يا لاعبي الأهلي: اطلبوا الفوز ولو على ريال مدريد!

2023-02-07 19:16
نادي الأهلي المصري (Getty)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"لا شيء مستحيل"، هذا هو الشعار الذي يردده لاعبو الأهلي قبل مواجهة عملاق أوروبا ريال مدريد في نصف نهائي كأس العالم للأندية في المغرب.

"نعم نستطيع"، هذا هو الهتاف المدوي الذي يتردد صداه في كل أنحاء القرية الإلكترونية المسماة (الأرض)، وهو هتاف يعتلي المنابر وينطلق من الحناجر الأهلاوية، وكأنه جلمود صخر حطه السيل من علِ.

وبين شعاري (لا شيء مستحيل) و(نعم نستطيع) ثمة مؤشرات إيجابية على الورق توحي بأن الأهلي يقف هذه المرة على أرض صلبة، فيما يبدو منافسه الغول ريال مدريد في حالة شك بالنظر إلى تردي نتائجه في (لا ليغا)، والغيابات الوازنة في مختلف الخطوط بداعي الإصابة.

ومع أن الأهلي يتخذ من الفوز مبدأ لا يحيد عنه مهما كانت الأسباب والمسببات، إلا أنه في مواجهة نادي القرن الأوروبي بحاجة إلى تدابير، هي خليط من الذاتي والموضوعي.

في تصوري أن الأهلي يمكنه بالكثير من الثبات الانفعالي أن يضغط على منطقة الألم التي تستنزف قوى ريال مدريد نفسيا ومعنويا، بداية بالتوتر الملحوظ الذي يلف الفريق الملكي، مرورا بمرحلة الشك التي ضربت نفسيات اللاعبين بعد الخسارة غير المتوقعة من ريال مايوركا، ونهاية بغياب العمود الفقري الرأسي للريال: الحارس تيبو كورتوا، والمدافع إيدير ميليتاو، والمهاجم الهدّاف والقائد كريم بنزيما.

أثبتت التجارب التي تعرض لها ريال مدريد أنه يفقد هويته الفنية تماما أمام الفرق الحاضرة ذهنيا، ويتحلل ويتلاشى تكتيكيا أمام الفرق التي تجيد ممارسة الضغط العالي. 

وعندما طبق برشلونة في نهائي السوبر الإسباني الضغط على بناء ريال مدريد بتكثيف الوسط، فقد ريال مدريد ميزة المباغتة من العمق، فأصبح الرواق الأيمن -مصدر خطورة الريال- عاريا تماما.

ولأن المعركة الشائكة في كرة القدم الحديثة تكمن في وسط الملعب، فمن الأهمية بمكان أن يستعين السويسري مارسيل كولر، مدرب الأهلي، بكومندوز متعدد المهام، يعرف كيف يضغط دون تشنج؟ وكيف يلعب السهل الممتنع؟ وكيف يباغت دون أن يمنح خط وسط الريال فرصة لالتقاط أنفاسه؟

لاحظوا أن ريال مدريد لا يستهوي كثيرا لعبة الاستحواذ وتدوير الكرة كثيرا؛ لأن منطقه التكتيكي دائما يتكئ على عمود فقري مائل من كورتوا إلى فينيسيوس جونيور ونهاية ببنزيما، المحطة التي تزود القادمين من الخلف بالوقود.

وعندما سيلعب ريال مدريد أمام الأهلي أمام جمهور عربي أهلاوي متعطش، سيتعين على كارلو أنشيلوتي تجهيز أدوات أخرى تعوض هذا القزاح المائل الذي يصنع الفارق دائما، ورغم ذلك تبقى عملية تعويض فاعلية بنزيما في العمق، وجسارة كورتوا في المرمى مسألة شبه مستحيلة.

ليس من المنطق القول إن طريق الأهلي نحو النهائي يبدو معبدا ومفروشا بالورود في ظل غياب ثالوث التوازن كريم وميليتاو وكورتوا؛ لأننا هنا نتحدث عن بطل أوروبا الذي يمتلك الحمض النووي للبطولات، فبدون جدال سيجد أنشيلوتي في مفكرته حلا لكل عقدة مهما بدت على الورق مستعصية.

ولكي تحتوي ريال مدريد وتحرمه من فلسفته وطبيعته المعتادة في تعذيب المنافسين، عليك أن تكون ذكيا في تسيير المباراة، ومتعقلا في قراءة المباراة وتقسيمها على مراحل، ولعل أول شرط للإيقاع بالريال يتمثل في منح الخط الدفاعي الأهلاوي صلابة فولاذية تبطل مفعول تسربات السريع فينيسيوس.

تكتيكيا يبقى خيار تكثيف الوسط حلا مناسبا لمنع وسط الريال، المؤلف من مودريتش وكروس وتشواميني وفالفيردي، من فرصة البناء الهادئ.

وبالطبع يحتاج الأهلي إلى غطاء تكتيكي مناسب للتكيف مع الخصم، ومن ثم إنتاج خيارات فعالة تمزج بين الواقعية وسرعة رد الفعل في حالتي الامتداد والارتداد.

يتسلح ريال مدريد كثيرا بالعامل النفسي، فلن يتوانى أنشيلوتي عن ترهيب لاعبي الأهلي بهجوم كاسح في محاولة لقمع حماس لاعبي الأهلي وبث الذعر في نفسياتهم، من هنا كلما كان الأهلي صبورا وغير منفعل أو منزعج، كلما تبلورت خيارات أخرى قد تؤلم ريال مدريد إذا لم يحتو الأهلي في الشوط الأول.

هناك فارق كبير بين الاحتواء الذي يواجهه الأهلي في الدوري المصري مع سبق الإصرار والترصد، وبين سياسة الاحتواء الخاطفة التي ينوي أنشيلوتي الاعتماد عليها في موقعة الدار البيضاء.

في وسع كولر أن يؤذي ريال مدريد، بشرط أن يحسن التكيف مع عملية الاحتواء المدريدية، فلقد أثبتت ليالي ريال مدريد غير الملاح أن اللاعبين يتوترون ويفقدون إيقاعهم كلما مر الوقت دون تسجيل هدف، تماما مثلما أكدت التجارب السابقة أن ريال مدريد يخسر المصاقرة السيكولوجية كلما دخل مرماه هدف مبكر.

بمقدور لاعبي الأهلي أن يستلهموا معنويا من الفوز الذي حققه الأهلي على ريال مدريد عام 2001 في القاهرة، فمشاهدة لقطات لتلك المباراة كفيلة بأن ترفع منسوب التحدي عند لاعبي الأهلي إلى الدرجة القصوى.

صحيح أن تلك المباراة الخالدة التي جمعت بطلي القرن في أفريقيا وأوروبا كانت ذات طابع ودي، إلا أن قيمة الفوز كانت توازي الفوز ببطولة العالم للأندية؛ لأن لاعبي الأهلي وقتها تفوقوا على (جلاكتيكوس) الريال المخيف والمرعب: زين الدين زيدان وروبرتو كارلوس وراؤول غونزاليس وكلود ماكاليلي وإيكر كاسياس وفرناندو هيرو ولويس فيغو.

ولأن التعامل مع ريال مدريد المتشبع بمثل هذه الأنسجة من المباريات يحتاج بالضرورة إلى ثبات انفعالي ولياقة نفسية وبدنية وهدوء، فإن كل هذه الاحتياجات المعنوية تتطلب أن يصل تركيز اللاعبين والمدرب إلى 3000%، على اعتبار أن الخطأ في مثل هذه المباراة المصيرية ممنوع.

ويا لاعبي الأهلي خذوا من جيل هادي خشبة وصنداي وحسام غالي وعصام الحضري وخالد يبيبو ووائل جمعة حكمة الإيقاع بريال مدريد، لا تهابوا حجم المنافس، اطلبوا الفوز في (كازا بلانكا) ولو على حساب الغول ريال مدريد.

شارك: