري رسول الله، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد أصحاب الشورى، أسلم وهو في ريعان الشباب والفتوّة وكان عمره حين أسلم ستة عشر عامًا.

ولم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد تعرّض بعد إسلامه للتعذيب، فقد روي أن عمّ الزبير كان يعلق الزبير في حصير، ويدخن عليه بالنار ويفاوضه وهو في حالة التعذيب هذه فيقول: "ارجع إلى الكفر، فيقول الزبير: لا أكفر أبدًا".

أول من سلّ سيفه في سبيل الله للمبارزة

في مكة حيث مُنع القتال وسلّ السيوف، وكانت المرحلة مرحلة كفّ اليد واحتمال الأذى والعذاب؛ سلّ الزبير بن العوام سيفه، فكان أوّل سيفٍ سُلّ في سبيل الله تعالى، وتفاصيل الحادثة يرويها لنا سعيد بن المسيب، إذ يقول:
 أول من سلّ سيفه في ذات الله الزبير بن العوام، وبينما الزبير بن العوام قائلٌ في شعب المطابخ -أي في قيلولته- إذ سمع نغمة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قُتِل"، فخرج من البيت متجردًا السيف صَلْتًا، فلقيه رسول الله صلى الله عليه وسلّم كَفَّةَ كَفَّةَ، فقال: "ما شأنك يا زبير؟" قال: سمعت أنك قُتِلْت، قال: "فما كنت صانعًا؟" قال: أردت والله أن أستعرض أهل مكة، قال: فدعا له النبي صلى الله عليه وسلّم بخير. قال سعيد: أرجو أن لا تضيع له عند الله عز وجل دعوة النبي صلى الله عليه وسلّم".

وفي هذا معنى مهم في من يمارسُ المبارزة وهو أنّ المُبارز الحقّ لا يسكتُ على ضيم ولا يخرس عند انتهاك حقوق العباد ولا ينحاز إلّا للمظلوم ولا يساندُ ظالمًا أبدًا، وهذه من أهمّ الأخلاق الرياضيّة التي ينبغي أن يتحلى بها الرياضيّ في الرياضات كلّها، وفي المبارزة التي تحتوي معاني الرجولة على وجه الخصوص.

مبارزة يوم بدر ودقّة إصابة الهدف

عن الزبير قال: "لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يُرى منه إلا عيناه، وهو يكنى أبا ذات الكرش، فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه فطعنته في عينه فمات"، قال الزبير: "لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطّأت، فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها"، فسأله إياها رسول الله فأعطاه، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخذها، ثم طلبها أبو بكر فأعطاها، فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها، فلما قُتل عثمان وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل.

هذه الحادثة تنقل لنا دقة الزبير بن العوام في إصابة الهدف، حيث استطاع أن يسدد الحربة في عين ذلك الرجل مع ضيق ذلك المكان وكونه قد وزع طاقته بين الهجوم والدفاع، وعلى الرغم من أن ذلك الفارس قد حمى جسده كاملًا بالحديد، لكن الزبير استطاع إصابة إحدى عينيه، فكانت بها نهايته، ولقد كانت الإصابة شديدة العمق مما يدل على قوة الزبير الجسدية، إضافة إلى دقته ومهارته في إصابة الهدف.

وقد كان يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فارسان: الزبير على فرس على الميمنة، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة.

في غزوة الخندق وحيازة وسام "لكل نبي حواري وحواري الزبير"

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم الخندق: "من يأتينا بخبر بني قريظة؟" فقال الزبير: أنا، فذهب على فرس، فجاء بخبرهم. ثم قال الثانية، فقال الزبير: أنا، فذهب، ثم الثالثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكُلِّ نبيٍّ حواريّ، وحواريَّ الزبير".

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وحواري الزبير": أي: خاصتي من أصحابي، وناصري، ومنه الحواريون أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام؛ أي أنصاره والمخلصين له؛ فالحواري: هو الناصر المخلص، فالحديث اشتمل على هذه المنقبة العظيمة التي تميز بها الزبير رضي الله عنه، ولذلك سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنه رجلًا يقول: "أنا ابن الحواري فقال: إن كنت من ولد الزبير وإلا فلا".

لقد حاز الزبير هذا الوسام نتيجة مبادرته ومسابقته في تنفيذ المهام الصعبة دون تردد أو تأخر، فالأوسمة التي ينالها الرياضيّون بأفعالهم الأخلاقيّة ومبادرتهم إلى الخيرات ومسابقتهم في نصرة الإنسان وإغاثة الملهوف أهم بكثير من الأوسمة والميداليات التي يعلقونها على صدورهم وفي أعناقهم عقب المباريات.

شارك: