مارادونا يُحفِّز شباب العراق  

تحديثات مباشرة
Off
2023-05-21 14:23
لاعبو شباب العراق يخوضون واحدة من الحصص التدريبية في ملعب إستودينيتيس استعدادًا لمواجهة أوروغواي (ifa.iq)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

ما هي إلا 48 ساعة، ويكتب تاريخ كأس العالم للشباب بالنسخة 23 الحدث المونديالي الأبرز لمُمثّل العرب (منتخب العراق تحت 20 سنة) خوضه المباراة الأولى أمام نظيره الأوروغوياني في ملعب "دييغو أرماندو مارادونا" بمدينة بوينس آيرس الأرجنتينية؛ حيث يُضيّف ثاني مباريات المجموعة الخامسة التي تضمُّ (إنجلترا وتونس) أيضاً.

اللافت قُبيل المواجهة الآسيوية لنظيرتها أمريكا الجنوبية، أن اسم أرفع عُظماء كرة القدم، الأرجنتيني مارادونا (30 أكتوبر 1960 - 25 نوفمبر 2020) يُضفي حالة من الهيبة على مكان المباراة بتاريخه الساحر لأجيال أزمنة اللعبة، وسيكون عاملاً مُحفِّزاً لشباب العراق للظهور بالمستوى المأمول؛ وذلك لأهميّة المسؤوليّة الوطنيّة المُلقاة على عاتقهم، ولرغبتهم الجامحة في أن يتركوا ذكرى رائعة على أديم ملعب ملك الأحساس التهديفي والموهبة الفريدة.

هي ذات البدايات للاعبي العراق وتونس وهُم يخطّون أولى مسارات الشهرة في طريق صعب يحدوهم الأمل في أن ينتهي بخيرٍ ليواصلوا التدرّج الطبيعي في تمثيل المنتخبات الوطنيّة مستقبلاً التي غالباً ما تستبعدهم في البدايات لصُغر سنّهم، وهو ما عانى منه مارادونا يوم وجد نفسه خارج حسابات المدرب سيزار لويس مينوتي قبيل كأس العالم 1978 التي ضيّفها بلدهم، ما منحه دافعاً للعطاء بعد عام في كأس العالم للشباب في اليابان ليُثبت خطأ قرار المدرب الأشهر في وطنه، وبالفعل خطف (الطفل الذهبي) اللقب العالمي للشباب بعدما أسهم في هزيمة الاتحاد السوفيتي في نهائي البطولة بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، وأذهل جميع النُقّاد عن سرِّ دهائهِ.   

ما يُثير أهتمام متابعي كأس العالم للشباب هو الحافز المعنوي القوي لمنتخبات تمتلك مشاركات ضعيفة في ملفِّ البطولة مثل العراق وصيف بطل كأس آسيا تحت 20 سنة (أوزبكستان) في موقعة "ميلي ستاديوم" التي أنتهت بهدف للمضّيف يوم 18 مارس/ آذار 2023؛ إذ لم يُسجّل خلال وجوده في بطولة كأس العالم خمس مرّات سوى المركز الرابع في النسخة التركيّة عام 2013 بعد خسارته من غانا بالثلاثة، وسيواجه أوروغواي وصيف بطل أمم أمريكا الجنوبية تحت 20 سنة (البرازيل) بعدما انتهى اللقاء لمصلحة الأخير بهدفين نظيفين في ملعب "الكامبين" في بوغوتا بكولومبيا يوم 13 فبراير/ شباط 2023، في حين كانت مشاركة أوروغواي أفضل من العراق، وبرغم عدم حصولها على لقب البطولة، إلا أنها نالت مركز وصيف البطل مرّتين (ماليزيا 1997 وتركيا 2013) والمركز الثالث (اليابان 1979) والمركز الرابع (تونس 1977 ونيجيريا 1999 وكوريا الجنوبية 2017).

لا يُمكن الجزم بقوّة حظوظ أيّ من المنتخبين العراقي والأوروغوياني في ظلّ حسابات الماضي، فالظروف مختلفة من ناحية نوعيّة اللاعبين والفكر التدريبي والأهداف المرسومة من اتحاديهما، كلّها ستلعب دوراً مفصليّاً في حسم نتيجة مباراة كشف الهويّة في ملعب مارادونا.

من دون شك، سيواجه مدرب منتخب العراق الشباب عماد محمد مهمّة عسيرة يفتقد خلالها للتجربة والخبرة، علاوة على محاولته الخروج من عُنق زجاجة الإعلام الذي مارس معه أقسى هجماتهِ عبر برامج القنوات الرسميّة ومنصّات التواصل الاجتماعي بسبب تسميته 23 لاعباً لا يمتلك أغلبهم نقاط الأفضليّة مع أقرانهم المُحترفين أمثال بلند آزاد (فريق رديف غرافشاب الهولندي) ومصطفى عُمران (رديف أتلانتا الإيطالي) وشربل شمعون (ويسترن سيدني الإسترالي) وعلي شاخوان (أربيل) وعلي حيدر (رديف ستوك سيتي).

المنتخب العراقي كان بحاجة إلى خدمات اللاعب الشاب زيدان إقبال (مانشستر يونايتد) وتم تغييبه خارج إرادة الجهاز الفني للمنتخب، وذلك لعدم موافقة مدرّبه على الحضور في البطولة، والجمهور العراقي توّاق لرؤيته في مناسبات قادمة لما يحمله من جينات أروع النجوم الذين مروّا في تاريخ الكرة العراقية الزاخرة بالعطاء في مختلف جبهات المنافسة العربيّة والقاريّة والعالميّة، ويكفي للدلالة على ذلك حصول حسين سعيد (لاعب القرن في العراق) على الحذاء الفضّي بعد تسجيله أربعة أهداف في مونديال الشباب في النسخة الأولى بتونس عام 1977 برغم صعوبة المجموعة الرابعة التي وقع فيها المنتخب إلى جوار الاتحاد السوفيتي والباراغواي والنمسا.

أمنياتنا لمنتخب تونس الشقيق أن يُقدِّم هو الآخر العروض الخلّابة المعروفة عنه بقيادة المدرب منتصر الوحيشي الذي يعي أهميّة حضور  (نسور قرطاج الشباب) أمل بلدهم في المحافل الخارجيّة، ليعكسوا مع ليوث الرافدين الصورة البرّاقة لواقع كرة الفئات في بلديهما، واستحقاقهما تمثيل قارتي أفريقيا وآسيا باقتدار عالٍ، آخذين بالحُسبان أن الكرة أمُّ المفاجآت كلما أمَّنوا دقائقها التسعين، فالمثابرة والحماسة وتهديد المنافسين في مناطقهم تزيدهم إصراراً على البقاء في البطولة أطول مُدّة ممكنة، وسيكون للّقاء "الثاني" بينهما في المجموعة يوم الجمعة القادم نكهته المُميّزة برسم تشريف كرة العرب في أرض التانغو للشروع بولادة جيل جديد هناك يُكمل رسالة أسلافه بطموحاتٍ أخلاقيّةٍ تُحقّق كُلّ التصوُّرات الاستباقيّة بمُقارعة المستحيل في حدود المستطيل.

شارك: