كلمات عابرة.. الرقصة الأخيرة

2022-12-08 17:56
أرشيفية- من مواجهة سابقة بين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

خاض ميسي المباراة رقم 1000 في مشواره الكروي، وسطر رونالدو اسمه كأول لاعب يسجل في خمس نسخ من كأس العالم، إضافة إلى أرقام أخرى دخلت دائرة الكسر والتحطيم منذ بداية مونديال قطر 2022، لكن تفاصيل القصة بدا فيها بعض المؤشرات التي قد ترسم معالم الرقصة الأخيرة، يوم 18 ديسمبر/ كانون الأول، في ملعب "لوسيل".

قاد ميسي الأرجنتين ببراعة نحو دور الثمانية.. كان في معظم فترات المباراة أمام أستراليا يمشي وكأنه غير معني بالمنافسة، حتى يُنسى ويتم تجاهله، وفي لحظة ما، يظهر لينثر سحره، ولولا سوء التوفيق الذي لازم بعض زملائه؛ لكانت النتيجة أكبر.. مارس ميسي هوايته المعتادة في المراوغة، بأسلوبه السهل الممتنع.. صنع وسجل لأول مرة في دورٍ إقصائي، ليقول: أنا هنا من أجل التتويج، وليس لتسجيل رقم شخصي، هو في النهاية مجرد رقم قد يصل إليه أي لاعب عادي.

بصم رونالدو في سجل كأس العالم مُسجلًا رقمًا له أكثر من دلالة، ويكفي أن رونالدو تخطى الأسطورة العابرة للأجيال "بيليه"، كأول لاعب يسجل في 5 نسخ من المونديال، لكن المفاجأة كانت في مباراة دور الـ16 عندما جلس على مقاعد البدلاء.. جلوس حوَّل اهتمام المصورين إلى الدكة؛ لأن مَن يجلس عليها لاعب ينتمي إلى زمرة الأساطير.. منذ 2008، ورونالدو قطعة أساسية في منتخب البرتغال، حتى حان موعد مونديال قطر، ليكون رونالدو لأول مباراة خارج دائرة الأساسيين، والنتيجة كانت التأهل إلى دور الثمانية بالنتيجة والأداء، وحتى بديله راموس تألق وسجل أول هاتريك في النسخة الحالية... فهل هي بداية النهاية لكاسر الأرقام وقاهرها؟

قرعة المونديال وضعت احتمال لقاء النجمين ميسي ورونالدو في النهائي، بشرط تصدُّر كل منتخب لمجموعته، وهو ما حدث، لتزداد نسبة تحقق هذه المواجهة التي ينتظرها الجميع.. ينتظرها عشاق ميسي والناقمون عليه، كما ينتظرها عشاق رونالدو والناقمون عليه كذلك، لأن الجميع يرى أن التتويج بكأس العالم سيكون العامل الذي يُنصِّب أحد اللاعبَين ملكًا على عرش الكرة في القرن الحالي، بعدما برع كل منهما في اتجاه ما؛ ميسي بمتعته وموهبته الفطرية، ورونالدو كظاهرة رقمية، أساسها الاجتهاد والإصرار على الريادة.

في المشهد الجانبي، تظهر عوامل أخرى، يتحدث عنها المختصون والقارئون لمجريات اللعب بنظرة المحلل الذي يعتمد على جماعية كرة القدم وأهمية الممثلين الذين يلعبون الأدوار الثانوية، ويربط التحرك بالأرقام، ويرسم خارطة الطريق لكل منتخب وفق معطيات دقيقة... في المشهد، تفوق برتغالي دفاعي وهجومي، بالنظر إلى اكتمال المنظومة الجماعية للفريق، حتى إن بعض الجماهير البرتغالية قالت إن الأداء أفضل دون "الدون"، في مقابل الحكم السائد لدى الأغلبية -حتى من لاعبي المنتخب الأرجنتيني- بأن الأرجنتين "لا تساوي شيئًا دون ميسي"، ويمكن لأي منافس أن يصل إلى مرمى الفريق الأرجنتيني بسهولة، فهل ستكون الجماعية عامل الحسم في الموعد المرتقب؟

مونديال قطر حتى الآن شهد تحطيم أكثر من رقم، ويسير نحو تحقيق أرقام أخرى، لكن المشهد الختامي في وجود ميسي ورونالدو سيكون الرقم الأهم، ليس لدى عشاقهما أو مناصري المنتخبين فقط، وإنما لدى جميع مَن يتابع كرة القدم، لأكثر من سبب؛ فميسي ورونالدو لب الصراع المشتعل بين برشلونة ومدريد طوال سنوات مضت، وكان خروجهما من الفريقين مؤثرًا، خاصة على الصعيد التسويقي للكلاسيكو.. كان ميسي ورونالدو طوال مواسم عديدة الرقمين الأكثر بروزًا على منصة التتويج بجائزة الكرة الذهبية، ولم يدخل الصراع والتنافس معهما أي لاعب في زمنٍ قلّتْ فيه الظواهر الكروية، مقارنةً بعهود سابقة، ولا ينقص النجمان إلّا لقب المونديال، وكل منهما يلعب آخر بطولة مونديالية له.. فأي منهما سيرقص الرقصة الأخيرة.. رقصة ستكون خاصة جدًا، إذا كانت لأحدهما على حساب غريمه.. رقصة سيخلدها التاريخ ويكتبها بحروف التميز الممزوجة بمشاعر التفوق على المنافس المباشر.

آخر الكلام، تختلف الألوان مثلما تختلف الأذواق... كل منكم يتمنى تتويج منتخب ما، أو لاعب ما، حتى أنا معكم... لكن رؤية ميسي بطلًا على حساب رونالدو، أو هذا الأخير على حساب الأول، في لوسيل، سيكون مشهدًا يتمناه حتى أصحاب القلوب السوداء.

شارك: