2023/05/28
تحديثات مباشرة
Off

دور شرفي لمنتخب هزيل!

العراق تحت 19 سنة
إنجلترا
تونس تحت 20 سنة
الأوروغواي
كأس العالم للشباب تحت 20 سنة
كرة قدم
هزيمة شباب العراق أمام أوروغواي بالأربعة صدمت جماهير أسود الرافدين (Iraq F.A)

إياد الصالحي

كاتب رأي
المصدر
winwin

لن يهدأ للجمهور العراقي بال حتى يضع آخر لاعب عراقي حقيبة مغادرته مدينة بوينس آيرس بعد نهاية مباراة منتخب الشباب مع نظيره الإنجليزي مساء اليوم الأحد، ضمن منافسات بطولة كأس العالم تحت 20 عامًا التي فقد العراق حظوظه فيها بعد خسارتيه الموجعتين من الأوروغواي (0-4) وتونس (0-3).

لم يجد الجمهور العراقي ما يُخفِّف سخطه على منتخب الشباب إثر هزيمتيه الفاضحتين مِن عُذر مُقنع لأسبابهما، فلا المدرب عماد محمد صاحب الخبرة القليلة امتثل للسياقات المُتعارف عليها في عُرف التدريب بخروجه كمسؤول أوّل عن أي نتيجة ويعتذر للجمهور الباحث عمّا يُعزّز موقف بلده وسط أمّة كرة القدم العالمية، ولا اتحاد كرة القدم الذي يحضر رئيسه، عدنان درجال، في مقرّ بعثة المنتخب خرج للإعلام بتصريح مُهدِّئ يَعِدُ فيه باتخاذ إجراءات فنيّة وإداريّة تتناسب مع حجم الإساءة البالغة التي تعرَّضتْ لها الكرة العراقية في محفل كبير ليس من السهل التأهّل إليه ثم التهّرب من ورطة النتائج المُخزية بحُجج واهية.

لا خجل في المُصارحة أن هناك نسبة كبيرة من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق هاجموا المدرب عماد محمد حتى قبل أن يتوجّه إلى الأرجنتين، وتوقّعوا فشله في مهمّته على خلفيّة عدم استدعاء بعض الأسماء التي يُمكنها أن تُعزّز قُدرات المنتخب في مواجهة فرق مجموعته، ولهذا لم ينلْ المدرب قسطًا وافرًا من الدعم الجماهيري المفترض مثلما تتطلّبه المشاركة الموندياليّة في ضوء قناعاته وعناده بصواب خياره للقائمة، والتي اتضح أن بعض مُرشَّحيه خذلوه، ولم يُقدِّموا رُبع المستويات التي خُدِعَ بها أثناء قيادته الوحدات التدريبيّة المُكثّفة سواء في معسكر إسبانيا أم في مدينة لابلاتا "عاصمة مقاطعة بوينس آيرس" وبالتالي وجد المدرب نفسه تائِهًا في منطقة فنيّة كشفتْ عجزه بإثبات مقدرته على امتلاك الحلول والرؤية والنجاة، خاصّة في الشوط الثاني، لتصطاده الكاميرا وهو يلوم اللاعبين بامتعاض شديد وصوت مسموع، مُحمّلًا إيّاهم مسؤولية الأخطاء المُرتكبة في بداية الشوط الأول، مُتناسيًا واجبه في متابعة كلّ تفاصيل المباراة، وما يحدث من خروج عن نصّ التعليمات المُناطة لكلّ لاعب.

لا شكّ أن الفارق في البُنية الجسمانيّة، وقوّة المواجهة الفرديّة، والسرعة في نقل الكرة واقتناصها من ركلات الزاوية لهزّ الشباك، رجَّح أفضليّة المنتخب الأوروغوياني، وفتح شهيّة مهاجميه أمام شباك منتخب العراق، بينما عرف الحارس التونسي إدريس عرفاوي كيف يصنع المجد له ولبلده في أمسية تاريخيّة، حيث أحبط محاولات أبرز لاعبي "ليوث الرافدين" يوسف الأمين وعبد القادر أيوب وحيدر عبد الكريم، وقدّم الدعم المعنوي لرفاقه يوسف سنانة وشيم الجبالي ومحمد غربال في حسم الموقعة العربيّة بثلاثة أهداف تسمَّر الحارس حسين حسن أمامها في مشاهد أكّدت هشاشة تحضيره من قبل مدرّبه.

مباراة اليوم الثالثة والأخيرة بين العراق وإنجلترا تُعدُّ الثانية في سلسلة لقاءات المنتخبين للفئة والبطولة ذاتهما، وكان ملعب "جامعة أكدنيز" في مدينة أنطاليا التركية قد شهد اللقاء الأول بينهما يوم الأحد 23 يونيو/ حزيران 2013 وأنتهى بالتعادل (2-2) أما ظروف المنافسة الحالية فهي مختلفة تمامًا فنيًّا ونفسيًّا وحتى على مستوى العناصر الفرديّة حيث تمكّن منتخب إنجلترا من تصدّر المجموعة الخامسة بعد فوزه على تونس بهدف وعلى أوروغواي بثلاثة أهداف مقابل هدفين، ويسعى بصفته حامل لقب نسخة كوريا الجنوبية عام 2017 إلى مواصلة تقدّمه للأدوار التالية، فيما يترقّب منتخب العراق دوره الشرفي اليوم لعلّه يُصالح جمهوره بعرض إيجابي إن استطاع الحدّ من خطورة منافسه ويُضمّد جراح الأهداف السبعة التي أسقطت ثقة الجماهير عن مدربه ولاعبيه.  

برغم محلّية القضيّة هنا بشأنها العراقي، إلا أن درسها ينبغي أن تستفيد منه كلّ الاتحادات العربيّة المُتشاركة في تحقيق هدف بناء شخصيّة المدرب الوطني النموذجيّة ولاعبي المُنتخبات "أمل المستقبل"، فلا يمكن المجازفة بزجّ مدرب يمتلك خبرة محدودة في بطولة ذات مهام واسعة تتطلّب الفطنة والشجاعة والمناورة وسرعة اتخاذ القرار في أثناء سير المباراة، وليس بالضرورة أن يستمرّ المدرب صاحب مُنجز التأهّل إلى المونديال، فالاتحاد مسؤول عن تقييم مدى جاهزيّته في الوقوف أمام مُدراء فنيين لمنتخبات عالميّة لم تُجاملهم اتحاداتها في تسميتهم، وكان ينبغي مُرافقة مدرّب وطني كبير بخبرته يمتلك جميع الصلاحيات مع المدرب (قليل الخبرة) لتنبيهه حول الأخطاء غير المنظورة والاستدلال عن الحلول التكتيكيّة الناجعة.  

وكالعادة، تدافع بعض الإعلاميين في جمهرة الغضب مستغلّين تعاطف الجمهور مع خطابهم الحماسي لينصبوا أعواد المشانق للمُقصّرين في المونديال.

وللأسف يتكرّر مشهد بروز هؤلاء مع كلّ إخفاقة للكرة العراقية، غافلين دورهم المهني في تحديد نقاط الخلل وترك قرار إقالة المدرب أو حل المنتخب بيد اتحاد كرة القدم كونه الجهة الوحيدة التي تقرّ بمصيرهما، وما على الجمهور سوى الصبر حاله مثل عشرات المنتخبات التي لم تتمكّن من نيل بطاقات مونديال الشباب أو الظهور الجيّد فيه، وهذا لا يعني تبريرًا للقبول بانتكاسة اللعبة أو التغطية على هزالة مدرّب ومرور لاعبين وَاهنين إلى منصّات شرف تمثيل منتخبات المستقبل.

أخبار ذات صلة