تتدرب سراً وتسبح عكس الأمواج.. من يرحم العهد والأنصار؟

2021-06-08 09:01
فريق العهد لحظة تتويجه بلقب مسابقة الاتحاد الآسيوي عام 2019 (facebook)
Source
+ الخط -

العام المنصرم كان عاما مثاليا في تاريخ مشاركات الأندية اللبنانية في المسابقات الخارجية، حيث حمل نادي العهد كأس الاتحاد الآسيوي في إنجاز غير مسبوق على الصعيد الخارجي، وكان العهد ثالث فريق من لبنان يبلغ نهائي المسابقة الآسيوية بعد النجمة عام 2005 والصفاء عام 2008.

تاريخيا كانت الأندية اللبنانية تشارك أحياناً في ظروف أمنية استثنائية أو تنسحب أحياناً أخرى بسبب آلة الحرب السائدة وغياب الدعم والمنشآت، وعلى الرغم من وجود نجوم تاريخيين كما ونوعاً، إلا أن تلك الأيام الحالكة التي مر بها لبنان لم تسمح بتسجيل الإنجازات حتى أنها لم تسمح بإقامة دوري منتظم، وإذا حصل ذلك فإن الأندية كانت منقسمة على ضفتي العاصمة اللبنانية الجريحة.

وبعد ثلاثين عاما على نهاية الحرب اللبنانية جاء نادي العهد من خارج الأندية العريقة وفرض نفسه محليا بفضل نهج إداري وفني استثنائي وتمكن بعد حين من تخطي الحاجز الآسيوي، حيث خاض أحد عشر لقاء دون خسارة وقفز فوق كل العقبات مهديا لبنان لقبا عزيزا للتاريخ كرس فيه أيضا هيمنة أندية غرب آسيا على المسابقة.

كان الوسط الرياضي في لبنان يأمل أن يشكل انتصار كوالالمبور فاتحة خير للأندية اللبنانية على صعيد هذه المسابقة على الأقل ريثما تؤمّن فيها الشروط المطلوبة للمشاركة في المسابقة الآسيوية الأولى، المتمثلة في دوري أبطال آسيا، وهي شروط ليست قادرة على تلبيتها.


اليوم وبعد تسمية الاتحاد اللبناني لكرة القدم العهد والأنصار لتمثيل لبنان في هذه المسابقة، فإن الوضع مختلف تماما على كافة الصعد، سواء على صعيد الإقفال وجائحة كورونا، أوعلى صعيد الانهيار المالي الذي هز قطاع الرياضة في لبنان وهجّر اللاعبين المحترفين الأجانب من الملاعب اللبنانية، موقعا تلك الأندية في ضائقة مخيفة. جاء ذلك في منتصف موسم متعثر لا تتدرب فيه الفرق إلا قليلا أو حتى بالسر لكي تبقي على جاهزية لاعبيها لدوري يتوقف حينا ويعاود نشاطه بصيغته المختصرة حينا آخر.

السؤال: أي لاعب أجنبي سيغامر بالقدوم إلى لبنان الآن؟ وتحت أي شرط مادي في ظل الظروف القاهرة التي يعيشها هذا البلد ومعه القطاع الرياضي بأسره؟، هذا ما طرحه موقع winwin على نادي العهد حامل لقب المسابقة والأنصار متصدر الدوري المحلي، الذي بات يعتمد على اللاعبين المحليين، خصوصا الناشئين الذين يرتضون بأي شرط مادي ويسدون الفراغ الحاصل في سبيل مستقبل أفضل.

الأمين العام لنادي العهد محمد عاصي قال إن التسمية لم تتغير على اعتبار أن النسخة الأخيرة لم تكتمل، شاكرا اتحاد كرة القدم اللبناني الذي أتاح الفرصة للمشاركة والتعويض عن الموسم المتوقف قاريا، وقال إن رحلة الدفاع عن هذا اللقب ليست بالمهمة السهلة بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة والأزمة المصرفية والجائحة الصحية وصعوبة استقدام اللاعبين الأجانب.

وأكد عاصي أن التوقف وعدم وجود ملاعب مؤهلة للاستضافة، كلها عوامل تفاقم المشاكل. ويضيف أنه إذا أردنا تخطي هذا الكم من المشاكل أو نصفها على الأقل فسنحتاج لجهد أكثر من مضاعف، متوقعا أن تقام البطولة بنظام التجمع وهذا سيخدم الأندية اللبنانية، نظرا لعدم وجود ملاعب صالحة للاستضافة إذا كانت ستقام بنظام الذهاب والإياب. ويختم عاصي: "إن اللبناني معروف بقدرته الاستثنائية على تخطي العقبات وإيجاد الحلول التي تؤدي لنتائج إيجابية، وهذا ما سيسير عليه العهد كما سار من قبل ووصل إلى القمة متمنيا التوفيق لممثلي لبنان في هذا الاستحقاق.

أما مدير فريق الأنصار والمشرف العام جهاد محجوب، وهو من أبرز الحراس في تاريخ لبنان، فيقول إن تسمية الأنصار ليست بجديدة بالنظر إلى التاريخ الحافل لهذا النادي الذي اعتاد تمثيل لبنان خير تمثيل، وهذا الموسم تبقى المشاركة تحديا كبيرا بالنسبة للنادي الأخضر ورئيسه نبيل بدر الذي يبحث دائما عن التحدي في مختلف الظروف، ويضيف محجوب أن الأوضاع قاسية جداً من كافة النواحي، و"نحن كمن يسبح عكس الأمواج"، لذلك فإن المشاركة ليست بالمهمة السهلة، خاصة أن معظم الفرق تبحث عن السبل الكفيلة بإجراء التمارين، والأنصار الذي تعود تطويع المستحيل سيجد نفسه بعد حين على أبواب هذا الاستحقاق ولا أحد سيرحم النادي عندها.

وأردف محجوب أن الأنصار أخذ وقتا لكي يسير نحو القمة في المستوى والنتائج قبل انطلاق الموسم، وقد وجد نفسه عندما انطلقت المنافسة وسار على السكة الصحيحة، لكن الموضوع آسيوياً مختلف في ظل موسم يتوقف حينا ويستأنف حينا آخر وهذه مشكلة كبرى، أما المشكلة الأخرى، يوضح محجوب، فهي الأزمة المالية التي تعصف بالأندية اللبنانية منذ فترة ليست بالقصيرة والتي حدت من طموحاتها في اللجوء إلى اللاعبين المحترفين، لكنها جعلت اللاعب المحلي يأخذ حقه أكثر ومنحت اللاعب الناشئ فرصة لإثبات الذات.

يشدد محجوب أن الفريق يحارب على أكثر من جبهة، وكل واحدة من تلك الجبهات عقبة بحد ذاتها ويقول: "نجد أنفسنا في وسط الملعب ومطالبون بتمثيل مشرف، وهذا ما لم يبخل به الأنصار يوما على الكرة الوطنية ولن يبخل في الحاضر مهما كانت الحقيقة صعبة". ويضيف الحارس العملاق الذي بدأ مسيرته في الصفاء يافعا قبل الانتقال إلى الأنصار: "ليت الظروف تخدمنا لإعادة البسمة لهذا الشعب الذي بات اليوم يفتقد لأبسط مقومات الحياة".

أندية لبنانية تقاتل بالحد الأدنى وتعتمد على مساعدات من الفيفا لكي تستمر، لكنها تصرعلى النفاذ والصمود بوجه العاصفة كما صمدت خلال أيام أصعب.. أيام اللعب على ملاعب ترابية تحت أزيز الرصاص.

شارك: