ليونيل ميسي وكريم بنزيما.. جائزة ضلت الطريق!

2023-03-04 12:29
الأرجنتيني ليونيل ميسي يتسلم جائزة أفضل لاعب في العالم من رئيس الفيفا جياني إنفانتينو (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لا غبار طبعًا على تتويج الأرجنتيني الساحر ليونيل ميسي بجائزة (ذا بيست) التي تمنحها الفيفا سنويًّا لأفضل لاعب في العالم؛ لكن الغبار كله حول المقاييس والمعايير التي تتبدل وتتغير حسب الأهواء التسويقية والمصالح التجارية. 

تبدو حالة القائمين والمشرفين الفنيين على جائزة (ذا بيست) أقرب إلى حالة (خراش) الذي تكاثرت عليه الضباع، فلم يدرِ ماذا يصيد؟

من حقنا -نحن المتابعين والمشاهدين والمحللين والنقاد- أن نسأل الفيفا في خضم كل هذه الطلاسم التي تغلف حفل جوائزه السنوية : هل جائزة (ذا بيست) جائزة موسم كامل؟ أم أنها مجرد جائزة بطولة؟

في كل مرة تُحدِث فيه هذه الجائزة جدلًا واسعًا ودويًا هائلًا تتعالى نبرة رفض تفصيل الجائزة عند (ترزي) يبحث عن الربح المالي، ولا يرى في حياكتها وتطريزها سوى مصالح الشركات الراعية ومكاتب المراهنات.

وحاشا وكلا أن يكون في طرحي المنطقي أي استهداف خاص لنجم النجوم ليونيل ميسي، لكنني أسأل-والسؤال لغير الله مذلة-: هل مُنح ليو (ذا بيست) على أساس موسم كامل؟ أم أن الجائزة صُمِّمت على مردوده في سبع مباريات لعبها في كأس العالم، وتألق فيها بتتويج منتخب الأرجنتين بطلًا لمونديال قطر؟!

وبصراحة فيها الكثير من الراحة، إذا كانت الجائزة جائزة موسم كامل، فآخر لاعب يمكنه أن يحلم بها هو ليونيل ميسي شخصيًّا؛ لأن أرقامه وبطولاته للعام الفارط لا يمكن مقارنتها بأرقام وبطولات المتألق الفرنسي كريم بنزيما.

وحتى لو نظرنا إلى دلالات ما قدّمه ليونيل ميسي مع فريقه باريس سان جيرمان الفرنسي محليًّا وأوروبيًّا، سنجد أن من يحق له الحديث عن حقه الأدبي في جائزة (ذا بيست) هو كيليان مبابي، وليس البرغوث الأرجنتيني.

عندما حدث الاندماج التاريخي بين جائزة الفيفا وجائزة (البالون دور) التي تحتكرها فرانس فوتبول الفرنسية، خرجت علينا اللجنة الفنية بالاتحاد الدولي ببدعة نظرية الموسم الكامل.

كان الرسام الإسباني أندريس إنييستا أول ضحايا تلك النظرية، فمن دون شك تذكرون ما حدث في العام 2010 من تلاعبٍ مخيفٍ انتهى بحرمان إنييستا من الجائزة، وذهبت دون وجه حق إلى ليونيل ميسي رغم المستوى الكسيح الذي قدّمه في مونديال جنوب أفريقيا برفقة راقصي التانغو.

وعندما تَعرَّض القائمون على الجائزة لهجوم لاذع، خرج علينا وقتها الناطق الرسمي باسم الاتحاد الدولي موضحًا أن الجائزة جائزة موسم كامل، وليست جائزة محصورة في تألق لاعب في بطولة كأس العالم.

وبنفس المنطق ونفس المبرر تعرَّض اللاعبون مانويل نوير حامل كأس العالم بالبرازيل 2014 مع منتخب ألمانيا، والفرنسي كيليان مبابي الفائز بكأس العالم بروسيا 2018 مع منتخب فرنسا، وقبلهما الفرنسي فرانك ريبيري الفائز بخمسة ألقاب عام 2013 مع بايرن ميونخ الألماني، لظلمٍ فادحٍ صب في مصلحة كريستيانو رونالدو مرتين، وأخرى للكرواتي لوكا مودريتش، في مفارقات عجيبة وضعت شفافية الفيفا على المحك. 

وسبحان مغير الأحوال، تأتي جائزة (ذا بيست) هذه المرة بعد ست سنوات من انفصال الفيفا عن فرانس فوتبول، ويتم التلاعب بمقاييس ومعايير الجائزة، وبقدرة (غادر) وليس (قادر) يصبح المعيار الأول والأخير للظفر بها هو العطاء في كأس العالم بدولة قطر.

في 27 فبراير الماضي وتحت أضواء مدينة النور (باريس)، لم تسقط فقط المقاييس والمعايير التي تغنّى بها الفيفا ردحًا من الزمن، فقد سقطت معها القيم والعدالة، فجاء ترتيب من يستحق الجائزة عن جدارة ثالثًا، واللاعب الذي كان خارج قائمة الثلاثين لاعبًا في جائزة الفرانس فوتبول أولًا.

أبدا والله ليس في الأمر تجنيًّا على ليونيل ميسي، فلو أن الجائزة مصممة لأفضل لاعب في كأس العالم وليس في بطولات الموسم، لكان هذا اللاعب دون جدال هو ليونيل ميسي دون نقاش، لكن الوضع اختلف هذه المرة 360 درجة.

من دون شك، سقطت مصداقية جائزة الفيفا وتجردت من شفافيتها، ليس لأن كريم بنزيما خسر رهانَ موسمٍ كان فارسه بلا منازع، لكن لأن رجال الفيفا ضربوا بمقاييس ومعايير الجائزة عرض الحائط، فجرّدوا الجائزة من قيمها وداسوا عليها بأقدامهم عندما أرادوا، ووضعوا نفس المعايير في وجوه آخرين عندما شاؤوا.

عندما يتم تجاوز معايير الجائزة ومقاييسها باستخفاف، ويُحرم منها نجم الموسم كريم بنزيما تحت تأثير حُمّى الشركات وهستيريا الرعاة، فمصداقية الفيفا تتلاشى وتتبخر أمام سطوة المال كخيط دخان.

إن إصرار الفيفا على تطبيق معايير الجائزة المواسم السابقة بتعسف، وعدم تطبيقها هذا الموسم على بنزيما استخفافٌ يستنزف ما تبقى للاتحاد الدولي من سمعة طيبة.

لن أدّعي أن الفيفا زوّر في أوراق رسمية، فالجائزة جائزته يهبها مَن يشاء، لكن الحقيقية التي يعرفها الداني والقاصي واضحة، لقد سُرِقت الجائزة من بنزيما بفعلِ فاعلٍ، ولم يعد رجال الفيفا في اللجنة الفنية بحاجة إلى التبرير بعد أن زاوجوا بين الكذب والافتراء في جائزةٍ ضلت الطريق ككل مرة.

ولا بأس من كشف النقاب عن قناعتي كمحايد و قناعة كل من في رأسه خلية من مخ: ليونيل ميسي يستحق جائزة أفضل لاعب في بطولة كأس العالم لا جدال في ذلك، وكريم بنزيما يستحق جائزة لاعب العام في العالم عن جدارة واستحقاق لا شك في ذلك!

شارك: