العائلة وكومان ورايولا.. أسباب صادمة أدت لأفول نجم إحتارين

2023-02-15 16:26
اللاعب المغربي محمد إحتارين (Twitter/ AbouJad_Talks)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

عاد محمد إحتارين لاعب كرة القدم ذو الأصول المغربية، ليتصدر من جديد أخبار الصحف في هولندا والمغرب، بعد أن كان قد خلق جدلًا واسعًا، قبل سنوات قليلة، حول مفاضلته بين قميص المنتخبين المغربي والهولندي، وسعي كل طرف منهما إلى استمالة "الموهبة الشابة القادمة بقوة".

غير أن أخبار إحتارين، الذي لم يتجاوز بعد 21 سنة، أصبحت مرتبطة بمشكلاته مع الشرطة الهولندية، بعدما ألقت القبض عليه، صباح الإثنين الماضي، إثر مداهمة منزله في أمستردام.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن إحتارين، جرى توقيفه ووضعه رهن تدابير الحراسة النظرية، بسبب "إساءة معاملة صديقته"، دون أن توضح بشكل دقيق طبيعة التهمة أو الجريمة التي ارتكبها المحترف المغربي، وينتظر أن يتم إحالته إلى قاضي التحقيق لتحديد ما إذا كان سيتم تمديد اعتقاله أم إطلاق سراحه، كما حدث في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حين أوقف بسبب شكوى بتهديده لأحد الأشخاص.

إحتارين، الذي شغل دنيا كرة القدم وجمهورها قبل حوالي سنتين، وخاض من أجله الاتحادين الهولندي والمغربي صراعًا شديدًا، وانهالت عليه العروض من الأندية المرموقة في الدوريات الخمس الكبرى، بات اليوم لاعبًا غير مرغوب فيه، تلاحقه المشكلات أينما حل وارتحل.

موقع "winwin" تواصل مع مقربين من اللاعب في هولندا، وحصل على معطيات دقيقة وصادمة، عن حقيقة الأسباب التي أوصلت إحتارين إلى الطريق المسدود، وكيف أسهمت أسرته والمدرب الهولندي رونالد كومان ونادي برشلونة الإسباني، والراحل الإيطالي مينو رايولا، وكيل أعمال اللاعبين الشهير، فيما حل باللاعب اليوم.

صدمة وفاة الوالد

شكلت وفاة والد إحتارين في عام 2019 صدمة للاعب، وبدأ مستواه، منذ ذلك الوقت، في التراجع تدريجيًا، كما دخل في خلافات مع مدربه وقتها في نادي آيندهوفن، لينتقل بعدها للدوري الإيطالي رفقة اليوفي، لكن وزنه ازداد بشكل لافت، بسبب معاناته النفسية بعد وفاة والده، ما دفع بنادي "السيدة العجوز" إلى إعارته لنادي سامبدوريا، ثم لنادي أياكس أمستردام، الذي تخلى عنه بدوره.

وعاش إحتارين في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، مع عائلة عبد الحق النوري، لاعب أياكس السابق الذي أصيب بسكتة دماغية خلال مباراة ودية مع فريقه أياكس ضد فيردر بريمن الألماني في يوليو/ تموز 2017، إذ ما زال منذ ذلك التاريخ في غيبوبة طويلة، حيث قرر شقيق عبد الحق النوري، الاهتمام باللاعب وإخراجه من الوضعية التي يعيشها، بغية إعادته لمستواه السابق، وتعاقد من أجل ذلك مع معدٍ بدني ومختص في العلاج الطبيعي، غير أن مسعاه لم ينجح في ظل "موت" الرغبة لدى إحتارين.

البداية من حي فقير بأوترخت 

حكاية محمد أمين إحتارين، انطلقت من "كنالي نييلاند" أحد أفقر أحياء مدينة أوترخت الهولندية، حيث ولد، ولعب في أكاديمة "هوتن" المحلية وهو ابن السابعة، قبل أن تلتقطه بعد سنة واحدة فقط، عيون كشافي فريق آيندهوفن في عام 2010، وقبل أن يتم عامه الـ15 ضمه المنتخب الهولندي للناشئين وتدرج في فئاته حتى وصل لفئة تحت 19 سنة. موهبته الكبيرة دفعت مدرب الفريق الأول لآيندهوفن إلى ضمه وهو ابن 17 عامًا، ليكون أحد أصغر لاعبي الدوري الهولندي.

أسرة إحتارين، رأت في محمد "كنزًا" وجب استثماره ورعايته، لا سيما مع توافد القنوات التلفزيونية الهولندية على بيت العائلة، من أجل الظفر بلقاءات صحفية مع نجم قادم بقوة، ما جعل أخويه لأبيه، نبيل وتوفيق يحيطانه برعاية كبيرة وهي حماية حرمته من عيش طفولة طبيعية، خوفًا منهما على مستقبل الأسرة المرتبط بالمستقبل الرياضي للاعب، ليترعرع محمد بين حجرات الدراسة وملاعب التدريب، محرومًا من تكوين صداقات مع أقرانه، وعيش مغامرات المراهقين.

صراع مغربي - هولندي

بزوغ النجم محمد إحتارين، لم يثر انتباه الهولنديين فحسب، إذ شكل هدفًا للاتحاد المغربي، لتعزيز صفوف المنتخب به، وطبعًا بدأت الاتصالات مع أسرة اللاعب ومع اللاعب نفسه، في عام 2019، عبر ممثلين عن الاتحاد المغربي معظمهم من اللاعبين السابقين ودافع بعضهم عن ألوان المنتخب المغربي، غير أن تلك الفترة تزامنت مع مرض والده بالسرطان الذي توفي على إثره، الأمر الذي دعاه إلى تأجيل أي محادثات بشأن "جنسيته الرياضية" إلى حين الاطمئنان أولًا على والده.

أخبار اتصال الاتحاد المغربي باللاعب، أثارت ضجة إعلامية كبيرة في هولندا، وشرعت وسائل الإعلام لتمارس ضغطًا رهيبًا على اللاعب وأسرته، لا سيما بعدما تكفل الاتحاد المغربي، بنقل جثمان والده الذي وافته المنية متأثرًا بالمرض، إلى المغرب لدفنه في مسقط رأسه بالحسيمة، حيث رأى الهولنديون أن الاتحاد المغربي، يحاول الضغط على اللاعب بهذا التصرف من أجل ضمه، وفور عودة اللاعب إلى هولندا، وجد شقيقيه"نبيل وياسين" بالاتفاق مع رونالد كومان المدير الفني للمنتخب الهولندي وقتها، قد دبرا"كمينًا" للاعب لدفعه لحمل قميص المنتخب الهولندي.

فخّ  كومان ورايولا

لم يتوانَ شقيق إحتارين، خلال مراسم دفن جثمان الوالد بمدينة الحسيمة، في مهاجمة فوزي لقجع، رئيس الاتحاد المغربي، الذي حضر الدفن رفقة عامل المدينة، واتهمه علانية، بأن تكفله بنقل جثمان الوالد من هولندا وحضور الجنازة مع مسؤولي المدينة، إنما هو فقط محاولة منه لدفع محمد لحمل القميص المغربي، معلنًا أن أخاه غير الشقيق محمد، لن يلعب إلا لهولندا.

في هذا الوقت، كان شقيقا إحتارين قد نسقا مسبقًا مع كومان ووكيل اللاعبين الشهير الراحل مينو رايولا، فمباشرة بعد العودة لآيندهوفن عقب انتهاء مراسم تشييع والد اللاعب، وفي أول مران، دخل كومان متأبطًا قميص المنتخب الهولندي، واجتمع باللاعب وأخبره بأنه يفاوض نادي برشلونة الإسباني للإشراف على تدريبه، وأنه سيجلبه معه لعاصمة كتالونيا في النادي الإسباني الكبير، شرط اللعب مع هولندا، كما تلقى في الوقت ذاته اتصالًا من "رايولا"، أكد له خلالها أنه سيعمل على ضمان انتقاله لفريق برشلونة.

كل هذه الأحداث السريعة التي تمت صباح أحد أيام شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2019، وتحت ضغط من أخويه، دفعت اللاعب الشاب إلى قبول الإغراءات، لتنتشر صورة كومان ومحمد يحملان بين يديهما القميص البرتقالي الشهري لهولندا، كالنار في الهشيم، وليحتفي الإعلام الهولندي بضم الموهبة والانتصار على الاتحاد المغربي في هذا الملف.

مصادر مقربة من اللاعب، أوضحت أن تنقل المدير الفني للمنتخب الهولندي، وقطعه أكثر من 120 كيلومترًا من مقاطعة "زايست" إلى آيندهوفن، لتوجيه الدعوة إلى لاعب لضمه للمنتخب، يعد سابقة في تاريخ الكرة الهولندية، كما أن ظهور اللاعب بقميص فريقه في الصورة المذكورة، قلل كثيرًا من هيبة المنتخب الهولندي، وهي إشارات، تكشف بشكل واضح عن الظروف التي دفعت إحتارين إلى إعلان اختياره للمنتخب الهولندي.. رغم أنه في قرارة نفسه لم يكن مقتنعًا تمامًا، غير أن وصاية أخويه ونقص خبرته أسقطته في "الفخ".

محمد المتمرد

كومان لم يفِ بوعده لإحتارين، خاصة أن المدرب الهولندي لم يستطع النجاح مع النادي الكتالوني ورحل عنه لاحقًا، وبالتزامن مع ذلك، تراجع مستوى إحتارين مع آيندهوفن بشكل غير مفهوم، وساءت علاقته كثيرًا بالمدير الفني للمنتخب الأول حينها، فرانك دي بور، بعدما اعتذر في ثلاث مناسبات عن عدم تلبية دعوته للالتحاق رسميًا بالمنتخب الهولندي بحجج واهية كالزكام والمرض، ليقرر المدرب الهولندي إلحاقه بمنتخب الشباب من أجل استعادة مستواه البدني والفني المعتاد، لكن اللاعب رفض ذلك أيضًا.

وحاول أخواه ثنيه عن تصرفاته والضغط عليه، غير أن محمد إحتارين أعلن تمرده عليهما، بعدما أكثرا في لومه على تهربه من حمل القميص الهولندي، وواجههما بحقيقة أنه بات راشدًا وسيحدد مستقبله بنفسه، خاصة أن كومان لم يفِ بوعده ولم يجلبه لبرشلونة، وهو الإغراء الوحيد الذي حمله على التقاط تلك الصورة الشهيرة.

نهاية مبكرة 

ودخل إحتارين في موسمه الأخير مع آيندهوفن في عام 2021، صراعا مع مسؤولي النادي، ورفض مناقشة عروض تجديد عقده، كما أنه تعمد إثارة استياء مجلس إدارة النادي وجمهور آيندهوفن بوصلة "رقص" عند خروجه من مباراة في الدوري الهولندي، بينما كان فريقه منهزم بهدفين دون مقابل أمام أزد ألكمار، الأمر الذي أجج الغضب في محيط النادي عليه، ليقرر وضعه في لائحة الانتقالات مع نهاية الموسم الجاري.

بعدها غادر إلى إيطاليا والتحق بصفوف يوفنتوس، الذي قرر إعارته إلى سامبدوريا ليستعيد مستواه، غير أن إحتارين رفض التدرب ولم يلتحق بناديه الجديد، ما دفع النادي إلى إنهاء عقد إعارته وإعادته لليوفي، والأخير أعاره مرة أخرى لأياكس أمستردام مع خيار الشراء.

وقرر أياكس إلحاق اللاعب بالفريق الرديف في انتظار تحسنه، حيث خاض بعض المباريات، وبدأ في التحسن تدريجيًا، قبل أن تعود المشكلات لتلاحقه من جديد، نتيجة غياباته المتكررة عن التدريب، ليقرر النادي عدم تفعيل بند شراء العقد، فيما يستعد نادي "السيدة العجوز" لفسخ عقده الذي يمتد إلى غاية 2025، ليدق بذلك آخر مسمار في نعش علاقة اللاعب مع كرة القدم الاحترافية في سن مبكرة جدًا.

شارك: