وصافة آسيا .. المكاسِب والمحاذِر!  

تاريخ النشر:
2023-03-19 12:34
صورة للاعبي العراق المشاركين في كأس آسيا تحت 20 سنة (Getty)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

غمرتْ الأوساط العراقيّة فرحة كُبرى لمناسبة وصول منتخب الشباب لكرة القدم إلى نهائي بطولة كأس آسيا تحت 20 عاماً بنسختها 41 التي ضيّفتها العاصمة الأوزبكيّة طشقند، وقبلها إنجازه المُهِمَّة العالميّة بقَطعِ تذكرة كأس العالم لكرة القدم في إندونيسيا تحت 20 عاماً، وهي المنافسة رقم 23 في تاريخ البطولة التي تنطلقُ في العاصمة جاكرتا للفترة (20 مايو/ أيار- 11 يونيو/ حزيران 2023) بلاعبين أشداء يمتلكون الغيرة على شباك منتخب البلد، وغيّروا نظرات العراقيين نحوهم بدرجات تفاؤليّة واحتراسيّة عالية تُذكِّرهُم بعدم إهمال النقد الموجَّه للمنتخب طوال فترة مشاركته، والمبادرة بضرورة إجراء تعديلات عاجلة في بعض مراكزه التي عانت بُطءْ اللاعب وعدم تفاعله مع واجباته المُكلّف بها، وأن يسند الملاك الفني بمدرب أجنبي أو من ذوي الخبرة الوطنية الطويلة، يُرافق المدرب عماد محمد في المونديال، فالأخير معروف عن تجربته المحدودة محليّاً وعربيّاً وإقليميّاً، ومن المتوقّع أن يُحْرَجَ أمام منتخبات تمثّل أساس الكرة العالميّة المُرشّحة للاستئثار باللقب أو الذهاب بعيداً في الأدوار التالية من البطولة أضعف الإيمان.

لا مجال لإضاعة مزيدٍ من الوقت قبل الدخول في المونديال، فالمدّة المتبقيّة 63 يوماً لا تسع لاستكمال عمل المدرب عماد محمد، إلا إذا استفاد من معسكر تدريبي أوروبي مع خوض عدد من المباريات التجريبيّة القويّة وذلك ما سيَطّلِع عليه الإعلام الرياضي والجمهور حال عرض برنامجه أمام المكتب التنفيذي لاتحاد كرة القدم، بعد العودة إلى الوطن والتمتّع بالراحة.

مباراة الشباب أمام أوزبكستان أكّدت بما لا يقبل الشكّ، أن قراءة المدرّب عماد محمد لما يجري من تحرّك أوزبكي في الملعب لم تكن على قدرٍ عالٍ من التعامل بحِنكة مع مفاجآتها، خاصة أن أدواتهِ مُحدَّدة بفئة عُمريّة استعجلَ في ضمّ بعضها لعدم أهليّتها، وبالتالي لا يعني ذلك تقويض ثقة الاتحاد به، بل لابدَّ من تدارس الكيفيّة في تحضير منتخب يليق بأهميّة مجابهة ممثلي العالم 24 منتخباً تحت 20 عاماً، والأضواء الإعلاميّة الهائلة التي ستُسلّط على اللاعبين في محفل مُرتقب يتزامن بعد مرور 5 أشهر من وداع العالم النُسخة المُثيرة والأفضل مونديال قطر 2022 في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. 

وكمُقارنة واقعيّة عن مدى تأثير التجربة والعمل والاجتهاد لتحقيق الأهداف الكبيرة، كانت خبرة مدرب أوزبكستان رافشان حيدروف حاسمة في النهائي، إذ سبق أن نجح في خطف اللقب القارّي الشخصي الأوّل له عام 2018 يوم قاد بلده إلى التتويج بكأس آسيا تحت 23 عاماً بالصين (السبت 27 يناير/ كانون الثاني) بعدما هزم فيتنام (2-1) في ملعب غوانغزو الأولمبي، إثر انتهاء الوقت الأصلي بتعادلهما بهدف لمثله، وأكّد مكانتهِ في تحقيق نتائج مميّزة مع منتخبات الفئات العمريّة. 

مصاعِب كثيرة واجهها منتخب شباب العراق في طشقند، ومتناقضات أكثر لاسيما في التحوّل من المُجابهة واللعب بنديّة في دور المجموعات إلى مسايرة المنافس مثلما حصل أمام اليابان وأوزبكستان في نصف النهائي والنهائي على التوالي، بدليل أنه لعب أمام صاحب الأرض المنقوص عدداً بعد طرد لاعبه شخزودبك رحمت الله (د44)، وخسر أمامه بهدف! مُضيّعاً الفرص السهلة، ولم يتدارك ذلك ويستفيد من المباراة في المواجهة الثانية في النهائي، وكانت منطقة دفاع أوزبكستان مهزوزة، وليس صعباً خرقها وإحداث الصدمة في الملعب بهدف مُبكّر؛ إذ لم يخفَ عن المُتابع الرغبة العراقيّة في جرِّ المنافس إلى ركلات الترجيح برغم ضياع أكثر من فرصتين لتعديل نتيجة التقدّم بعدما سجّلَ لاعب الوسط عمر علي رحمونالييف هدفاً من ركلة جزاء (د 72)

وكانت لحظة الفصل المثيرة بضياع آدم طالب فرصة أحبطها الحارس الأوزبكي أوتابيك بويمرادوف (د84) وتلتها مناولة علي جاسم أفضل لاعب في المنتخب لكرة عرضيّة لم تجد التدخُّل الجدّي لتحويلها لهدف (د 95).

كسب منتخبنا ثلاثة لاعبين مُهمّين سيكون لهُم شأناً كبيراً في البطولات مستقبلاً، وهُم الحارس حسين حسن المُنقذ الفَطِن لأهداف عدّة في البطولة، واللاعب الفنان علي جاسم الماهِر في خرق صفوف المدافعين بحركته الرشيقة وتهديده حُرّاس المرمى، وثالثهما قائد المنتخب عبد الرزاق قاسم، صمام أمان العمليّات بشخصيّته التي صقلها بالثقة والتركيز والجهد العالي.

رسالة عتب إلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فالجوائز الممنوحة منه في الختام حصدها الأوزبكي عباسبيك فايزولاييف (أفضل لاعب) وزميله أوتابيك بويمرادوف (أفضل حارس مرمى) وكذلك بلدهما نال جائزة (اللعب النظيف) وتم تغافل الحارس حسين حسن وزميله علي جاسم اللذين قدّما المستويات الفنية الكبيرة خلال المباريات الست، ولا ندري إلى متى تستمرّ عمليّة مُجاملة المنتخب المُضيّف في هكذا بطولات للأعمار الصغيرة يفترض أن يُميَّز فيها جميع المشاركين على أساس ما قدّموه خلال مباريات التُنافس كُلّها ولا تؤخَذ موقعة بونيودكور الختاميّة بالخصوص فقط! 

يقيناً، إن رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال الذي واكب اللاعبين خلال أيام البطولة من مقعده في الملعب، لديه رؤية شاملة عن حاجة المُنتخب للاستحقاق العالمي، ونتمنّى أن تكون مُعالجاته الفنيّة مع زملائه في المكتب التنفيذي ولجنة المُستشارين برئاسة أنور جسّام، بحتة، تنشد مصلحة العراق أوّلاً وكرته ثانية، وليس لتكريم مدرب أو لاعب غير جدير بمنحه شرف التمثيل في بطولة موندياليّة مُهمّة، فالبقاء بقدر التحدّي والعطاء، وها نحن نطوي صفحة طشقند، ونفتح صفحة جاكرتا بحذر لنختار الأصلح كي يحظى بدعم الإعلام والجمهور من دون التذمُّر والثبور ومعاودة الهجمات في مواقع التواصل!

شارك: