حول الهجمة ضد تنظيم مونديال 2022 في قطر!

2021-06-08 09:01
مراسل bein سبورت في مدريد جمال جبلي يكتب عن مونديال قطر (winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أنا صحفي من بي إن سبورتس الكل يعرفني، وإذا كتبت اليوم هذا المقال فهو ليس بطلب ولا بإيعاز من المؤسسة التي أنتمي إليها والتي لا تطالبني بأكثر من عملي ضمن المجال الرياضي، لكن لأنني قرأت مكتوبا أثار حفيظتي وغضبي واستنكاري فبحثت أولا.. عن من يقف وراء ما كتبته صحيفة ليبيراسيون الفرنسية اليوم؟

اطلعت أولا على كاتب الافتتاحية في صفحتها الثانية وهو دوف ألفون صحفي إسرائيلي فرنسي ومدير تحرير الصحيفة.

كيف لجريدة كانت  منبر اليساريين الفرنسيين عند تأسيسها من قبل جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي قبل أن تتدحرج  شيئا فشيئا نحو اليمين، تاركة مبادئها اليسارية، كيف لها أن تكتب في شأن يعلم العام والخاص أنه بقايا حرب  تشنها  الولايات المتحدة الأمريكية ضد كلما أدى إلى فوز قطر بتنظيم مونديال 2022 و خسارتها المنافسة.

حرب وضعت أوزارها منذ 2018 حينما كلفت الفيفا أمريكا مع كندا والمكسيك بتنظيم مونديال 2026 . فلم يعد منذ ذلك الحين من داع للسعي لنزع الاستضافة من قطر حتى تكلف بها الولايات المتحدة، ومع مرور الوقت أيقن الجميع أن قطر جاهزة وأن العالم كله ينتظر أول مونديال في الخريف، والذي سينظم لا محالة لأول مرة أيضا في بلد عربي، فتحولت إلى حرب غير معلنة من جهات كانت تخدم نفس المصالح  لم ترض بانتهاء الحرب الأمريكية فتبنتها، واستمرت في حملة ليس لها من هدف سوى التشويه.

في بداية افتتاحيته كتب مدير الجريدة حتى يدخل بأسلوبه ككاتب "في ليلة باردة كلفت الفيفا قطر بتنظيم كأس العالم 2022 "، وهو إن كان يعلم ما لا يخفى على أحد أن زيوريخ باردة في الشتاء وقد كانت كذلك لكنه أخطأ لأن التصويت لم يتم ليلا.

أسلوب لإخفاء نية واضحة وإلا كيف يكتفي باتهام البعض ونسيان الآخرين. كيف يتحدث عن السياسة والرياضة، ويضع في قفص الاتهام  دولا مثل روسيا لأنها لم تفسح المجال بما فيه الكفاية في نظر الجريدة أمام المثليين. روسيا التي سماها مدير الجريدة في عمود الصفحة الثانية "بطلة العنصرية".

قرأت الجريدة كلها اليوم رغم أنني لا أقرأ منها عادة سوى عناوين الصفحة الأولى، جريدة انحط مستواها كثيرا مما أدى إلى تناقص عدد قرائها، وبذلك دخلت في مشاكل مالية كادت أن تؤدي بها إلى الإفلاس لولا شراء باتريك دراهي رجل الأعمال الفرنسي الإسرائيلي لها وهو مالك مجموعة ألتيس للاتصالات، وما زالت إلى اليوم تعاني من نزيف مالي للأسباب التي ذكرتها، وهي طبعا تبحث عن مواضيع مثيرة لجلب القراء، ويبدو أن اهتمامها المفاجئ بمونديال 2022 الذي تنظمه قطر تحت منظور هجومي يعتمد التشويه دون أي أدلة وهو استمرار لحملة ما زال البعض مستمرون فيها لأنها تشكل بالنسبة لهم مصدر مبيعات  ليس أكثر.

الحملة بدأتها وسائل الإعلام "الإنغلوسكسونية" في اليوم التالي لاختيار قطر متهمة إياها بالرشوة وشراء مونديال 2022 دون أي أدلة تذكر ولو كان هناك أي دليل مهما كان صغيرا طيلة هذه السنوات لتناولته المحاكم في سويسرا وأمريكا وفي دول أوروبية أخرى مخول لها والتي لا تصدر أحكاما نافذة إلا بالأدلة ولو تحقق ذلك لسحب الفيفا التنظيم من  قطر فور صدور الحكم.

والأغرب فيما يحدث أن الاتهامات الواهية ضد قطر جاءت من وسائل إعلام كنّا نطالعها بشغف، ونعتبرها منابر لحرية التعبير  اتضح أنها غالبا ما تغرد لمن يطعمها أوبناء على قناعات عنصرية لأنها تناست كل البطولات والدورات السابقة في ألمانيا، وجنوب إفريقيا والبرازيل واليابان ودول أخرى، طالتها الرشوة المؤكدة بأحكام قضائية نهائية أدت إلى أحكام بالسجن، واستقالات رنانة لمسؤولين رياضيين أبرزها أكبر فضيحة في تاريخ الرياضة الحديثة وهي ألعاب سولت لايك سيتي الأولمبية الشتوية التي هزت أركان الحركة الأولمبية، وكادت أن تعصف بها لولا الإصلاحات التي أقرها خوان أنطونيو سامارانك.

أتذكر أنني  يوم الثالث ديسمبر\كانون الأول 2010 كنت في الطائرة عائدا من زيوريخ، قرأت تصريحا للرئيس الأمريكي باراك أوباما قال فيه: "الفيفا ارتكب خطأ كبيرا باختيار قطر". فقال لي صديق وقتها: "أمريكا لن يهدأ لها بال حتى تسحب التنظيم من قطر وتستعيده".

 المحاولات كانت كثيرة ولكنها باءت بالفشل وإن كانت في البداية تهدف كما أسلفت إلى سحب التنظيم من قطر، فإنها الآن تهدف للتشويه والإساءة  لبلد عربي لأن أصحابها يعلمون أن حججهم واهية، وهي تكفي فقط  لجلب اهتمام من تنقصهم وسائل التحليل  والفهم ودعم من لديهم عداء صريح لكل ما هو عربي كما اعترف به مدير ليبيراسيون نفسه في مقاله، فوجدوا في بعض الرياضيين آذانا صاغية، بعضهم لعدم إلمامهم بالموضوع وآخرون لثقتهم في مصداقية وحرية وسائل الإعلام الغربية، و لن أصل إلى القول إن البعض يعادي ما هو عربي لأنني أنا بدوري أعرف الرياضيين عن قرب وليس لهم أي اهتمام بعد الرياضة سوى بالأمور الإنسانية التي سعى من خلالها من لديه سوء نية إلى إقحامهم في الحملة لإعطائها زخما.

النرويج مثلا مجتمع منفتح ومتسامح، ولاعبو كرة القدم فيه لا هم لهم سوى المشاركة في التصفيات وإن حالفهم الحظ في التأهل سنرى إن كانوا سيستمرون في الدعوة لمقاطعة منافسة مجرد المشاركة فيها هو حلم عمر لكل لاعب كرة قدم خصوصا من بلدان لا تبلغ النهائيات إلا نادرا .


أنا هنا لا أدافع عن قطر فقط بل أدافع عن العرب جميعا وثقوا أن الأمر لو كان يتعلق بمصر أو بالسعودية أو الجزائر أو الإمارات أو المغرب أو غيرها من البلدان العربية لواجهت نفس الحملات، وثقوا أنني كنت سأكتب ما أنا بصدد كتابته اليوم مع تغيير اسم البلد المستهدف لأن من يهاجمون قطر اليوم، يريدون أن يطبقوا علينا مبدأ البارون بيار دو كوبرتان حتى في التنظيم وهو: "المهم المشاركة".

شارك: