فايز قزق يبوح بأسراره: ليتني كنت لاعب كرة قدم!

تحديثات مباشرة
Off
2023-06-03 16:53
الممثل السوري فايز قزق (facebook/aljadeedtv)
وسام كنعان
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يبدو الممثل السوري المرموق، فايز قزق، كأنه معنيّ بالمسرح أكثر من غيره، أو على الأقل فإن الشغف والانتماء المطلق لخشبة المسرح يخصّه دون كثير من رفاق مهنته! تجده يحتفي حتى اليوم بما حققه -مثلًا- عرضه "ريتشارد الثالث" لوليم شكسبير وقد أخرجه الكويتي سليمان البسّام، وكان من بطولته.. قدّمه على أهم المسارح الأوروبية والعالمية الكبرى، واحتفت به صحافة العالم، كما يمكن أن يستعيد معك ذكريات "تقاسيم على العنبر" و"حمّام بغداي" لجواد الأسدي.

فعليًّا، عمّر قزق أرشيفًا مُترََف الغنى، ومحصّنًا بوجهات نظر عميقة، لكّنها لم تكن يومًا بعيدة عن المرونة والنقاش حتى مع طالب مستجد! في هذا الأرشيف عشرات العروض المسرحية ممثلًا ومخرجًا، وعشرات المشاريع الطلابية مشرفًا على تخرّجهم، ومن بينهم كبار النجوم السوريين اليوم، كذلك عشرات المسلسلات منها دور حسن الصبّاح في "عرم الخيّام" وعبد الملك بن مروان في "الحجّاج" وسلسلة "أمل ما في" برفقة النجم بسام كوسا.

بينما صنع جماهيريته بسينما عبد اللطيف عبد الحميد "رسائل شفهية"، و"ما يطلبه المستمعون"، و"خارج التغطية" إذًا، القاعدة بالنسبة لفرق واضحة: الانصراف نحو "المعهد العالي للفنون المسرحية" وتبديد كل الوقت والجهد في مختبراته وبين طلابه، تلك وصفته السحرية، لاجتراح الشغف والتفوق على نفسه، كأنه يُولَد من جديد!

لمع خلال الموسم الرمضاني قبل الماضي في مسلسل "كسر عظم" (كتابة علي صالح وإخراج رشا شربتجي)، ثم انفرد مجددًا بمطرحٍ متقدّمٍ يليق به، إذ يصنع الأستاذ الذي يعمل جنبًا إلى جنب مع طلّابه مزاج متابعيه، ويحقق -ميدانيًا- صحّة نظرياته الأكاديمية، في مسلسل "الزند ذئب العاصي" (عمر أبو سعدة وسامر البرقاوي) إذ قدّم شخصية "الشيخ إدريس": باقتراح تجسيدي عالي الدهشة، وصيغة مدروسة بحرفة، لدرجة تجعلك معجبًا بأداء صاحب الشخصية وقوة حضوره، وليس بالشرّ الطافح من سلوكياتها.

في آخر حواراته الإذاعية حكى فايز قزق جملة تركت رنّتها بحدّة لدى محبي الرياضة قال: "كنت أحلم أن أصبح لاعب كرّة قدم"؛ لكي نبحث عن جذر هذه الجملة، كان لابد من سؤاله عن البدايات التي كان عليها كلاعب كرة قدم.

فيقول في حوار مع "winwin": "كانت كرة القدم بالنسبة لي واحدةً من عواملِ إثباتِ الذات بين مجموعة من أصدقاء المدرسة أو الحي. وهذا يعود إلى الفريق الذي ننتمي إليه، أحيانًا كنا نلعب في المدارس وأحيانًا في فرق محلية مثل: سبينة، المزة، برزة، دوما.. لهذا كانت هناك مجموعة محاولات توحيد اللباس تعتمد على قدرة الفريق اصطحاب أكبر عدد ممكن من القمصان بلون واحد أو بصيغة مُوغِلة في البساطة مبللة باللهفة والحماس".

الممثل السوري فايز قزق

يضيف: "المكان الذي كنا نلعب فيه، كان فيما مضى حقل حنطة يُروى بماء «عين منين» التي أدّت بسبب نضوبها إلى جفاف الحقل وموت الزرع، ومن ثم تحوّل إلى ملعب كرة قدم بالمعنى البدائي للكلمة. كنا نجمع بعضنا ونلعب طوال النهار وفي الصيف نبدأ اللعب بعد الظهر، وإن كان القمر بدرًا نلعب على ضوئه حتى التاسعة والعاشرة ليلًا".

يستذكر شيئًا مختلفًا من ذاك الماضي: "عندما كنت أسجّل هدفًا، كنت أعتبرها انتصارًا كبيرًا جدًا يحق لي التباهي به، سواءً سجلت الهدف بالقدم أو بالرأس.. كنت أحب هذا الشعور كثيرًا، في ذلك الوقت كان يدهشني بعض الشباب الذين يمتلكون القدرة على التصويب من بعيد، فيما كنت أحب التسجيل بعد مراوغات ومناورات وتخطّي دفاع الخصم، بالإضافة إلى أنني لم أكن أنانيًّا في اللعب أبدًا"؟

وأضاف: "عندما أدرك أنني سأفقد الكرة ولن أستطيع تسجيل هدف، أعطيها إلى شخصٍ آخر من الفريق، هذا الفعل جعلني أخسر أهدافًا، فكنت الشخص الذي يصنع الهدف؛ لكن لا يسجلها. بعض الأحيان كنت أسجل هدفًا بضربة رأس وهذا الأمر كان محببًا لي جدًا، خصوصًا أنني كنت أمتلك لياقةً بدنيةً تمكنني من الطيران إلى الأعلى لأنني لعبت في الفترة ذاتها الجمباز داخل "ثانوية بسام حمشو" ضمن المرحلة الإعدادية وبداية الثانوية،  وهذا ما جعل جسدي رياضيًّا تمامًا، وقد طوّعته لصالح المسرح لاحقًا، وأهم العروض التي استفدت فيها على المستوى الجسدي كان مسرحية "رأس المملوك جابر سنة 1984".

أمّا عن مرحلة أفول الحلم فيقول: "كرة القدم بدأت تتلاشى مع دخولي عالم الفنون؛ لكنني بقيت متعلقًا بها.. وألعبها بين فترة وأخرى، لعبنا مرات قليلة على أرضٍ عشبية في مدينة نادي الوحدة".

وواصل: "عند دخولي المرحلة الثانوية وتحسسي للفنون، الرقص، الدبكة، والتمثيل، مات هذا الطموح! حينها بدأت أذهب باتجاه المسرح، وابتعدت عن هذه اللعبة تمامًا ليصبح فيما بعد تواصلي معها مُختَصرًا في دور المشاهد وعمّا يلفته في مهارات اللاعبين.

وأكثر مَن يحبه من بين الأسماء المكرسة يقول: "أكثر ما كان يدهشني عند مشاهدتي المباريات هو اللاعب الذي يستطيع كسب أهداف أو تمرير كرته من مكانٍ بعيد ليتلقاها أحد لاعبي فريقه بكل هدوء، عالميًا أحب بيليه. لأنه لاعب يمتلك مهارة عالية وقدرات جسدية مهمة، ومارادونا الاستثنائي في عالم كرة القدم وصاحب القدرة الفائقة على التملص من الأجساد المنافسة له بمنتهى البراعة واللياقة، والسير حتى النهاية لتسجيل الهدف بسلاسة. رونالدينيو أيضًا هو لاعب ماهر، فيه شيء طفولي حتى في شكله ظل طفلًا.. هذا اللاعب جدًا مهم وأتابعه دائمًا".

واستطرد: "أذكر أنه كان هناك مجموعة من اللاعبين تستفزّني براعتهم ويمكنني القول إنني كنت أغار منهم حتى بعد تقدّمي في السن، لكن مع دخولي في العلوم وبعض الأشياء التي تتحدث عن الرياضة وتسييسها صرت أشعر أن كرة القدم بدأت تخسر براءتها وتتحول إلى سياسة".

فيما يأخذ على كرة القدم ذكوريتها فيقول: "إذا تعمّقنا بعلم اللغة أكثر نرى أن الملعب، الحارس، اللاعب، الاحتياط، الخط، المركز، وغيرهم.. كلهم ينتمون إلى الفئة المذكرة، باستثناء الكرة والصافرة".

وعن خصوصية هذا الحلم يبوح بالقول: "هناك أسماء كنت أحلم أن أكون بينها، هذا في مرحلة شبابي بين الخامسة عشرة حتى العشرين.. لكن لعدم وجود محفّزات حقيقية أو منظّمين؛ أصبح هذا الحلم بعيد المنال، فبدأت بعد دخولي "المعهد العالي للفنون المسرحية" بصوغ ما شكلته من طالبٍ ثم دراستي خارج سوريا، وبعدها العودة".

وعمّا تعلمه من هذه اللعبة، قال: "تعلمت حب الآخرين، وحب الجسد الذي عليه أن يتحرك يوميًّا لثلاث ساعاتٍ تقريبًا؛ لأن هذا شيء مهم جدًا، إذ يمنحك شعورًا طويلًا بالنشاط والحيوية.. لذا كنت أحاول الحفاظ على هذه العادة ما أمكنني، الرياضة بشكل عام مهمة، وخاصةً كرة القدم المُجهدة.. وعند ممارستي إيّاها؛ كانت تمنحني إحساسًا مختلفًا بأن جسدي كنز يجب أن يظل متطورًا وقادرًا على أن يُلبي ما أريد منه في لحظات العمل".

شارك: