هل انتهت حقبة "التيكي تاكا" في كرة القدم الإسبانية؟

2023-03-03 20:51
لويس إنريكي مدرب منتخب إسبانيا السابق لكرة القدم (Getty)
محمد أبو الوفا
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

ربما انتهى نهج "التيكي تاكا" في المنتخب الإسباني برحيل آخر عقولها المدبّرة، المدرب لويس إنريكي (52 عامًا)، الذي انفصل عن منتخب "لا روخا"، في أعقاب إقصاء إسبانيا من ثمن نهائي كأس العالم 2022، أمام المغرب.

ذاع صيت مصطلح "التيكي تاكا" إبان فترة المدرب الإسباني بيب غوارديولا (51 عامًا) مع برشلونة بين عامي 2008 و2012، حينما سيطر البارسا على الكرة في إسبانيا وأوروبا، بفضل طريقة اللعب المبتكرة، القائمة على الاستحواذ، والتحرك من دون كرة.

فاجأ بيب خصومه بالطريقة الجديدة القائمة على الاستحواذ الدائم وتدوير الكرة في كل أرجاء الملعب، لإجبار الخصم على ترك فراغات في الدفاع، ما يسمح بالتمرير في العمق وصناعة الأهداف، وقد ساعده ثلاثية الوسط الأسطورية، المؤلفة من اللاعبين الإسبان الدوليين تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسيرخيو بوسكيتس.

ويرى محللون أن غوارديولا طوّر الكرة الشاملة، التي اخترعها المدرب الهولندي رينوس ميتشلز في السبعينيات والثمانينيات، ومزج معها أفكار واضحة من المدرب الإيطالي الأعظم في كل العصور، أريغو ساكي، لكن في النهاية وضع بيب بصمته الخاصة.

التيكي تاكا.. حمض برشلونة النووي

ارتبط نهج "التيكي تاكا" ببرشلونة منذ المدرب ميتشلز في الثمانينيات، مرورًا بمواطنه يوهان كرويف في التسعينيات، وصولًا إلى غوارديولا الذي عانقت معه "التيكي تاكا" عنان السماء، لكن في الوقت الحالي يبدو أن "التيكي تاكا" قد باتت طريقة بالية.

برزت "التيكي تاكا" بوصفها طريقة لعب "ثابتة" للمنتخب الإسباني مع تولي إنريكي تدريب "الماتادور" عام 2018؛ فإنريكي مدرب سابق لبرشلونة، ويتبع النهج التكتيكي نفسه، أو ما يسمي "الحمض النووي للبارسا".

ليونيل ميسي والمدرب لويس إنريكي
أشرفَ لويس إنريكي على تدريب برشلونة بين 2014 و2017 (Getty)


بداية انحدار التيكي تاكا

لكن في الوقت الحالي، ومع تطوّر طرق الدفاع وتعقيد تكتيك المدربين، لم تعد "التيكي تاكا" تبلي جيدًا أمام الدفاعات المتكتلة، وقد انكوى برشلونة بنار "التيكي تاكا" في المواسم الماضية، عبر نتائج مخيبة للنادي الكتالوني في مسابقة دوري أبطال أوروبا.

حتّى على مستوى المنتخب الإسباني، لم تفلح طريقة لعب "التيكي تاكا" أمام المغرب في ثمن نهائي مونديال قطر، وصوّب الإسبان مرة واحدة فقط على مرمى الحارس المغربي ياسين بونو طوال 120 دقيقة، فقد تعطّلت جُل مفاتيح لعب إسبانيا أمام تكتّل المغاربة.

اختيارات المدرب إنريكي لقائمته المشاركة في مونديال قطر شابها حبه الواضح لـ"التيكي تاكا"؛ فقد استدعى "لوتشو" أكبر عدد من لاعبي برشلونة الذين يتقنون هذه الطريقة، بل واعتمد في وسط الميدان على ثلاثي البارسا، غافي وبيدري وبوسكيتس، إلى درجة أنه لم يجد مكانًا للاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي المتميّز رودري، فأشركه في مركز قلب الدفاع.

دعوات المقاطعة تتعالى

باتت الأصوات المنادية بإبعاد طريقة لعب "التيكي تاكا" من منتخب إسبانيا في الوقت الحالي أكثر وضوحًا وعددًا. ميشيل سالغادو، صاحب 53 مباراة دولية مع إسبانيا، قال نصًا بعد الإقصاء أمام المغرب: "تسببت (التيكي تاكا) في ضرر بالغ لكرة القدم الإسبانية".

أساطير إسبانية مرموقة رفضت طريقة "التيكي تاكا"، ودعت إلى الاعتماد أكثر على الكرة المباشرة نحو المرمى، والنسق المتوازن بين الدفاع والهجوم؛ إذ فشل المنتخب الإسباني في كل الاستحقاقات الدولية منذ آخر تتويج له، في يورو 2012.

وهاجمت يومية "آس" الإسبانية طريقة "التيكي تاكا" بعد الإقصاء أمام المغرب، قائلةً: "الكثير من التمريرات والقليل من التسديدات"، فيما كانت صحيفة "سبورت"، الموالية لبرشلونة في الأساس، أكثر وضوحًا، وكتبت: "إسبانيا تهيمن على الكرة، لكنها تعجز عن التسجيل".

عقد من الإخفاقات الإسبانية

ربما حقق إنريكي نتائج إيجابية في بعض البطولات مع إسبانيا، لكنه لم يعانق الكأس البتة؛ فقد تهشّمت طموحاته عند نصف نهائي يورو 2020 ونهائي دوري الأمم الأوروبية 2021، وبات المدرب الكتالوني يعي جيدًا أن طريقته لن تفلح مع المنتخب الإسباني.

وعلى مستوى كأس العالم، لم يتقدّم "لا روخا" إلى أبعد من ثمن النهائي، منذ التتويج بنسخة جنوب أفريقيا 2010؛ فقد ودّع المنتخب الإسباني مونديال البرازيل 2014 من دور المجموعات، وخرج في مونديال روسيا 2018 من الدور ثمن النهائي، قبل أن يتكرر المشهد نفسه، ويُقصى المنتخب الإسباني من دور الـ16 لمونديال قطر 2022.

وإجمالًا، خاض منتخب إسبانيا 11 مباراة في كأس العالم منذ تتويجه بمونديال 2010، والمفجع أن الفريق حقق 3 انتصارات فقط في هذه المباريات.

إقالة أو استقالة؟

في سياق آخر، تناولت وسائل إعلام رحيل إنريكي عن المنتخب الإسباني بصيغة خاطئة، فقد عنونت بعض الصحف بأن إنريكي قد "أُقيل"، فيما ذكرت صحف أخرى أن "المدرب قد استقال"، والواقع أن لفظي "الإقالة" و"الاستقالة" لا ينطبقان على مشهد رحيل إنريكي عن تدريب إسبانيا.

الصيغة الصحيحة أن إنريكي لم يجدد عقده مع المنتخب الإسباني؛ أي أن الطرفين لم يتفقا على التجديد، وتفرّقا بصورة ودّية، مع نهاية العقد في ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

لكن المثير أن المدرب المؤقت للمنتخب الإسباني، لويس دي لا فوينتي، يحبذ طريقة "التيكي تاكا"؛ لذلك من المرجّح أن تستمر انتقادات الصحافة المحلية، بشقيها المدريدي والكتالوني، إلى حين التعاقد مع مدرب جديد يلعب بالطرق التقليدية.

شارك: