رونالدو إلى النصر بعد مسيرة مذهلة وطفولة قاسية

2023-01-03 13:18
كريستيانو رونالدو نجم البرتغال قرر الانتقال إلى النصر السعودي (Getty)
Source
المصدر
AFP
+ الخط -

مر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو بطفولة صعبة، لم يكمل فيها دراسته من أجل التفرّغ لكرة القدم، قبل أن يفقد والده في سن العشرين مع بدء صعوده إلى العالمية، لكنه واصل حصد الكثير من الألقاب والبطولات على مدار مسيرته وصولًا إلى انتقاله نحو النصر السعودي.

سيخرج رونالدو، الذي سيُقدَم مساء الثلاثاء لجماهير "العالمي" بملعب مرسول بارك في الرياض، في سن الـ37 من أوروبا وعمالقتها للمرة الأولى في مسيرته، متوجهًا إلى الدولة الخليجية بعد أن تعاقد مع النصر حتى عام 2025.

كان مستقبله غامضًا منذ مغادرته مانشستر يونايتد الإنجليزي بعد تدهور العلاقة مع النادي والمدرب في أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، قبل يومين من المباراة الأولى للبرتغال في كأس العالم 2022 في قطر، والتي ودعتها "برازيل أوروبا" من الدور ربع النهائي على يد المغرب، الذي أنهى حلم رونالدو بالتتويج باللقب العالمي.

مسيرة مذهلة

بعد مسيرة مذهلة مع الأندية في سبورتينغ ومانشستر يونايتد وريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، سجل خلالها 701 هدف، ها هو يترك الساحة الأوروبية لغريمه الأزلي الأرجنتيني ليونيل ميسي، والفرنسي كيليان مبابي، والبرازيلي نيمار، وغيرهم، للاستمرار في تألقهم في القارة العجوز.

قال عام 2015، في عز عطاءاته مع ريال مدريد، خلال مقابلة مع برنامج "ذي جوناثان روس شو" ردًا على سؤال عمّا إذا كان سيلعب خارج الأندية الكبرى عندما يخف وهجه: "في ذهني، أريد أن أنهي (مسيرتي) في أعلى مستوى. أريد أن أنهيها بكرامة، في نادٍ جيد".

بألقابه الخمس في دوري أبطال أوروبا (واحد مع مانشستر يونايتد وأربعة مع ريال مدريد)، فرض رونالدو نفسه لفترة طويلة ملكًا للكرة الأوروبية، إلى جانب ميسي، الفائز بالكرة الذهبية سبع مرات.

لكن المواسم الأخيرة أظهرت ملامح تراجعٍ لرونالدو، إن كان مع يوفنتوس، أو بعد عودته في صيف 2021 إلى مانشستر يونايتد لفترة ثانية، يمنّي النفس بلعب دور البطل، فانتهى به الأمر بالقتال من أجل مكان أساسي في تشكيلة "الشياطين الحُمر" قبل الرحيل.

مع مرور الأعوام، لم يعد رونالدو يتمتع بنفس القوة الدافعة، وبات بعيدًا عن المراوغ الذي كان عليه في بداياته الكروية، فتحول إلى قلب هجوم بغريزة تهديفية قاتلة، قادته ليصبح أفضل هداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا (140).

ومع 819 هدفًا في المباريات الرسمية (بينها 118 مع البرتغال في رقم قياسي وطني)، تجاوز رونالدو أيضًا الرقم الأسطوري المنسوب إلى "الملك" البرازيلي بيليه، الذي توفي الخميس (767 هدفًا)، وحقق رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا بتجاوزه الأهداف الـ805 التي سجلها التشيكي جوزيف بيكان.

وبات رونالدو في مونديال قطر أول لاعب في التاريخ يسجل في خمس نسخ من كأس العالم، عندما أحرز هدفه الوحيد من ركلة جزاء خلال الفوز على غانا في دور المجموعات.

طفولة قاسية

ذلك ليس بغريب على لاعب كان متعطشًا للنجاح منذ طفولته. أقرّت والدته ماريا دولوريس منذ سنوات أنها حاولت إجهاض رونالدو، الابن الأصغر بين أربعة أولاد، بسبب الفقر وإدمان والده على الكحول، لكن الطبيب رفض ذلك.

في الثانية عشرة من عمره، غادر رونالدو جزيرة ماديرا الصغيرة في المحيط الأطلسي حيث نشأ، ليستقر بمفرده في لشبونة، لينضم إلى أكاديمية سبورتينغ، قبل أن يترك المدرسة بعد عامين بالاتفاق مع والدته للتركيز على كرة القدم.

كان مخاضًا صعبًا للغاية بالنسبة لطفل هش وجد نفسه عرضة للسخرية من رفاقه في نادي سبورتينغ بسبب لهجته القوية.

في سن الـ15، تم تشخيصه بعدم انتظام دقات القلب، وهي حالة كان من الممكن أن تجبره على التخلي عن ممارسة كرة القدم، لكنه خضع لجراحة مهدّت الطريق أمام مسيرته المذهلة.

لعب لموسم واحد مع الفريق الأول في سبورتينغ، قبل أن يلفت نظر المدرب الاسكتلندي أليكس فيرغوسون، الذي ضمه إلى مانشستر يونايتد في 2003. كرّر دائمًا أن "السير" كان بمثابة أب له، بعد أن فقد والده عام 2005 بسبب أمراض الكبد المرتبطة بإدمانه على الكحول عن عمر يناهز 52 عامًا.

حقق رونالدو نجاحات غير مسبوقة مع مانشستر يونايتد، الذي أطلقه إلى العالمية، وتُوج معه بلقب دوري الأبطال للمرة الأولى في 2008، والكرة الذهبية في العام ذاته، بالإضافة إلى ثلاثة ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز.

انتقل في 2009 إلى ريال مدريد، حيث حطّم الأرقام القياسية، وأصبح أفضل هدّاف في تاريخ النادي الملكي (450)، وشكّل منافسة رائعة مع ميسي عندما كان الأخير في صفوف برشلونة.

تُوّج في العاصمة الإسبانية بالكرة الذهبية أربع مرات (2013، 2014، 2016، 2017)، ولقب الليغا مرتين، ودوري الأبطال أربع مرات، والكأس المحلية مرتين، بالإضافة إلى العديد من الإنجازات الجماعية والفردية.

لكنتُ في السعودية

غادر رونالدو إلى يوفنتوس في 2018 بحثًا عن تحدٍ جديدٍ، ورغم عدم قدرته على قيادة النادي العجوز إلى دوري الأبطال، حقق معه لقبين في الدوري الإيطالي، وكان أفضل هداف في دوري الدرجة الأولى الإيطالي في موسم 2020-2021.

عاد إلى "الشياطين الحمر" في 2021، ليخوض تجربته الثانية معهم، لكن نهاية هذا الكتاب لم تكن كالقصص الخيالية.

بعد فشل الفريق في التأهل إلى دوري الأبطال نهاية الموسم الماضي، حاول وفق وسائل إعلام ومقربين مغادرة أولد ترافورد في الصيف. لكن الأندية الإنجليزية والأوروبية الكبيرة لم تقدم عروضًا للاعب الذي لم يعد يقدم مستوياته المعهودة، ويتقاضى راتبًا أسبوعيًا يبلغ حوالي 500 ألف جنيه إسترليني (593 ألف دولار).

اكتسب النصر أكثر من 5.1 مليون متابع على Instagram منذ انضمام رونالدو

تراجع دوره في التشكيلة منذ تولي المدرب الهولندي إريك تين هاغ المسؤولية في صيف 2022، وعوقب هذا الموسم بإيقافه عن مباراة تشيلسي، لرفضه الدخول كبديل في الفوز ضد توتنهام.

ورغم عودته إلى الفريق، فجّر رونالدو قنبلة مدوية قبل أيام من كأس العالم في مقابلة مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، قال فيها إنه لا يكن احترامًا للمدرب ما مهّد إلى بداية نهايته مع الفريق.

في تلك المقابلة ذاتها، قال مورغان لرونالدو: "تريد أن تستمر في اللعب على أعلى مستوى، اللعب في دوري أبطال أوروبا، والاستمرار في تحطيم الأرقام، لو كان الأمر يتعلق بالمال، لكنتُ في السعودية، لكن ليس ذلك ما يحفّزك. تريد أن تبقى في القمة".

ليرد رونالدو: "بالطبع، لأنني ما زلت أؤمن أنني قادر على تسجيل الكثير والكثير من الأهداف، ومساعدة الفرق والمنتخب الوطني".

هل أراد رونالدو فعلًا البقاء في القمة ولم يجد كبيرًا أوروبيًّا يضمّه؟ أم أنه لم يجد أي خيار آخر أمام هذه الصفقة القياسية؟ ومع ابتعاد ميسي بـ11 هدفًا فقط عنه في ترتيب هدافي دوري الأبطال عبر التاريخ، هل يرى رونالدو غريمه الأزلي، لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي، يحطم رقمه القياسي كما شاهده يرفع كأس العالم في قطر؟

شارك: