لماذا تقل أعمار لاعبي كرة القدم في الأولمبياد عن 23 عامًا؟

تحديثات مباشرة
Off
2024-03-31 21:22
العديد من النجوم انضموا لمنتخبات بلدانهم في أولمبياد طوكيو 2020 (Getty)
محمد أبو الوفا
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

مصطلح "المنتخب الأولمبي" حديث العهد في كرة القدم العالمية، وهو نتاج هدوء العواصف التي استمرت لعقود بين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بشأن مشروعية منافسات كرة القدم في الأولمبياد وآلية تحديد اللاعبين المشاركين، فكيف بدأت القصة؟

أبدى الاتحاد الدولي لكرة القدم مخاوفه من أن تنافس كرة القدم الأولمبية مسابقة كأس العالم وما سيترتب على ذلك من تناقص العوائد المالية وإضعاف سيطرة الفيفا على اللعبة، ومن ثَم رفض منح الإذن للاعبين المقيّدين في سجلاته، باللعب مع منتخبات بلدانهم في دورات الألعاب الأولمبية. 

وأعلن عدم اعترافه بمنافسات كرة القدم في دورتي 1900 و1904، إلى درجة أن اللعبة ألغيت تمامًا في دورة عام 1932 في لوس أنجليس، لما ارتآه "الفيفا" من هزل في إقامة تجمع عالمي لكرة القدم كل عامين، إذ أقيم المونديال في أوروغواي عام 1930 قبل دورة عام 1932 بعامين.

في تلك النسختين بالتحديد 1900 و1904، اقتصرت المشاركة على اللاعبين الهواة، لتخوُّف اللجنة الأولمبية الدولية بدورها من أن تخطف كرة القدم الأضواء من بقية الألعاب، لما تتمتع به الساحرة المستديرة من شعبية جارفة مقارنة بالرياضات الأخرى، بيد أن اللجنة، مع ركاكة المستوى المُقدّم من هؤلاء الهواة، شرعت في تقديم طلبات للفيفا للسماح بالتحاق المحترفين لكسب الدورات الأولمبية مزيدًا من المنافسة والقوة.

ولكنها دومًا قوبلت بالرفض، قبل يتوصل الطرفان أخيرًا عام 1983 إلى اتفاق للسماح للاعبين المحترفين بالانضمام إلى أولمبياد 1984 في العام التالي في لوس أنجليس، وكما كانت هذه الدورة أول دورة حديثة تشهد غياب كرة القدم، أصبحت أيضًا أول دورة تشهد دعوة المحترفين للمنافسات.


دورة لوس أنجليس 1984 وبداية الانفتاح

عودة اللاعبين المحترفين بداية من لوس أنجليس 1984 كانت بشروط قاسية من قبل الفيفا الذي وضع بندًا لا يسمح بمشاركة اللاعبين الذين سبق لهم تمثيل منتخباتهم في كأس العالم، وأعطى الرخصة فقط للاعبين غير الدوليين مهما بلغت أعمارهم، وسرى هذا البند فقط على منتخبات أوروبا وأمريكا اللاتينية لأنهم، بطبيعة الحال، يمتلكون أفضل اللاعبين.

أعمار لاعبي كرة القدم في الأولمبياد | من هنا صار العُرف

خفف الاتحاد الدولي لكرة القدم من القيود المفروضة وبالتحديد في جزئية أعمار لاعبي كرة القدم في الأولمبياد ليسمح عام 1992 بالتحاق اللاعبين المحترفين، سواءٌ أكانوا دوليين أم غير دوليين، بدورة برشلونة، بشرط أن تقل أعمارهم عن 23 عامًا.

وهو الشرط الذي سيضمن عدم مشاركة أباطرة ونجوم اللعبة في ذلك الوقت، ومن ثَم لن ينجذب المتابعون إلى الأولمبياد، وسيظل الشغف مرهونًا بكأس العالم فقط.. في تلك النسخة باتت غانا أول دولة إفريقية تحصل على ميدالية أولمبية في كرة القدم بفوزها ببرونزية المركز الثالث، وصارت أعمار لاعبي كرة القدم في الأولمبياد "عُرفًا مُتعارفًا" عليه إلى اليوم.


السماح بـ 3 لاعبين فوق السن

مرت 4 أعوام أُخَر، وبعد سلسلة من المفاوضات المستمرة بين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم، توصّل الطرفان قبل انطلاق دورة أتلانتا 1996 إلى اتفاق جديد، رأت فيه الصحافة الأمريكية انتصارًا للأولمبياد.

ويقضي الاتفاق بالسماح لـ3 لاعبين من النجوم فوق سن 23 عامًا بتمثيل منتخبات بلدانهم، وهو ما جعلنا نشاهد داني ألفيس (40 عامًا) قائدًا للبرازيل في نسخة طوكيو 2020. وانتهت نسخة أتلانتا 1996 بانتزاع منتخب نيجيريا الذهب من براثن الأرجنتين بعد تحقيق الفوز في المباراة النهائية بنتيجة 3-2.

ماذا عن أعمار لاعبي كرة القدم في دورة طوكيو 2020؟

بالنظر إلى تأجيل الدورة عامًا كاملًا بفعل جائحة كورونا، فإن اللاعبين البالغين من العمر 22 عامًا في عام 2020، صار عمرهم في الوقت الحالي 23 عامًا، ما يعني أنهم تعدوا السن القانوني للالتحاق بمنتخبات بلدانهم في الأولمبياد؛ لذلك استجاب الفيفا لمطالب كوريا الجنوبية وأستراليا، وحدد السن القانوني بـ24 عامًا، كإجراء استثنائي في هذه الدورة فقط.

لماذا كرة القدم بالتحديد؟

لأنها اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ولم يكن فيفا ليفرّط في حبّات العقد لصالح أي جهة أخرى، وأراد أن يظل المتحكم الأول والوحيد في اللعبة التي يتابعها المليارات حول العالم، وتدر مسابقاتها عوائد مالية مهولة للغاية؛ ولذلك فإن الناظر إلى الرياضات الأخرى ككرة اليد أو كرة السلة، لن يجد صراعات مع اتحادات هذه الألعاب، بل إن كرة القدم النسائية في الأولمبياد غير مرتبطة بأي شرط أو بند، على عكس كرة القدم للرجال التي ظلت لعقود تشهد مفاوضات واجتماعات ووساطة من كبار الرؤساء والمسؤولين.

ميسي.. كوبا أمريكا خير من ألف أولمبياد

لطالما عدَّ كثيرون النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي متخاذلًا "دوليًا"؛ لأنه لم يفز بأي لقب مع ألبيسيلستي، ورُغم المكانة الكبيرة التي يحظى بها "البرغوث" في قائمة أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم وحصده 6 كرات ذهبية واحتلاله صدارة الهدافين التاريخيين لليغا وبرشلونة وغير ذلك من الأرقام، فإن اللاعب لم يهدأ له بال حتّى فاز بلقب مسابقة دولية معروفة مثل كوبا أمريكا قبل أشهر، ورغم امتلاك ميسي في جعبته ميدالية ذهبية حققها في أولمبياد بكين 2008، لكنها لا تُعَدُّ شيئاً مقارنة بكأس العالم أو كوبا أمريكا، هذا هو الفارق ببساطة بين الأولمبياد وبطولات كرة القدم المعروفة.


السلطة لا تزال في جيبي

رغم أن الاتحاد الدولي لكرة القدم قد قدم العديد من التنازلات لصالح اللجنة الأولمبية الدولية، فإن الفيفا يبقى صاحب السيادة والقرار، وقد يُغيّر القوانين في أي لحظة ويمنع لاعبيه تمامًا من خوض الأولمبياد، وهناك شروط تقيّد مشاركة اللاعبين الذين هم فوق السن المحدد بمنتخباتهم الأولمبية، أبرزها موافقة الأندية، فاللاعبون يخضعون لسلطة الأندية، والأندية تخضع بدورها لسلطة الفيفا، ولا أحد فوق الفيفا في كرة القدم، منذ إنشائها إلى الآن، فيما يخص رياضة كرة القدم.

شارك: