هل تقلب قضيّة بن ونّاس حظوظ تونس في كأس أفريقيا؟

تحديثات مباشرة
Off
2024-01-08 02:20
هل ستتأثر حظوظ تونس في كأس أفريقيا بالاضطرابات التي طرأت على معسكره التحضيري مؤخرًا (Facebook/FTF)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

"يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر".. قد تنعكس هذه المقولة الشهيرة التي تؤشّر عادةً إلى حدوث "اللا متوقّع" على حظوظ تونس في كأس أفريقيا، المقررة في ضيافة كوت ديفوار انطلاقًا من 13 يناير الجاري وحتى 11 فبراير 2024.

ولعلّ ما دفعنا للتطرق إلى هذه الزاوية، ما يُعرف "تاريخيًّا" عن السلوك المتقلّب لمنتخب تونس فيما يتعلّق بحضوره على منصات المحافل الكبرى على الصعيدين القاري والدولي، فالانتصارات والآمال المعلّقة للتونسيين غالبًا ما تصطدم بواقع الميدان، الذي يُبرز الفوارق ويُعرّي الحقائق، منتجًا صدمة شعبية تجاه منتخب لا يُفرح إلّا نادرًا.

وكمدخلٍ رابطٍ لمحور النقاش هذا، الذي أعيا كلّ مجتهد لدراسته، لا يمكن أن نتغاضى عن الحادثة الأخيرة التي غيّبت مرتضى بن ونّاس عن "نسور قرطاج"، وكيف بإمكانها أن تؤثّر في حظوظ تونس في الكان المقبلة؟

هل تعرّضت حظوظ تونس في كأس أفريقيا لزوبعة في غير أوانها؟

لا أحد يشكّك في قيمة بن ونّاس الفنية، فاللاعب السابق في النجم الساحلي أثبت جدارته في الاحتراف موظّفًا سلاح العمل في صمت، وهو الذي بوّأه مكانة مرموقة في فريق قاسم باشا التركي لخّصتها أرقامه (19 مباراة و4 أهداف وتمريرة حاسمة حتى الآن)، غير أنّ ما سبق لا يشفع لأيّ ملاحظ أن يربط حظوظ تونس في كأس أفريقيا بخروج بن ونّاس من حسابات المنتخب، الذي لعب له في 7 مناسبات فقط منذ أن تقمّص زيّه لأول مرة في 21 سبتمبر 2019 بمناسبة مواجهة ودية أمام ليبيا.

غير أنّ المؤكّد بأنّ حظوظ تونس في كأس أفريقيا وأجوائها الحالية، لم تكن تحتاج إلى هذه الزوبعة، التي زادت الطين بلّة، إذ كان من السهولة تجاوزها، فالخطأ الأساسي كان من الاتحاد التونسي، الذي بادر بتوعّد بن ونّاس بالعقوبة التأديبية، بعد أن خاض الأخير مواجهة مع فريقه أمام بشكتاش لحساب الأسبوع التاسع عشر من الدوري التركي، ويأتي ذلك بعد طلبه الانسحاب من معسكر "نسور قرطاج" بسبب ظرف عائلي طارئ، يمثّله تعرّض ابنته الصغرى لعارض صحّي حرج.

ما فعله بن ونّاس طلب طبيعي؛ لكن قلّة خبرته مع غياب الحكمة في ردّ الاتحاد المحلي، عطفًا على ضغط الجماهير التي لم تستوعب ما قام به اللاعب، معتبرة ما قام به تهرّبًا من "الواجب" الوطني، أدخل الأجواء في سلبيةٍ كانت في غنى عنها، وبغض النظر عن تأثر حظوظ تونس في كأس أفريقيا بهذا الموضوع من عدمه، إلا أنّه كان بالإمكان أفضل ممّا كان على مستوى معالجة هذا الملف، الذي صنعته الظروف من العدم، لزملاء القائد يوسف المساكني.

كيف ستتأثّر حظوظ تونس في كأس أفريقيا إيجابيًا بغياب بن ونّاس؟

دأبت الجماهير الكروية في بلاد حنبعل على تجرّع حقن التشاؤم على وجه الفطرة، فيما يتعلّق بموضوع حظوظ تونس في كأس أفريقيا أو حتى كأس العالم، وإن كان لهذا الأمر ما يبرّره، كون تونس لم تشرب من كأس التتويج قاريًّا سوى في مناسبة يتيمة عند استضافتها الحدث الأهم في القارة السمراء عام 2004، كما لم تُفلح في تخطي عتبة الدور الأول موندياليًّا رغم مشاركاتها الستّة المتباينة مردودًا، من الأولى عام 1978 بالأرجنتين إلى آخرها عام 2022 بقطر.

ومن المنطلق الذي سبق، لن يكون صادمًا تقهقر منسوب الثقة لدى غالبية الشارع الرياضي إزاء حظوظ تونس في كأس أفريقيا، ولكنّ ما يسبق هذه النسخة الإيفوارية من "الكان"، يجعل من التشاؤم أمرًا في غاية المنطقية، نظرًا للظروف المحيطة بالمنتخب، والتي توزّعت آثارها على مختلف أنواع المدى، القريب والمتوسط والبعيد.

نبدأ بالمدى البعيد الذي يلخّصه -بلا ريب- وضع المنتخب التونسي منذ الغياب القهري لربّان سفينته الأول، الدكتور وديع الجريء، الذي يقبع خلف القضبان، أمّا المدى المتوسط فلن يمثّله سوى الانسحاب المثير للجدل لمحترف قاسم باشا التركي مرتضى بن ونّاس، أمّا المدى الأقرب منه، فهو تعادل باهت وشاحب، شحوب النتيجة السلبية، التي انتهت عليها مباراة تونس وموريتانيا الودية التحضيرية قبل دخول غمار منافسات النسخة الرابعة والثلاثين من عرس القارة.

عراقيل ثلاثة تضيف قدرًا مهمًا من القتامة على الصورة المظلمة أساسًا، غير أنّ لاعبي المنتخب -وعطفًا على ما يسرده تاريخهم- قد تكون لهم رواية أخرى فيما يتعلق بحظوظ تونس في كأس أفريقيا المقبلة، طالما وظّفوا عنصر المفاجأة في شقّيه الإيجابي والسلبي، وتبقى أرض "العاج" مسرحًا للتعرف على أيّ الشقّين قد اختار رجال جلال القادري.

ماذا يسرد التاريخ عن حظوظ تونس في كأس أفريقيا؟

بعيدًا عن عدد من القصص المؤلمة حول حظوظ تونس في كأس أفريقيا، والتي تجرّعت مرارتها الجماهير في مناسبات عدة، فإنّ التاريخ لا يحتفل بإنجازات تونسية عظيمة على مستوى المشهد الختامي في "الكان"، غير معانقته الكأس في 2004، أو بلوغه النهائي أمام صاحب الأرض جنوب أفريقيا في 1996 قبل الخسارة (2-0)، أمام أعين "الرمز الحر" للقارة، الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، وحلوله أيضًا في ثوب الوصافة عام 1965 على أرضه.

يسرد التاريخ أيضًا بشأن حظوظ تونس في كأس أفريقيا، أنّها بلغت المربع الذهبي في 6 مناسبات، والدور ربع النهائي 7 مرات، في حين تكبّدت الخروج من دور المجموعات في 6 نسخ أخرى، كان أقصاها عام 1994، عندما استضافت الحدث مجددًا على أراضيها، وحكمت على جماهير بلادها بمعايشة "الكابوس الأسوأ".

في مشاركته الحادية والعشرين، وفي بداية ستكون برفقة منتخبات مالي وجنوب أفريقيا وناميبيا، وعلى أرض الأسطورة الفذّ، لوران بوكو.. يستهدف "النسور" كما جرت العادة، مغالطة كل التكهنات وضرب جميع العراقيل والإحباطات عرض الحائط، على أمل نيل أجمل الأماني في بداية 2024، والذي قد تتشكل صورته الأوضح بتاريخ 11 فبراير القادم على أرضية ميدان "الحسن واتارا" بالعاصمة أبيدجان.

شارك: