في زمن الزلزال... حداد يستعيد كوارث كرة القدم!

2023-02-14 15:09
صورة أرشيفية - شرطة مكافحة الشغب المصرية تقف للحراسة في استاد القاهرة (Getty)
وسام كنعان
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أكملت سوريا معالم الكارثة! بعد سنوات الحرب العجاف، ضربها زلزال مدمّر يوم الإثنين الماضي، هكذا، وبغفلة ليلة كالحة، لم يتنبأ بخرابها سوى الكلاب والقطط  الشاردة.

عند الساعة الرابعة والربع بتوقيت الهول، لبست الكثير من المدن في الشمال والساحل، هندام الخراب بأعتى مما كانت عليه، وراحت البيوت المكلومة أصلًا، تصدح مجددًا بنداء المصيبة العاجلة! بلادنا صاحبة الجرح العميق، كانت يومًا ملاذًا لكلّ الخائفين، ولا نعرف إن كان مكتوبًا لها أن تعود لتطلّ على العالم كلّه ببهاء أيامها الخوالي، أم أنها ستظلّ مكللّة بالخيبة والهزيمة.

إنه زمن الكفن الفضفاض، بغير مقاس البلاد التي صدّرت طربًا وثقافة وفنًا وعلمًا، فجازاها الدهر بحرب هوجاء، ثم زلزال مدمّر.

منها الآن كل الوجع، وعلينا الأنين.. وليس مطلوبًا اليوم سوى أن ندثّرها بالحب وحده، عساها تنام بسلام، بعدما شُرِّد الآلاف من أهلها وصاروا بدون مأوى، واستفاق المئات ليجدوا أنفسهم بلا أي سند، وقد فقدوا جميع أفراد عائلاتهم برمشة عين هاربة من ليلة قاتمة!

المشهد القادم من سوريا وتركيا موحل وموشّح بالدم وغبار الأنقاض، ربما -لوهلة- يعيد إلى أذهان جمهور الرياضة كوارث كرة القدم عبر التاريخ.

فالجمهور الذي كان يزلزل المدرجّات بالشغف، ثم يسقط أحيانًا ضحية إمّا لفرط حماسه، أو سوء التنظيم، أو الاشتباكات المباشرة بين جماهير الفريقين. 

ولعلّ أبرز حوادث الملاعب وأشهرها كانت قد وقعت في 15 نيسان سنة 1989 في ملعب هيلزبرة بمدينة شيفلد الإنجليزية، في مواجهة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي بين ليفربول ونوتينغهام فورست، بعد خطأ تنظيمي أدّى لوقوع الكارثة الأسوأ عبر تاريخ الملاعب الإنجليزية، إذ وصل عدد ضحاياها إلى 96 قتيلًا وأكثر من 766 مصابًا! 

فيما لا تزال ملامح مجزرة بورسعيد المصرية حاضرة حتى الآن رغم اندلاعها سنة 2012 بعد مواجهة ناديي المصري والأهلي في أرض الأوّل، والذي فاز بنتيجة 3-1 لتلتهب أعمال شغب تسببت بها الجماهير المضيفة، حيث قام عدد منهم باستخدام الحجارة والعصي والسكاكين لمهاجمة جماهير النادي الضيف، ما أسفر عن سقوط 72 ضحية، كذلك يشهد يوم 8 فبراير من عام 2015، على نشوب مصيبة كبرى اشتهرت باسم ملعب الدفاع الجوي في القاهرة، حين تسببت قوات الأمن بوفاة 22 مشجعًا من جماهير نادي الزمالك، إثر انهيار جدران الممر الحديدي الضيق الذي حبستهم ضمنه.

عدا عن الاشتباكات المؤسفة التي وقعت مرارًا عند لقاء الجزائر بمصر وتسجيل إصابات خطيرة وقد وصل الأمر لحدوث أزمة سياسية بين البلدين. 

فيما تسببت الفوضى التنظيمية التي شهدها ملعب ماتيو فلوريس في العاصمة غواتيمالا يوم 16 من أكتوبر/ تشرين الأوّل سنة 1996، عن مصرع 83 مشجعًا وإصابة 140، إثر حدوث تدافعٍ بشري أدى لانهيار أجزاءٍ من مدرجات الملعب، الذي كان يستعد لاستضافة مباراة منتخبي غواتيمالا وكوستاريكا، ضمن التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 1998، وقد تبين أن سبب تلك الفوضى العارمة هو بيع عدد بطاقاتٍ يفوق سعة الملعب الاستيعابية.

أما أكثر مرة نزفت فيها الجماهير وتحققت أرقام قياسية في عدد الضحايا وصل إلى 328 شخصًا، فكان في الملعب الوطني بالعاصمة البيروفية ليما، قبيل 6 دقائق من نهاية مباراة التصفيات النهائية المؤهلة لأولمبياد طوكيو، والتي جمعت بين منتخبي بيرو والأرجنتين في 24 من مايو 1964، عندما رفض الحكم احتساب هدف التعادل لمنتخب بيرو، فاشتعل الغضب برؤوس الجماهير وقررت بلحظة تهوّر اقتحام الملعب وتكسير مقاعد المدرجات، فما كان من رجال الأمن المحليين إلا أن تصدوا لتلك الجماهير الغاضبة، ثم أطلقوا الغازات المسيلة للدموع ما جعل الأمر يخرج كليًّا عن السيطرة وتخرّ الضحايا المتدافعة بين قتلى وجرحى.

وفي بلاد مارادونا وميسي أيضًا سالت دماء على الملاعب الخضراء، فعادةً ما تشهد مباريات الغريمين: بوكا جونيورز وريفر بليت أحداثًا مؤسفة تُناقِض روح الرياضة وأخلاقها، إلا أن الأمر بلغ ذروته في يوم 23 يونيه/ حزيران من عام 1968 إذ تجمهر عدد كبير من مشجعي الفريقين عند إحدى بوابات ملعب المونومينتال في العاصمة بوينس آيرس، ودارت بينهم بعض المشادات الكلامية كالعادة، قبل أن يتطور الأمر إلى الاعتداءات المتبادلة، وبدلاً من تدخُّل رجال الأمن لفض الاشتباك، أغلقوا البوابة رقم 12 وحبسوهم داخل منطقةٍ ضيقة، لتتدافع الجماهير نحو البوابة المغلقة وتقع المصيبة بموت 71 مشجعًا وجرح 150 آخرين. أيضًا في غانا تسببت مباراة هارتس أوف أوك وأشانتي كوتوكو من مدينة كوماسي، بكارثة أدت لإلغاء مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم إلى أجل غير مسمى، بعد أن نتج عن أحداث الشغب مقتل 130 مشجعًا دهسًا تحت الأقدام إثر إطلاق الشرطة الغازات المسيلة للدموع على المدرجات.

لتظل معالم المأساة حاضرة في أحدث الكوارث الرياضية التي شهدها العام الماضي في إندونيسيا، عندما قتل 125 شخصًا وأصيب أكثر من 320 آخرين بعد تدافع عقب شغب للجماهير في مباراة بين فريقي أريما وبيرسيبايا سورابايا بأحد ملاعب محافظة مالانغ.

من جانب آخر تعد حوادث الطيران أيضًا من النقاط الموغلة في الحزن بتاريخ كرة القدم، إذ فجع الجمهور بخبر تحطُّم الطائرة التي كانت تقل فريق شابيكوينسي البرازيلي إلى مدينة ميديلين الكولومبية، بعدما كان مقررًا أن يلعب المباراة النهائية لبطولة سود أمريكانا أمام فريق أتلتيكو ناشيونال الكولومبي، ولكن القدر كان قد رسم نهاية مأساوية للنادي البرازيلي عندما قضى غالبية أفراده بحادث جوي يسحل الوجدان سنة 2019. 

شارك: