على الغانيين المغادرة.. أطرف عداوة كروية بين غانا ونيجيريا

تحديثات مباشرة
Off
2024-01-18 21:26
بين غانا ونيجيريا.. كلاسيكيات كروية وعداوة طريفة (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

إن كنت تجيد الإنجليزية؛ فلعلك اصطدمت يومًا ما بمقطع فيديو أو تعليقات لأحد مشجعي غانا أو نيجيريا، وهو يسخر من الفريق الآخر عندما يتعثر في كأس أمم أفريقيا أو كأس العالم.

لست وحدك، فالعداوة التاريخية بين نيجيريا الملقبة بـ"النسور الخضر" وغانا هي أحد أشرس الصراعات الكروية بين البلدين في أفريقيا .. وأطرفها!

لفهم أكبر لتلك التنافسية الشديدة بين نيجيريا وغانا المعروفة بلقب "النجوم السوداء"، كان علينا أن ندرك أن أهل مكة أدرى بشعابها؛ لذلك سألنا الصحفي النيجيري لولادي أديوي، والصحفي الغاني كينت منساه اللذين كشفا لنا عن تفاصيل مثيرة.

بين غانا ونيجيريا.. لغة وتجارة وهجرة

يقول منساه: "التنافس بين نيجيريا وغانا لا تعود جذوره إلى كرة القدم، بل إلى موروث ثقافي بين البلدين اللذين يُعَدّا الوحيدين في محيطهما ممن يتحدثون اللغة الإنجليزية كلغة رسمية وليست الفرنسية، كما هو الحال مع أغلب الدول التي تحيط بهما.

وبالنظر إلى أن الغانيين لا يتحدثون الفرنسية فإنه كان من الصعب عليهم التعامل تجاريًا مع توغو وبوركينا فاسو وكوت ديفوار المجاورين لهم، لذا كان المقصد الطبيعي لهم هو التجارة مع النيجيريين الذين يتحدثون نفس لغتهم؛ حتى لو اضطروا إلى عبور توغو وبنين من أجل هذا الأمر، والعكس كذلك كان مع النيجيريين الذين تبادلوا الزيارة وقدموا إلى غانا بنفس الكثافة، وذلك في ثمانينيات القرن الماضي وربما قبلها".

يضيف أديوي: "مع المستعمر الإنجليزي كان التنافس دائمًا بين نيجيريا وغانا حتى على صعيد المدارس النيجيرية والغانية اللتين كانتا تتنافس رياضيًّا قبل أن تتسع الرقعة لتمتد إلى كرة القدم التي يعشقها جماهير البلدين كما يعشقنا التندر على بعضهما بعضًا، وإطلاق النكات؛ لكن دون عنف، كما حدث في وقتٍ ما بين جماهير مصر والجزائر، كما أن تقارب عدد ألقاب أمم أفريقيا بين نيجيريا (ثلاثة ألقاب) وغانا أربعة ألقاب) علاوة على تفوق نيجيريا في العقود الأخيرة، نظرًا إلى عدم فوز غانا بأي شيء منذ فترة طويلة، كان عاملًا مساعدًا في تأجيج مشاعر الغيرة بين الجماهير".

طعام ولهجة وموسيقى!

الصحفيان اتفقا على أن التنافس بين نيجيريا وغانا ليس متمحورًا حول كرة القدم وحسب، بل تعداها إلى كل شيء تقريبًا، فيحكيان أن هناك تنافسًا دائمًا حول من يتمتع بأفضل لهجة إنجليزية كما أن هناك وجبةً شهيرةً في البلدين اسمها "غولوف" تُعَدّ واحدةً من مناحي التنافس، فهي مشهورة كذلك في بلدان غرب أفريقيا كالسنغال وغامبيا، وتتكون من الأرز بالبصل والثوم والطماطم مع البهارات ويتنافس البلدان دائمًا حول من يمتلك الغولوف الأفضل!

لكن واحدة من القصص الطريفة يحكيها أديوي هي أن هناك حملة حدثت في غانا منذ فترة تطالب بمنع الأغاني النيجيرية من الانتشار في الخطوط الجوية الغانية بعد تصاعد شعبيتها كثيرًا في غانا واصفًا تلك الخطوة بالغيرة.

على الغانيين المغادرة!

يحكي أديوي أن الحكومة الغانية قررت في السبعينيات التخلص من عدد كبير من المهاجرين النيجيريين بسبب تراجع الاقتصاد الغاني ودخول البلاد في موجة من الفقر.

بينما حكى منساه –كما أكد أديوي بدوره- عن أشهر قصة من هذا القبيل في ثمانينيات القرن الماضي، عندما حدث العكس بعدما ازدادت أعداد المهاجرين الغانيين والأعمال الناجحة لهم في نيجيريا، قررت الحكومة النيجيرية ترحيلَ الكثيرين منهم، خاصة أولئك الذين لا يمتلكون وثائق شرعية.

ويواصل منساه حديثه عن حوارات غانا ونيجيريا: "مع ازدياد تلك الحملة المطالبة برحيل الغانيين انتشرت حملة ساخرة من نوع معين من الحقائب التي امتلكها المهاجرون الغانيون بكثافة تمت تسميتها بحقيبة "على غانا/الغانيين المغادرة "Ghana must go".

وببحثنا عن تلك الحقيبة الشهيرة، فإنها كانت حقيبة مكونة من قماش بلاستيكي رخيص الثمن يمكن حمل كثير من الأغراض داخله، لكن الطريف أنه في أثناء البحث وجدنا أن الخطوط الجوية الأثيوبية قررت منع المسافرين من استخدامها بسبب تعلّق قماشها وأحزمتها بمعدات نقل الحقائب وتخريبها لبعض من تلك الأجهزة.

كما أنه -حسب مؤسسة بي بي سي- فإن هذا النوع من الحقائب منتشر جدًا في أفريقيا لكن الطريف أن السحر انقلب على الساحر، فالكينيون يطلقون عليها "الحقيبة النيجيرية"! كما أن الزيمبابويين يطلقون عليها حقيبة بوتسوانا، وغالبًا سيكون لنفس السبب من رؤية أهل زيمبابوي للكثير من المهاجرين البوتسوانيين يحملونها في أثناء تنقلهم! لاحظ أن زيمبابوي وبوتسوانا جارتان كذلك.

صداقة وأخوة

يتفق كلا الصحفيين على أن التنافسية في كرة القدم مستمرة دائمًا، فأديوي يخبرك بأنه لو واجه منتخب نيجيريا الأول فريقًا للمدارس الغانية فسيحاولون الفوز بكل ما أوتوا من قوة، بينما يخبرك منساه بأن التنافسية حتى في السياسة فالنيجيريون يعتبرون أنفسهم البلد الأكبر في غرب أفريقيا بالنظر لعدد السكان الكبير جدًا الذي يقترب من 10 أضعاف غانا، لكن التنافسية لا تزال قوية بين بلدين يحاول كل منهما أن يكون القوة الإنجليزية الكبري في غرب أفريقيا، وحتى لو حضرت مؤتمرًا أو أي تجمعًا فيه نيجيري وغاني فستلاحظ مقدار التنافسية ومحاولة كل طرف منهما أن يربح هذا التنافس.

لكن نفس الاتفاق هذا ينسحب على فكرة أن كلا الشعبين يعتبر الآخر أخٌ له، وأن تلك التنافسية نابعة من ذلك الترابط الثقافي واللغوي بين البلدين وأن التنافس ينبع من رغبة كل أخ في التفوق على الآخر لكن مشاعر الود والحب عميقة بين الشعبين، وحتى الاحتفال بخسارة الآخر لا يخلو من الطرافة والضحكات أكثر منه من الكراهية.
وبعدما قرأت هذا الموضوع، ربما لو تسنّى لنا مشاهدة مواجهة بين نيجيريا وغانا في كأس أمم أفريقيا الحالية، فستشاهدها بمنظور آخر الآن!

شارك: