جوائز الكاف.. شيء يشبه الفضيحة!

تحديثات مباشرة
Off
2023-12-14 16:42
النيجيري فيكتور أوسيمين لاعب نابولي الإيطالي الفائز بجائزة أفضل لاعب أفريقي 2023 (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

على ما يبدو أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لا يريد أن يفهم أن جوائزه السنوية التي تفتقد للمعايير السليمة والمقاييس الصائبة، تثير حساسية الكثير من البلدان الأفريقية التي تحاول مداواة خلافاتها السياسية بمصل الرياضة.

ربما كان حفل توزيع جوائز (الكاف) للموسم الكروي 2022/2023 والذي احتضنه المغرب بكل الحب والحفاوة في مراكش، أكثر الاحتفالات جدلًا في تاريخ أفريقيا كلها، ليس لأن جوائزه خرجت عن واقعيتها فحسب بل لأن الحفل في باطنه حمل رسائل غامضة، فهمها البعض على أنها نفخ في جمر ما تحت الرماد.

قد يفهم من سياق هذه الرسائل أن النيجيري فيكتور أوسيمين هداف الدوري الإيطالي والمتوج ببطولة الدوري مع نابولي، استفاد من التباينات والحسابات التي ضرب بها (الكاف) الحظوظ المغربية والجزائرية، وهذا صحيح للأسف الشديد، بدليل أن هذا الشعور سيطر تمامًا على عملية التصويت المبرمجة والتي دفعت بأوسيمين كخيار مقبول للفوز والتتويج بالجائزة الأهم على حساب الفرقاء الذين باعدت بينهم الحسابات السياسة.

 وعذرًا لست هنا أنفخ في كير العلاقات السياسية المتوترة أصلًا بين الجارين الشقيقين اللذين تجمعهما هوية اللغة قبل جغرافيا الجوار، ولكنها محاولة لوضع اللائمة على عاتق اتحاد أفريقي لا يرغب إلا أن يسبح عكس التيار.

لم أندهش كثيرًا من منسوب غياب ذوي الشأن من المتنافسين على جوائز الاتحاد الأفريقي، على اعتبار أن مخرج الحفل كان قد كتب السيناريو مبكرًا، ومن دون أي تشويق هتشكوكي يجذب أقطاب التنافس للاستمتاع حتى لو بجمال وسحر مراكش على أقل تقدير.

لا أدعي في العلم فلسفة؛ لكن "المُغطّى" الذي بات مكشوفًا يعري جوائز (الكاف) من محتواها ويفرغها من مبتغاها، طالما وقد فهم من السياق العام أنها جوائز ضلت الطريق، وابتعدت تمامًا عن المنطق.

ولا داعي للخوض في مبررات (الكاف) المقلية على زيت الخداع والغش، على أساس أن لاعبًا مثل الجزائري رياض محرز كان يستحق أن يدخل في سباق الذهب مع الحارس المغربي العملاق ياسين بونو.

لم يقدم فنيو (الكاف) أسبابًا مقنعة تدافع عن دخول المصري محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي، والمغربي أشرف حكيمي نجم باريس سان جيرمان الفرنسي، قائمة الثلاثي المحظوظ، وكل ما تتبعناه في هذا الشأن مجرد طرح متباعد ومتنافر حجته (غامقة) وليست دامغة.

بدون شك كان حفل توزيع الجوائز باردًا وفاترًا، لم تنجح باقات الغناء والرقص في تسخين الأجواء؛ لذا مرت مراحل توزيع الجوائز بسيناريو ممل للغاية، خلا تمامًا من مظاهر الترقب التي اعتدناها في جوائز الاتحادات القارية الأخرى.

لن أخوض في مسألة تتويج وليد الركراكي بجائزة أفضل مدرب في أفريقيا، لأن التشكيك في هذا الاختيار غباء وضرب من الجنون، فليس هناك من هو أجدر وأحق من مدرب منتخب المغرب الذي صنع في مونديال قطر إنجازًا بطعم الإعجاز، بقيادته الحكيمة لمنتخب أسود الأطلس نحو مربع الأقوياء، لأول مرة في تاريخ القارة السمراء.

وإذا كان تتويج وليد الركراكي بجائزة أفضل مدرب يتماشى مع المنطق، فمن غير المعقول أن يتجاهل (الكاف) الجزائري عبد الحق بن شيخة مدرب فريق اتحاد العاصمة، وهو الذي قاد فريقه لإحراز لقبين أفريقيين (كأس الاتحاد الأفريقي والسوبر الأفريقي).

وما يثير كل علامات التعجب أن الاتحاد الأفريقي لم يوجه الدعوة للمدرب عبد الحق بن شيخة من أساسه لحضور الحفل، ولو من باب المجاملة وجبر الخاطر واعترافًا بالموسم الكبير الذي تألق فيه هذا المدرب في ميدان الحذق التدريبي.

بلا شك أن هكذا تصرف أو تعنت أزعج الجزائريين كثيرًا، فاتهموا (الكاف) علانية على أنه يعزف على أوتار الخلافات المغربية الجزائرية، ويخلط زيت السياسة بماء الرياضة.

وليس ثمة من يشعر أنه مستهدف من طرف (الكاف) أكثر من الجزائري رياض محرز الذي لم تشفع له ثلاثيته التاريخية مع مانشستر سيتي الإنجليزي في دخول القائمة الثلاثية على أقل تقدير، ويعتقد أنصاره أن استهدافه جاء على خلفية مواقفه الداعمة لقضية شعب فلسطين، والله أعلم.

وما يثلج الصدور ويدفئ الجوانح في عز البرد والزمهرير أن أصواتًا مغربية وجزائرية تعالت وطالبت (الكاف) بأن يكون منصفًا في جوائزه ويعطي كل ذي حق حقه، سواء تعلق الأمر بأحقية ياسين بونو بجائزة أفضل لاعب أو رياض محرز.

وإذا كان المغربيون قد أقروا بأحقية رياض محرز الذي أسهم في 36 هدفًا بين صناعة وتسجيل، بالإضافة إلى ثلاثيته التاريخية مع مانشستر ستي (الدوري الإنجليزي وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا)، فإن الجزائريين من جانبهم اعترفوا بأحقية ياسين بونو بالجائزة، نظير فوزه مع إشبيلية بكأس الدوري الأوروبي، ومساهمته الأسطورية في منح المغرب المركز الرابع في مونديال قطر.

أخطر ما في الأمر أن هناك شعورًا جزائريًا شعبيًا ورسميًا يتنامى يومًا بعد يوم، يوحي بأن (الكاف) يستهدف الكرة الجزائرية ويبخسها حقوقها، وهذا الشعور لم يتجذر في النفوس لأن رياض محرز دفع ثمن التلاعب بالجوائز الفردية فقط، ولكن لأن الكاف حرم نادي اتحاد العاصمة من جائزة أفضل نادٍ في القارة لحساب النادي الأهلي المصري.

انفض مولد جوائز الاتحاد الأفريقي، وقد أسال فرسانه المتوجون بالجوائز الفردية والجماعية الكثير من حبر الانتقادات يكفي لملء المحيط الأطلسي، لكن تبقى حقيقة واحدة لا يمكن مداراتها، مفادها أن ما حدث في مراكش شيء يشبه الفضيحة.

شارك: