هل حققت قطر أهدافها "غير الرياضية" من كأس العالم؟

2022-12-21 16:57
منظر عام لاستاد لوسيل المونديالي بقطر (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

بعد إسدال الستار على بطولة كأس العالم 2022، وشهادة الجميع بأنها البطولة الأفضل على كل المستويات التنظيمية والفنية، بدأت قطر تحصد ثمار هذا النجاح على العديد من المستويات غير الرياضية.

ومع إسدال الستار على المونديال العالمي، أثبتت قطر، في رد عملي على كل المشككين، أنها قادرة على تنظيم كبرى الأحداث العالمية بسلاسة ويسر ودون تعقيدات، وكما كان مُتوقعًا، حققت قطر أرباحًا مالية غير مسبوقة في تاريخ المونديال، وصلت إلى أكثر من 17 مليار دولار.

وفي هذا التقرير، نقدم لكم الكيفية التي حققت قطر من خلالها أهدافها "غير الرياضية" من استضافتها لبطولة كأس العالم

التعرف إلى الثقافة القطرية

وصل عدد زوار قطر خلال كأس العالم إلى أكثر من مليون و400 ألف زائر من جميع أنحاء العالم، وجميع هؤلاء تعرفوا إلى الثقافة القطرية، وحسن الضيافة والكرم الذي يُشتهر به سكان الدولة الخليجية.

ونجحت قطر من خلال استضافة هذا الكم الهائل من الجماهير من المقاربة الثقافية بين الشّعوب، وجسدت ذلك من خلال حفل الافتتاح، كما تجلى هذا الأمر في جملة الأنشطة المصاحبة للمونديال، وهي الأنشطة التي تم من خلالها إرسال جملة من الرسائل الثقافية، التي تدور حول تخليص صورة العربي والمسلم ممّا علق بها من شوائب مغلوطة على مدى عقود.

ومنذ الأيام الأولى للبطولة، رأينا مشجعي المنتخبات المشاركة يرتدون عباءات بألوان علمهم، كتعبير عن اهتمامهم بالانفتاح على ثقافة البلد المُضيف، وفي كل مباراة، كنا نرى مشجعين يرتدون غطاء الرأس الخليجي، أو عباءات بألوان مختلفة، وآخرين يتعلمون كلمات عربية، أو يرقصون في الشارع على أنغام أغنيات عربية.

ودون شك، فإن النسخة القطرية من كأس العالم منحت قطر فرصة كبيرة للتعريف بثقافة المنطقة بطريقة جميلة ومختلفة.

ويدل على ما سبق ارتفاع مبيعات "البشت" -وهو لباس قطري تقليدي- بنسبة كبيرة وصلت حسب تقديرات إلى 150%، بعدما ألبسه أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، لقائد الأرجنتين ليونيل ميسي، قبل تسلم الأخير مُجسم كأس العالم.

نمو الاقتصاد القطري

وعلى الجانب الاقتصادي، تشير التوقعات إلى أن اقتصاد قطر سينمو بنسبة تُقدَّر بـ3.4% عام 2023، بفضل زخم كأس العالم، خصوصًا أن قطر أنشأت المرافق بصورة إستراتيجية، لكي تفيد اقتصادها بعد كأس العالم، ومن المحتمل أن يؤدي استثمار قطر المستمر في تحديث مرافقها إلى توسيع نطاق مبادرات النقل والتجارة والاقتصاد.

واستفادت قطر من عدد الزوار الإضافي للبلاد، وقد أصبحت البلاد قبلة حقيقة لرواد الأعمال الاقتصادية؛ من فنادق ومتاجر ملابس وسلع رياضية، واستثمارات أخرى.

ووفقاً للجنة المنظمة للبطولة وخبراء الاقتصاد، فإن استضافة الحدث عززت مقومات التنمية المستدامة في الاقتصاد القطري، من خلال انعكاس عائدات البطولة على الأداء الاقتصادي لدولة قطر على المدى المتوسط والبعيد.

وحسب الأرقام الرسمية المعلنة، تُقدَّر العائدات المالية المباشرة من تنظيم بطولة كأس العالم قطر 2022 بنحو 8 مليارات ريال قطري (2.2 مليار دولار)، فيما تُقدَّر العائدات الاقتصادية طويلة الأجل، خلال الفترة من 2022 إلى 2035، بنحو 9.9 مليارات ريال (2.7 مليار دولار)، وسط ارتفاع عائدات السياحة خلال فعاليات كأس العالم وما بعدها.

ويُعتبَر قطاعا الطيران والضيافة من أكبر المستفيدين من تنظيم الحدث الرياضي الأبرز، بسبب الانطباع الجيد عن قطر في قدرتها على التنظيم الرائع لأفضل نسخة من نهائيات كأس عالم على الإطلاق، وتميزها وتطورها وقوة بنيتها التحتية، ومن شأن ذلك بالطبع أن يؤثر إيجابًا في زيادة تدفق السياح لزيارة الدولة، وبالتالي زيادة في دخل قطاعي الطيران والضيافة.

ازدهار الإيرادات السياحية

وعززت كأس العالم مركز قطر على خريطة السياحة العالمية، وظهر الزخم الإيجابي لقطاع السياحة في قطر في النصف الأول من عام 2022، إذ ظلت قطر مقصدًا سياحيًّا حيويًّا في المنطقة.

وحسب تقديرات الفيفا، فإن نحو 5 مليارات شخص شاهدوا كأس العالم، ومن الممكن أن يسعى نحو 80 مليون شخص لزيارة قطر على مدار السنوات القادمة.

وحسب تقديرات قطرية، من المتوقع أن يزور نحو 5 ملايين شخص البلاد في 2023، خصوصًا أن الدولة بدأت بتحويل مرافق كأس العالم إلى مجتمعات ومدارس ومستشفيات جديدة، وكذلك إلى نقاط انطلاق لتدفقات السياحة.

تسريع إنجاز متطلبات رؤية قطر الوطنية 2030

من المعروف أن قطر اعتمدت منذ عدة سنوات على الرؤية الشاملة للتنمية، وذلك باعتبار التنمية الشاملة هي الهدف الأساسي لتحقيق التقدم والازدهار للمواطنين، حيث تهدف رؤية قطر 2030 إلى تحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلًا بعد جيل.

ومن أجل هذا الهدف أنفقت الدولة حوالي 220 مليار دولار، لتطوير بنيتها التحتية وتجهيز مرافقها، لتزيد من مكانتها كوجهة سياحية واستثمارية وتجارية في مرحلة ما بعد انتهاء المونديال.

وأسهم المونديال في تلبية العديد من شروط "رؤية قطر الوطنية 2030"، حيث أسهمت بطولة العالم في تلبية احتياجات الجيل الحالي، وبعض احتياجات الأجيال القادمة، وأسهمت في النمو المستهدف والتسريع في مسار التنمية.

وأسهم المونديال، الذي كان من ضمن أهدافه الاستدامة والإرث، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وتنميتها، وأسهم كذلك في تطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي، قادر على تلبية احتياجات مواطني قطر في الوقت الحاضر والمستقبل، وتأمين مستوى معيشي مرتفع، بالإضافة إلى الإسهام في حماية البيئة من خلال مرافق صديقة للبيئة.

شارك: