سفيان أمرابط.. الضحية المذنبة!

تحديثات مباشرة
Off
2023-12-24 00:50
المغربي سفيان أمرابط لاعب وسط نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي (facebook/SoccerLaduma)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كان استبعاد سفيان أمرابط من التشكيل الأساسي لمواجهة مانشستر يونايتد مع مضيفه وست هام يونايتد، بمثابة الصدمة للجماهير المغربية والعربية، التي وجدت الدولي المغربي حبيس دكة الاحتياط حتى نهاية المباراة، التي خسرها الشياطين الحمر بهدفين نظيفين أمام الفريق اللندني.

يأتي هذا الاستبعاد في الوقت الذي يفتقد فيه مانشستر يونايتد خدمات لاعب الارتكاز البرازيلي كاسيميرو بسبب الإصابة، التي منحت الفرصة لأمرابط للحضور في التشكيل الأساسي بشكل منتظم في الفترة الماضية، لكن أمرابط خسر مكانه اليوم لصالح لاعب الوسط اليافع كوبي ماينو، الذي لجأ إليه إريك تين هاغ لمجاورة أمرابط في المباراة الماضية التي خاضها اليونايتد، وخرج فيها متعادلًا سلبيًّا أمام ليفربول في ملعب أنفيلد.

انضمام متأخر

مَن يكتب هذا الموضوع انتظر بأعصاب محترقة أن تتم صفقة انضمام الدولي المغربي قادمًا من فيورنتينا إلى مانشستر يونايتد، وحصوله أخيرًا على فرصة للعب بفرق الصفوة والشهرة، بعد كأس عالم مذهلة كان فيها أحد أهم أعمدة منتخب المغرب، في مغامرته التاريخية نحو المركز الرابع بالمونديال القطري.

لكن صفقة الوصول إلى البريميرليغ تأخرت حتى اليوم الأخير في سوق الانتقالات، لينضم أمرابط إلى صفوف اليونايتد من دون خوض فترة إعداد، بل وبعد بداية الموسم في إنجلترا.

ما زاد الطين بلة، هو وصول أمرابط مصابًا، لتنتظر مشاركته حتى الثالث والعشرين من سبتمبر/ أيلول، عندما لعب لبضع دقائق أمام بيرنلي، لكن اللافت أن اشتراكه كان كظهير أيسر!

لم يعر أحد الأمر اهتمامًا كبيرًا لقصر المدة التي لعبها، لكن تين هاغ عاد وأشرك أمرابط أساسيًّا أمام كريستال بالاس كظهير أيسر، في المباراة التي خسرها اليونايتد بهدف نظيف في أولد ترافورد، وفيها تأرجح الدولي المغربي ما بين مركز الظهير الأيسر دفاعًا، ودخوله لعمق الوسط قليلًا في الحالة الهجومية، مع تحول اليونايتد للعب بثلاثي دفاعي، مع انتقال قلب الدفاع الأيسر فيكتور ليندلوف ليكون ظهيرًا أيسر، ما ترتب عليه حيرة عند أمرابط في اختيار المكان المناسب لتمركزه، بسبب خوفه من التقدم للعمق أو للأمام، خشية ترك مساحة كبيرة خلفه في الجانب الأيسر ينفذ إليها المهاجمون، ولذلك اكتفى بتمريرات قصيرة عادية جدًا، لكنه لفت النظر بتميزه المعتاد في التمريرات القُطرية الطويلة.

أخيرًا، عاد أمرابط لمركز لاعب الارتكاز إلى جوار كاسيميرو في مباراة برينتفورد، ليلعب اليونايتد بثنائية ارتكاز، كان لكاسيميرو هيمنة أوضح فيها كلاعب ارتكاز صريح مع تقديم أمرابط للأمام قليلًا، قبل أن تسنح الفرصة للأخير لينفرد بهذا المركز، إثر إصابة الدولي البرازيلي، لكن شيئًا ما كان منقوصًا!

أمرابط يفقد نقطة تميزه الرئيسية

رأس مال سفيان أمرابط وأحد أهم نقاط تميزه ليست في كونه لاعب ارتكاز دفاعيًّا مميزًا فحسب، بل في كونه قائدًا فعليًّا لبناء الهجمات، مستفيدًا من هدوئه في الملعب، وقدرته المميزة على نقل اللعب على الأطراف، كما لا تخلو طريقة لعبه من التمريرات الأمامية الجريئة التي تكسر الخطوط وتفاجئ الخصوم، لكن كل هذه الخصال تحتاج لشيء واحد افتقده أمرابط مع اليونايتد.. الثقة.

يكتسب لاعب كرة القدم الثقة من مجموعة من الأشياء، يأتي في مقدمتها زملاؤه. انضمام أمرابط إلى فريقه متأخرًا وشعوره بالغرابة، حاله كحال أي لاعب لا يحضر فترة الإعداد، كان من شأنه أن يضع أمرابط تحت ضغط كبير. وتحت وطأة الخوف من الخطأ، افتقد أمرابط الثقة وبات لعبه روتينيًّا جدًّا، لا يفكر معه في حلول مبدعة لا تخشى الخطأ الطبيعي والمنطقي، عندما تتخذ قرارات أكثر جرأة، أو عندما تقرر أن تقود بناء الهجمة بنفسك بشكل غير روتيني.

عندما يحضر لاعب جديد فترة الإعداد، يكون أمامه هامش الخطأ للتجربة والاعتياد على الزملاء، واكتساب الثقة من معايشتهم وعدم شعوره بكونه دخيلًا على الفريق، وهي رفاهية لم يحظَ بها سفيان الذي كان "ضحية" لهذا الأمر.

تشعر أن سفيان يسعى دائمًا لإثبات شيء! ومع فريق متوتر كمانشستر يونايتد، ازدادت اندفاعات سفيان أمرابط لدرجة أفقدته في بعض الأحيان قدرته على إيقاف المنافس، الذي لا يجد صعوبة كبيرة في القيام بمراوغة بسيطة للإفلات منه.

بطء شديد وعدم مواكبة للنسق

إن كان أمرابط يتميز بالكثير من الخصال، فهو من دون شك يفتقد إلى التسارع. لا تخدعك لقطته الشهيرة في كأس العالم مع كيليان مبابي، فلو شاهدتها مجددًا ستجد أن الفهد الفرنسي اتخذ منحنى ركض يجعله مجبرًا على قطع مسافة أكبر، كما أنه قام بتخفيض سرعته لينفذ الكرة العرضية، ليلحق به أمرابط في نهاية المطاف.

والتسارع غير السرعة.. ربما يصل أمرابط لسرعة كبيرة في نهاية المطاف، لكن في اللقطات التي يجدر به الوصول لسرعة قصوى في أقل من 10 خطوات، لا يظهر أن ابن أكاديمية أوتريخت الهولندية واحد من اللاعبين المميزين في هذه النقطة.

هذا الأمر يؤثر أحيانًا في لاعب الوسط المغربي الذي ظهر في بعض اللقطات غير قادر على مواكبة أجنحة سريعة تركض بالكرة أمامه، ويكون مضطرًا فيها للالتفاف بسرعة، كما حدث مثلًا أمام جناح بايرن ميونخ ليروي ساني، الذي كان أمرابط "مذنبًا" في طريقة تعامله معه.

المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin
المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin
المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin

أمرابط كذلك يفقد تركيزه في بعض اللقطات، إذ يمكن أن يقرر التحرك متأخرًا تجاه الضغط على أحد اللاعبين، ما يجعله يخسر لحظات ثمينة يتمكن فيها المنافس من التمرير وإخراج أمرابط من اللعبة، أو حتى يفقد تركيزه في متابعة تحرك القادمين من الخلف للأمام، كما حدث مع ساني كذلك في فرصة أخرى لبايرن ميونخ، خلال المباراة التي غادر بعدها مانشستر يونايتد البطولات الأوروبية هذا الموسم.

المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin
المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin
المغربي سفيان أمرابط ون ون winwin


انتقادات وناشئ!

ربما كان أبرز انتقاد طال سفيان أمرابط ذلك الانتقاد القاسي الذي كاله إليه مدافع ليفربول السابق، ومحلل "سكاي سبورتس"، جيمي كاراغر، الذي تساءل عن سر لعب مانشستر يونايتد بطريقة الرقابة الفردية 1 على 1، في حين أن سفيان أمرابط "لا يستطيع الركض!".

النقد كان قاسيًا بشكل مبالغ فيه، لكنه حمل في طياته خصلة ذكرناها آنفًا، وهي أن أمرابط في بعض الأوقات يتأخر في الانقضاض على منافسيه، فيمنحهم فرصة للتمرير أو الالتفاف، ومع أسلوب الرقابة الفردية الذي يتبعه تين هاغ -بحسب كاراغر- فإن العواقب قد تكون وخيمة أحيانًا.

المدرب الهولندي قرر اليوم أن يشرك الناشئ كوبي ماينو صاحب الـ18 عامًا، والذي تسبب في لقطات كارثية على فريقه اليوم، بعدما مُررت لقطة الهدف الأول من فوقه لتصل إلى الجناح بوين الذي سجل هدف الافتتاح، قبل أن يخطئ ماينو في لقطة الهدف الثاني بعدما فشل في السيطرة على الكرة، ليسجل منها محمد قدوس هدف قتل المباراة.

صحيح أن أمرابط لم يتسبب مباشرة في أهداف بهذا الشكل، إلا أن كون ماينو ناشئًا سيمنحه الوقت للصبر عليه، بينما مشكلة أمرابط الكبرى أنه مُعار من فيورنتينا، ولم ينتقل بشكل نهائي إلى الشياطين الحمر، ما يجعل مستقبله مهددًا في الوقت الحالي.

أمرابط خرج من التشكيل الأساسي قبل ذلك، بعدما استبدله تين هاغ بين شوطي ديربي مانشستر، ولم يشركه لمباراتين متتاليتين أمام فولهام ولوتون، قبل أن يدفع به من دكة البدلاء أمام إيفرتون ونيوكاسل، حتى عاد أساسيًّا من جديد أمام تشيلسي، ليقدم أداءً جيدًا جدًّا في هذه المباراة، كما قدم أداءً معقولًا في بعض المباريات، لكنه لم يتخلص من قلة المرونة الواضحة في طريقة تعامله مع المنافسين، واعتماده المبالغ فيه على جسده وذراعه، في الوقت الذي يحتاج فيه لاستخدام أرجله أكثر لإيقاف المنافس.

اليوم عاد أمرابط إلى الدكة، وهو الذي كان بحاجة ماسة إلى توطيد أواصر مركزه قبل أن يسافر للانضمام إلى معسكر المنتخب المغربي استعدادًا لأمم أفريقيا، لذلك سيكون في سباق مع الزمن في المباريات المتبقية، أملًا في العودة للتشكيل، وإلا فسيجد نفسه في الترتيب الثالث، عندما يعود من أمم أفريقيا بعدما يعود كاسيميرو في منتصف يناير/ كانون الثاني، حسب ما أشار إليه مدرب مانشستر يونايتد، لكن ربما تساعده أخطاء ماينو أمام وست هام في عودة سريعة إلى التشكيل الأساسي، وإقناع مدربه وجماهير الفريق بمستوى مميز.

فلنأمل في قادم أفضل لنجمنا المغربي!

شارك: