وداعًا لكرة القدم الحالية.. ماذا بعد توسيع قوائم يورو 2024 ؟

تحديثات مباشرة
Off
2024-05-04 15:31
زيادة عدد اللاعبين في قوائم المنتخبات كان أمرًا متوقعًا قبل انطلاق بطولة يورو 2024 (Getty)
إسماعيل أحمد
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

من حمى إنشاء بطولات جديدة إلى زيادة حضور التكنولوجيا وصولًا إلى زيادة عدد الفرق في كأس العالم والبطولات القارية للمنتخبات والأندية والزيادة في عدد البدلاء وتوسعة قوائم المدربين وآخرها بطولة يورو 2024 القادمة، تغييرات متسارعة تشهدها البطولات الكبرى، ومعها قد يقول عشاق الساحرة المستديرة وداعًا لكرة القدم التي يعرفونها حاليًا وسيكون عليهم أن يشدوا الأحزمة استعدادًا للانتقال إلى عصر جديد.

ولعل الرابط المشترك بين جميع التغييرات التي عرفتها اللعبة في السنوات الأخيرة هو تحول كرة القدم نحو نمط استهلاكي وصناعة تهتم قبل أي شيء بالعائد المادي الذي يتأثر بحسابات الربح والخسارة؛ إذ إن الفوز بلقب من الممكن أن يرفع ناديًا إلى مستوى اقتصادي أعلى، والخسارة قد تودي به إلى هاوية الإفلاس، ولأن نتائج المباريات تتوقف على تفاصيل دقيقة جدًا، كان من الضروري جلب تقنية الـ"VAR" للعبة وعين الصقر، وقبل ذلك وصلت التكنولوجيا إلى كواليس الأندية والتدريبات وغرف صناعة قرارات التعاقدات.

زيادة اللاعبين في قوائم يورو 2024 أمر كان متوقعًا

في ضوء المعطيات السابقة كان من المتوقع زيادة عدد اللاعبين في قوائم المنتخبات المشاركة في كأس الأمم الأوروبية يورو 2024 التي تستضيفها ألمانيا الصيف القادم، بعد تطبيق الفكرة في بطولات أخرى كان آخرها النسخة الماضية من كأس أمم أفريقيا.

ويستعرض هذا التقرير من winwin عددًا من التغييرات التي من المتوقع أن يشهدها عالم الكرة مستقبلًا، بعد ازدياد ظهور مؤشراتها في السنوات القليلة الماضية في العديد من البطولات وآخرها بطولة يورو 2024 المرتقبة في ألمانيا.

بطولات جديدة واستمرار نجاح فكرة السوبرليغ

رغم الفشل الذريع الذي مُنِيَ به مشروع دوري السوبر الأوروبي وانهياره بعد 24 ساعة من الإعلان عنه، فإن المؤشرات التي تشهدها الساحة الكروية تدل على أن الفكرة ما زالت قائمة ولم تمت.

ومن المفارقات الغريبة أن فكرة السوبرليغ حققت نجاحًا منقطع النظير بعد إخفاقها في موطنها الأصلي الذي جاءت منه أوروبا؛ إذ ظهر لاحقًا الدوري الأفريقي الذي كان يحمل اسم "دوري السوبر الأفريقي" قبل تغييره إلى الاسم الحالي، وانتقلت الفكرة إلى آسيا التي ستشهد الموسم القادم ولادة دوري أبطال آسيا للنخبة، وتُوجِّت بإقامة كأس العالم للأندية بنظامها الجديد.

وعلى غرار ما حدث في فكرة زيادة القوائم التي طُبقِّت في أفريقيا أولًا ومن المنتظر تطبيقها في بطولة يورو 2024 القادمة، قد تكون هذه البطولات المستحدثة بمثابة تجارب لجس النبض واستكشاف المزايا والعيوب وحساب المكاسب والخسائر قبل أن يتبنى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فكرة السوبرليغ في مسابقاته للأندية من دون أن يمنح فلورنتينو بيريز براءة اختراع، من خلال استنساخ ما حدث في القارات الأخرى بتغيير أنظمة المسابقات من دون استخدام اسم السوبرليغ، ولعل التغيير الذي حدث في نظام دوري أبطال أوروبا للموسم القادم الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.

حمى البطولات الجديدة لم تقتصر على الأندية فحسب؛ إذ دخلت المنتخبات على الخط أيضًا، والبداية كانت دوري الأمم الأوروبية قبل التوجه نحو تطبيقها في بطولة يورو 2024 المرتقبة، لكن الفكرة لم تُطبَّق حرفيًا في قارات أخرى مثل آسيا وأفريقيا، لمحدودية القدرات التنظيمية والمالية والتقنية والفنية وصعوبة ضبط الروزنامة في ظل عدم تبني فكرة لعب مباراتين أسبوعيًا في القارتين وربما عدم جاهزية اللاعب الآسيوي والأفريقي لتطبيقها؛ لذلك كان اللجوء إلى حل بديل من خلال إقامات بطولات دولية رباعية ودية على غرار ما حدث في مصر والجزائر مؤخرًا.

زيادات جديدة في القوائم وعدد البدلاء

الاستمرار في استحداث بطولات جديدة سينتج عنه زيادة عدد المباريات وازدحام الروزنامة وتقلص مدة إجازات اللاعبين، ما يستدعي الحاجة إلى وجود عدد أكبر من اللاعبين في قوائم المنتخبات والأندية؛ ولذلك لن يكون من المستبعد توسيع القوائم لتشمل 28 أو 30 لاعبًا، وزيادة عدد البدلاء في المباراة الواحدة إلى 7 أو 8، واختفاء الشكل التقليدي لنموذج اللاعب الأساسي والبديل لمعظم اللاعبين؛ فباستثناء كبار النجوم سيتقلص الفارق بين عدد الدقائق التي سيحصل عليها من يبدأ المباراة والبدلاء.

لن يتوقف الأمر عند ذلك؛ إذ إن تعامل الأندية مع عدد لاعبين أكبر سيجبرها على زيادة أفراد طواقمها الفنية واستحداث وظائف جديدة مع الاستعانة بالتكنولوجيا أكثر لإدارة العدد الكبير الذي تمتلكه من اللاعبين.

العدد على حساب الكيف

مع ظهور بطولات جديدة والحاجة لعدد لاعبين أكبر، سيزداد الضغط على أكاديميات كرة القدم لإمداد سوق العمل بالزاد البشري الذي تحتاجه، وستهتم الأكاديميات بتخريج أكبر عدد ممكن من المواهب.

ليس بالضرورة أن يمتلك لاعبو المستقبل موهبة خارقة، يكفي فقط أن يتقنوا أبجديات كرة القدم ويحفظوا الأسس والتعاليم التكتيكية بما يكفي لتطبيق أفكار المدربين.

بطالة كروية أكبر وعمر افتراضي أقل

مع العدد الكبير من خريجي أكاديميات كرة القدم وشيوع اللاعبين من ذوي المواهب المتوسطة والعبء الذي من المتوقع أن تتكبده ميزانيات الأندية بسبب زيادة كتلة الرواتب بالاضطراد مع الزيادة في قوائم اللاعبين، سيكون هناك الكثير من الخيارات لدى الأندية وسنشاهد المزيد من اللاعبين من دون عقود على غرار دافيد دي خيا.

ومع الاستنزاف الكبير للاعبين بازدحام الروزنامة وزيادة عدد المباريات في الموسم الواحد ومع كثرة اللاعبين المتاحين سيصبح العمر الافتراضي للنجوم في المستوى الأعلى من كرة القدم أقل وسيكونون مجبرين دائمًا على ترك أماكنهم لنجوم صاعدين.

سيطرة الآلة واختفاء رونالدينيو وانقراض فيرغسون

في ظل حسابات الربح والخسارة التي تعمل بها الأندية لم تعد الموهبة أولوية، يكفي أن يكون اللاعب متوسط الموهبة محدود القدرات فنيًا لكنه يعمل كآلة محشوة بقدر كبيرة من التعاليم التكتيكية، ومستعد لتقديم أكبر قدر ممكن من التضحية البدنية وتطبيق أفكار مدربيه.

هذا جعل معظم لاعبي الجيل الحالي لا يلعب كرة القدم ليستمتع بل يتعامل معها كوظيفة؛ ولذلك اختفى نموذج رونالدينيو الذي كان يدخل لملعب كرة القدم من أجل المتعة الخالصة بعيدًا عن حسابات المال والشهرة والنجومية، في أوج فترة نجوميته مع برشلونة كان يُرى داخل المستطيل الأخضر مبتسمًا دائمًا، وبعد فوزه بكل الجوائز الفردية والجماعية الممكنة فقد الشغف سريعًا واستسلم لغريزته الإنسانية، وزلاته خارج المستطيل الأخضر تُذكِّر الجماهير دائمًا بأنه بشر قبل أن يكون لاعب كرة قدم وليس آلة جامدة.

يحظى كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي بالثناء كثيرًا بسبب قدرتهما على استدامة النجاح، لكن الكثيرين ينسون الالتفات إلى ما وراء ذلك من التضحيات الكبيرة على مستوى الحياة الشخصية، في نموذج مناقض تمامًا للساحر البرازيلي الذي يصعب -في كرة القدم الحالية- تخيل وجود موهبة نقية مثله تلعب للمتعة الخالصة بعيدًا عن أي حسابات أخرى.

ليس رونالدينيو وحده من اختفى؛ إذ إن نموذج السير أليكس فيرغسون الذي أمضى نحو ربع قرن في تدريب مانشستر يونايتد يبدو غير قابل للتكرار، في ظل الكم الهائل من البيانات التي ينبغي لأي مدير فني التعامل معها يوميًا، من دون الحصول على فرصة لالتقاط الأنفاس بسبب ازدحام الزوزنامة وقصر الفاصل بين المواسم، وإعلان يورغن كلوب الرحيل عن ليفربول مثال حي يجسد ذلك.

في كرة القدم الحديثة سنقول وداعًا للمدرب الذي يستمر لسنوات طويلة، ووداعًا للموهبة التي تلعب لتستمتع بعيدًا عن حسابات الربح والخسارة، وأهلًا باللاعب النمطي "الآلة" الذي يتعامل مع كرة القدم كوظيفة ويطبق حرفيًا أفكار المدربين.

أمريكا اللاتينية الملاذ الأخير

تبدو أمريكا اللاتينية بعيدة عن ملاحقة التطورات المتسارعة في كرة القدم الأوروبية إلا بالحد الأدنى الذي يسمح لها بالبقاء، وستكون خلال السنوات القادمة أمام خيارين؛ أن تصيبها العدوى من الكرة الأوروبية، أو أن تبقى الملاذ الأخيرة لمتعة كرة القدم الخالصة النقية ونستمر برؤية سحرة برازيليين جدد وراقصي تانغو بارعين.

الخيار الثالث أن ينقلب السحر على الساحر الأوروبي وتغدو الكرة التي يقدمها رتيبة ومملة، فيعود إلى المبادئ القديمة التي انقلب عليها، ويستنجد بمواهب نقية على غرار الأخيرة التي صدرتها القارة اللاتينية إلى نظيرتها العجوز والتي تضمنت أسماء مثل فينيسيوس جونيور ورودريغو جوس وجوليان ألفاريز، بعدما كبّلتْ القيود التكتيكية الكثيرة أقدام الموهبة الأوروبية ومنعتها من الظهور.

شارك: