الأهلي والمونديال.. والحقد الإعلامي

تعجبت كثيرًا وأنا أرى وأتابع وأرصد تقييم إعلاميين مصريين وعرب، لإنجاز الأهلي المصري في النسخة "20" من بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم، التي أُسدل الستار عن نسختها الأخيرة بالنظام القديم، مساء أمس الجمعة، في مدينة جدة السعودية.د

البعض ممن حاولوا التظاهر بالحيادية، رأوا أن إنجاز فوز بطل أفريقيا وفارسها الأحمر بحصد برونزية المركز الثالث ليس إنجازًا، لأنه سبق وأن تحقق 3 مرات من قبل. وكان الإعلامي السعودي وليد الفراج أول من فجّر الأزمة، بتقليله من شأن الأهلي قبل مواجهة نادي بلده اتحاد جده، الذي سقط بثلاثية حمراء، قبل أن يخرج علينا الإعلامي الرياضي الإماراتي عبد الله الكعبي مُتغنيًا بأرقام الأهلي السلبية خلال مشاركاته في المونديال، وتوقف طويلًا وهو يردد ويكرر جملة أن الأهلي هو أكثر الأندية تعرضًا للهزيمة في تاريخ البطولة منذ انطلاقها عام 2000، ويردد أن مرماه الأكثر استقبالًا للأهداف، من دون أن يتوقف أو حتى يمر مرور الكرام علي أي من الأرقام القياسية الإيجابية لهذا الفريق العربي، وكم هي كثيرة، خلدته في تاريخ البطولة.

وتذكرت حال الإعلام العربي من قبل، عندما كان يقف على قلب رجل واحد مع أي فريق أو منتخب عربي يخوض بطولة عالمية، وكيف احتفى الإعلام العربي بفوز المغرب على البرتغال 3-1 في مونديال المكسيك، وكيف هلل للانتصار التاريخي للجزائر علي ألمانيا 2-1، والسعوديه على بلجيكا.. وأتذكر أن المعلق المصري الراحل الكبير محمد لطيف قال على الهواء مباشرة "مبروك فوزنا على ألمانيا".

الأهلي المصري يُتوج ببرونزية مونديال الأندية للمرة الرابعة

اقرأ المزيد

ومع الأسف، عندما سألت عن سر التحول في الأداء والتناول الإعلامي العربي، همس في أذني خبراء الإعلام وأكدوا أن البعض يبحث عن الشهرة، وقد أشاروا إلى أن وليد الفراج -على سبيل المثال- بات أشهر مشهور لدى جماهير الأهلي، وحقق برنامجه أعلى نسبة مشاهده في تاريخه، في أعقاب فوز الأهلي على نمور اتحاد جده، حيث حرصت الجماهير على معرفة ردة فعله بعد هزيمة نادي بلده، أما الكعبي فهو يتحدث بحكم انتمائه للزمالك، وهو من اعتاد التقليل من الأهلي وإنجازاته وبطولاته، والعزف على وتر أنه نادي الدولة في مصر، ويحظى وحده بكل الدعم.

وفي مصر، ذهب عديد خبراء الكرة -وغالبيتهم لاعبون سابقون ينتمون لأندية منافسه للفارس المونديالي الأحمر- للتحدث بسلبية عن إنجاز الاهلي، بل هناك مَن حاول السخرية من البرونزية، وهو أمر بات معتادًا منذ سنوات، حتى إن أحدهم قال على الهواء مباشرة: "دي بطولة العالم للأدوية وليس الأندية"، ومنهم مَن يحاول منذ سنوات التأكيد على أنها مجرد بطولة ودية هدفها تجاري بحت.. وهي التصريحات التي يتعامل معها جمهور الأهلي على أنها نوع من الحقد المغلف بالشكل الإعلامي لترويجه جماهيريًّا.

وأتوقف أمام السلبية الأهم، التي يتعمد الكثيرون ممن لا يسعدهم الإنجاز المونديالي للأهلي، وهي جزئية أن الأهلي أكثر نادٍ تعرض للهزيمة في تاريخ البطولة (14 مرة)، وهي الإحصائية التي انتشرت مثل النار في الهشيم، من دون النظر إلى اعتبار أن الأهلي هو أكثر الأندية خوضًا للمباريات في تاريخ المسابقة برصيد 24 مباراة، وهي مسألة نسبة وتناسب، ورفض الكارهون والحاقدون التعامل مع تلك الحقيقة، وبنفس طريقة تفكيرهم، سيصبح فريق ريال مدريد الإسباني أسوأ فريق في تاريخ بطولة دوري الأبطال الأوروبي، رغم أنه الأكثر تتويجًا باللقب، لمجرد أنه أكثر الأندية تعرضًا للهزيمة، كونه الأكثر مشاركة وخوضًا للمباريات، وبنفس المنهج، يجب أن نقول إن منتخب مصر ليس سيد أبطال كأس الأمم الأفريقية، لأنه ثاني أكثر منتخب تعرضًا للهزيمة في تاريخ البطولة بعد منتخب كوت ديفوار.. اعقلوها يرحمكم الله.