سكالوني.. من تحقيق حلم والده المزارع إلى التتويج بكأس العالم
دخل مدرب الأرجنتين، ليونيل سكالوني، تاريخ بطولة كأس العالم، بعد قيادته منتخب بلاده إلى منصة التتويج، يوم الأحد 18 ديسمبر، في ختام نسخة استثنائية ورائعة من مونديال قطر 2022، وذلك عقب الفوز على المنتخب الفرنسي بركلات الترجيح (4-2)، بعدما انتهت المباراة في وقتها الرسمي والإضافي بالتعادل الإيجابي (3-3).
وبات سكالوني ثالث مدرب يقود الأرجنتين إلى الفوز بلقب المونديال، بعد الثنائي سيزار لويس مينوتي سنة 1978، وكارلوس بيلاردو عام 1986 بقيادة النجم أرماندو دييغو مارادونا، فمن هو سكالوني مهندس الإنجاز التاريخي لمنتخب الأرجنتين في نسخة قطر 2022، بنجمه ليونيل ميسي؟
يلقب بـ"لا سكالونيتا" و"غالغو" واسمه الكامل ليونيل سيباستيان سكالوني، ولد يوم 16 مايو/ أيار 1978، في بلدة بوغاتو بمدينة روساريو، الواقعة في محافظة سانتا في وسط شرق الأرجنتين، فيما يستقر حاليًا بإسبانيا، عقب زواجه من الإسبانية إليسا مونتيرو، ولهما ولدان هما إيان ونوح.
وينتمي سكالوني إلى أسرة ميسورة الحال، تمتهن الزراعة في بلدة بوغاتو الصغيرة، حيث تزرع منذ الثمانينيات محاصيل الذرة والقمح وفول الصويا في حقولها الزراعية، كما كان الوالد أنخيل سكالوني، يمتلك شاحنة بضائع، ما ساعده على نقل المنتجات الزراعية إلى السوق لبيعها.
حلم الوالد
إلى جانب كونه مزارعًا، كان أنخيل، والد ليونيل سكالوني، لاعب كرة قدم سابق، وبعد تقاعده المفاجئ، تعهد بمواصلة عيش أحلامه الكروية من خلال أبنائه.
وبدأ كل شيء بالنسبة للمدرب الأرجنتيني وشقيقه الأكبر ماورو، بتحقيق حلم الوالد، من ملاعب بوغاتو، حيث أعطى أنخيل سكالوني (والد ليونيل)، أولاده ما يحتاجون إليه لتجاوز المسارات في أكاديميتهم الأولى.
واعتنى والد سكالوني بأسرته من خلال عائدات بيع منتجاتهم الزراعية، مع هذه البدايات المتواضعة، يبقى من الصعب على المدير الفني الأرجنتيني وإخوته أن ينسوا المنزل الذي صنعهم، حيث غالبا ما يعود سكالوني إلى موطنه الأصلي لرؤية والده وأمه وإخوته وأقاربه، كما يركب دراجته المفضلة، ويتجول في شوارع بوغاتو حتى الآن بكل تواضع، ما جعل شعبيته تتزايد من يوم لآخر.
بالكاد يمكنك زيارة بوغاتو دون رؤية علامات سكالوني، بطل المدينة الأعظم وفخرها، إذ يعرض مدخل بوغاتو ملصقات عملاقة والعديد من الجداريات له، كل ذلك بفضل إنجازاته الوطنية.
بداية سكالوني مع المستديرة
بدأت رحلة مدرب الأرجنتين في تحقيق حلم والده كلاعب في الثمانينيات، مع شقيقه ماورو، خطى سكالوني خطواته الأولى في أكاديمية نادي سبورتيفو ماتينزو، حيث بدأ كظهير أيمن قبل أن يتحول إلى منصب الارتكاز في وسط الميدان.
وتلقى سكالوني وشقيقه تدريبًا إضافيًا على كرة القدم من قبل والدهم المنضبط، "أنخيل"، والذي أثمرت جهوده الأولى في انتقال الشقيقين ليونيل وماورو إلى أبعد من ذلك، ففي عام 1993 انتقلا إلى أكاديمية نادي نيويلز أولد بويز والتي بدأ منها أيضًا النجم ليونيل ميسي.
كان أنخيل سكالوني سعيدًا برؤية أبنائه ينجحون، ولم يتردد أبدًا في استخدام شاحنته لنقل الأولاد من منزل العائلة إلى ملعب تدريب روزاريو، لأكثر من 300 ميل في الأسبوع، كان أنخيل وأبناؤه يسافرون كل صباح ويعودون بعد الظهر، حيث كرس نفسه لخدمتهما في سبيل شق طريقهما نحو النجاح.
في أثناء وجوده مع هذا النادي، حظي سكالوني بالحظ الكافي ليكون من بين الأولاد الذين حضروا إزاحة الستار عن النجم السابق دييغو أرماندو مارادونا، الأسطورة الأرجنتينية في ذلك الوقت، ووقع مع النادي الذي يتخذ من روزاريو مقرًا له.
مسيرته في ملاعب أوروبا
في ديسمبر 1997، انضم ليونيل سكالوني إلى نادي ديبورتيفو لاكورونيا في إسبانيا، وفاز رفقته بلقب الدوري الإسباني 1999-2000، وكأس الملك وكأس السوبر في عامي 2001 و2002 على التوالي.
وبعد قضائه مدة ثماني سنوات ونصف، غادر سكالوني النادي الإسباني مكرهًا بسبب خلاف مع مديره الفني، خواكين كاباروس، حيث انتقل المدرب الحالي للأرجنتين يوم 31 يناير/ كانون الثاني 2006، إلى وست هام يونايتد الإنجليزي، وساعد فريق شرق لندن في الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، قبل الخسارة بركلات الترجيح أمام فريق ليفربول هاري كيويل.
انتقل سكالوني إلى وست هام على سبيل الإعارة؛ نظرًا لأن فريق "المطارق" لم يتمكن من ضمه بشكل دائم، لينتقل بعدها إلى لاتسيو الإيطالي، حيث قضى وقتًا رائعًا في نادي العاصمة الإيطالية، قبل الاعتزال مع نادي أتالانتا عام 2015.
قصته مع ريال مدريد وكيف أفسد احتفالية المئوية؟
توج سكالوني بكأس ملك إسبانيا مع ديبورتيفو عام 2002، بعد فوزه في المباراة النهائية على ريال مدريد بنتيجة (2-1)، خسارة النادي "الملكي" بقيادة العديد من النجوم آنذاك مثل زين الدين زيدان وروبرتو كارلوس ولويس فيغو وراؤول غونزاليس وماكيليلي ومورينتاس وغيرهم، أفسدت عليه احتفالاته بذكرى مرور 100 عام من وجود النادي.
نعم، أفسد سكالوني حفلة "الريال" بعد تقديمه مباراة قوية، وعندما سُئِل بعد المباراة عن معنى الفوز على ريال مدريد، صاح الأرجنتيني بأعلى صوته: "أفسدنا الحفلة، أفسدنا الحفلة!".
أيام اللعب مع الأرجنتين
حصل سكالوني على فرصة تمثيل الأرجنتين في بطولة العالم للشباب في ماليزيا عام 1997، هذه البطولة ظهرت فيها أسماء كبيرة مثل تييري هنري وآخرين، وجذب سكالوني أنظار الكشافيين الأوروبيين بعد أن سجل هدفًا في مرمى البرازيل.
ولعب الأرجنتيني دورًا أساسيًا في مساعدة بلاده على التتويج بالبطولة بعد الانتصار في النهائي على الأوروغواي، وقبلها تُوج بكأس العالم تحت 20 سنة في ماليزيا مع جوزيه بيكرمان كمدرب، وبعد هذه الإنجازات المتتالية، انتقل سكالوني وشقيقه على الفور إلى نادي ديبورتيفو لاكورونيا.
وفي عام 2006 شارك سكالوني مع منتخب بلاده في كأس العالم التي أُقيمت بألمانيا، تحت وصاية بيكرمان (مدربه في ماليزيا 97)، باعتباره جزءًا من الفريق للبطولة العالمية، حيث لعب "ليونيل" مباراة واحدة فقط أمام المكسيك في كأس العالم 2006 ثم اعتزل كرة القدم في بلاده.
إجمالًا لم تكن مسيرة سكالوني مع الأرجنتين كلاعب حافلة، حيث لم يلعب سوى 7 لقاءات مع "الألبيسيليستي"، بواقع 475 دقيقة لعب، بداية من اللقاء الودي أمام ليبيا في 2003، وسجل طيلة مشواره هدفًا واحدًا فقط بقميص منتخب بلاده.
سامبولي يفتح أبواب التدريب في وجه سكالوني
قبل اعتزاله كرة القدم الاحترافية، كان الأرجنتيني يعرف بالفعل أنه يريد أن يصبح مدربًا، وظهر ذكيًا بما يكفي للتحضير في الوقت المناسب لتحقيق رغبته، حيث أكمل العديد من الدورات التدريبية، وحصل على شهادات في هذا المجال، سمحت له بالعمل مع فريق شباب مايوركا، قبل الموافقة على العمل كمساعد لمواطنه خورخي سامبولي في إشبيلية الإسباني.
وبعد أقل من موسم واحد تم استدعاء سامباولي، لتولي منصب المدير الفني لمنتخب بلاده، ما فتح أبواب العودة إلى الأرجنتين لسكالوني مجددًا، حيث اختاره سامباولي مرة أخرى ليكون مساعدًا له، ولكن الفشل في تجاوز دور الـ16 في كأس العالم روسيا 2018، بعد الخسارة أمام فرنسا، سرعان ما عجل برحيل سامبولي من منصبه.
سكالوني يثأر من فرنسا ويحقق 3 ألقاب في 4 أعوام
سكالوني الذي خلف أستاذه سامبولي في أغسطس/ آب 2018، مدربًا رئيسيًا لمنتخب الأرجنتين، يبدو أن مشواره كمدرب أنجح بكثير من مسيرته الدولية كلاعب، حيث تمكن لحد الآن من حصد 3 ألقاب في 4 أعوام فقط، علمًا أن عقده مع الاتحاد الأرجنتيني يمتد حتى عام 2026.
وقاد سكالوني، منتخب بلاده إلى رفع كأس كوبا أمريكا 2021، بعد الفوز على البرازيل في المباراة النهائية على ملعب ماراكانا بنتيجة (1-0)، وذلك بعد 28 سنة من الانتظار.
وفي مطلع العام الجاري، تمكن سكالوني من نيل ثاني ألقابه مع منتخب الأرجنتين، والمتمثل في كأس "الفيناليسما"، بعد الفوز على إيطاليا بنتيجة (3-0).
وأخيرًا أحرز اللقب الغالي، لقب كأس العالم الذي طال انتظاره في الأرجنتين، على حساب المنتخب الفرنسي، ضاربًا عصفورين بحجر واحد، الثأر من من منتخب "الديكة" الذي كان سببًا في إقصاء التانغو من مونديال روسيا، حين كان مساعدًا لسامبولي، ومعانقة اللقب العالمي.
أرقام المدرب سكالوني مع الأرجنتين
منذ تعيينه على رأس الجهاز الفني لمنتخب الأرجنتين، كسب سكالوني ثقة الجميع بسرعة البرق، كما قام بعمل جبار من خلال تغيير طريقة اللعب، وزرع الروح والرغبة في الانتصار لدى اللاعبين، ما جعله يحصد نتائج لم تكن متوقعة على الإطلاق.
ومن أصل 57 مواجهة، قاد سكالوني الأرجنتين للفوز في 40 مباراة، فيما تعادل في 12 مواجهة وانهزم في 5 مباريات فقط، كما سجل هجوم "التانغو" تحت قيادة هذا المدرب 122 هدفًا، وتلقت شباكهم 42 هدفًا فقط.
كما يملك المدرب سكالوني رقمًا قياسيًا في رصيده على المستوى المحلي، بعد وصوله إلى المباراة 36 دون الخسارة، قبل سقوطه أمام منتخب السعودية (2-1)، في افتتاح مبارياته بكأس العالم قطر 2022.
| المدرب ليونيل سكالوني | عدد المباريات | فوز | تعادل | خسارة | له | عليه |
| أرقامه مع الأرجنتين | 57 | 40 | 12 | 5 | 122 هدفًا | 42 هدفًا |
شارك:
أخبار ذات صلة
