كرة القدم بين التغيرات الجذرية وأحقية التتويج بكأس العالم

2022-08-29 00:44
أرشيفية- الأرجنتيني ليونيل ميسي بدا مصدومًا بعد خسارة منتخب بلاده نهائي كأس العالم 2014 ضد ألمانيا (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

هل استحقت المنتخبات الثمانية التي توجت بلقب كأس العالم، على مدار 92 عامًا، هذا الإنجاز؟ أم أن هنالك منتخبات أخرى كانت الأجدر به؟

الأمثلة كثيرة، فالمنتخب المجري بقيادة بوشكاش خسر نهائي مونديال 1954 أمام نظيره الألماني البعيد كل البعد عن الترشيحات آنذاك، وهناك المنتخب الأرجنتيني بقيادة ليونيل ميسي الذي خسر نهائي مونديال البرازيل 2014، قبل أن يطيح به المنتخب الفرنسي من دور الـ 16 في مونديال روسيا الماضي.

والحال نفسه ينطبق على المنتخب البرتغالي بقيادة كريستيانو رونالدو، الذي حزم حقائبه مغادرًا مونديال روسيا بعد الخسارة أمام الأوروغواي في دور الـ16.

ماذا عن المنتخب الهولندي، بقيادة كرويف، الذي فشل في انتزاع اللقب من براثن الألمان في نهائي 1974؟ وماذا عن منتخب البرازيل الذي سحر العالم قبل أربعة عقود عبر كوكبة لا تتكرر من النجوم ذوي المهارات الفردية الساحرة يتقدمهم سقراط وزيكو، والذين خرجوا من الدور الثاني أمام المنتخب الإيطالي الذي مضى بعد ذلك ليعانق اللقب؟

هذه الأمثلة وغيرها الكثير تدعو إلى فرض تساؤلات أخرى شائكة. فمَن المنتخب الذي يفوز بكأس العالم في العصر الحديث؟ هل ما يزال منتخب النجم الأوحد قادرًا على الفوز باللقب كحال منتخب مارادونا في مونديال المكسيك 1986؟

هل هو المنتخب الذي ينتهج أسلوبًا دفاعيًا صارمًا كحال المنتخب الإيطالي الذي ظفر بمونديال 82 منتهجًا أسلوب "الكاتيناتشو"؟ أم المنتخب الذي يتخذ اللعب الجماعي أسلوبًا لمقارعة الخصوم كحال المنتخب الألماني في مونديال 2014 والفرنسي في 1998 والبرازيلي في مونديالي 1994 و2002؟.

تأثير التوازن والجانب المهاري

يعتبر مفهوم التوازن هو السائد في كرة القدم الحديثة؛ ففي الأعوام الأخيرة بات يُلاحظ أن المنتخبات التي تفرّط في النواحي الدفاعية على حساب الهجومية أو العكس لا تنجح في الفوز بلقب كأس العالم في العصر الحديث.

فعلى سبيل المثال كان للمنتخب الإسباني في عام 2010 طروحات هجومية ناضجة؛ لكنه في الوقت نفسه كان ينتهج الاستحواذ كأسلوب دفاعي، نجح من خلاله في الظفر باللقب، أما بالنسبة لألمانيا في عام 2014، فقد كان هنالك شكوك في قدراتها، لكنها وبعد تغلبها على الجزائر في دور الـ 16 عدلت أداءها، بحيث أصبح متوازنًا في الشقين الدفاعي والهجومي، ممّا قادها إلى الفوز باللقب.

على صعيد متصل، بات الجانب المهاري يلعب دورًا ثانويًا في كرة القدم الحديثة، على عكس ما كان سائدًا في العقود الماضية؛ فالفكر التدريبي والطرق الحديثة المستوحاة من التنظيم الدفاعي الجيد أصبحت السمة الطاغية على نتائج كرة القدم، والتي ورائها فلسفة ومبادئ ومدارس موغلة في النسيج الكروي العالمي.

التغيير قادته قارة أوروبا على وجه التحديد، كون كرة القدم فيها أشبه بالصناعة، على عكس قارة أمريكا الجنوبية التي يزاول أبناؤها اللعبة بالفطرة؛ فالمنتخبات الأوروبية باتت تلعب بأسلوب أكثر تنظيمًا في الشق الدفاعي مع الأخذ في عين الاعتبار أهمية اللياقة البدنية العالية وانتهاج أسلوب الرقابة الصارمة.

زيكو: كرة القدم تدفع ثمن عدم فوز "السحرة" بمونديال 82

يرى زيكو، نجم جيل السحرة البرازيلي الذي فشل في الفوز بلقب مونديال 1982 إثر الخسارة التاريخية أمام إيطاليا 2-3، أن هذه المباراة كان لها تأثير سلبي في كرة القدم العالمية لا تزال تشعر به الجماهير حتى الآن.


وقال زيكو في تصريحات شهيرة أطلقها قبل عدة أعوام: "كانت البرازيل تملك وقتها فريقًا رائعًا ذائع الصيت، ولو قُدر لنا الفوز في هذه المباراة لكانت كرة القدم الآن مختلفة عمّا هي عليه.. حاليًا وبدلًا من اعتماد الأسلوب الهجومي، بدأ التفكير في البحث عن النتائج بأي ثمن؛ كرة القدم أصبحت تتمحور حول كيفية إيقاف تحركات الفرق المنافسة وعرقلة المنافسين، باختصار هزيمة البرازيل لم تكن مفيدةً لكرة القدم العالمية".

الراحل كرويف في مذكراته: مشكلة ذهنية مضت بهولندا إلى وصافة مونديال 74

يؤكد النجم الهولندي الراحل يوهان كرويف، الذي قاد بلاده إلى وصافة مونديال 1974، في مذكراته التي نُشرت قبل عدة أعوام، أن السبب الرئيسي لخسارة هولندا المباراة النهائية أمام ألمانيا الغربية آنذاك يعود إلى مشكلة ذهنية ظلّت عالقةً لدى "الطواحين".


ويقول كرويف في مذكراته: "مشكلتنا الذهنية كهولنديين تتمثل في شعورنا بالرضا سريعًا، إنه شعور شائع بيننا، لقد وصلنا للنهائي، وكان هذا أكبر إنجاز لنا حينها وعلامة فارقة في تاريخنا.. ربما نكون قد تراخينا قليلًا أمام كل هذه الإشادات، ورضينا بالوصول لهذه الخطوة، وعلى الرغم من هذا، فإنني أعتقد أن هذا النهائي لو كان ضد فريق آخر غير الألمان؛ لكنا فزنا".

شارك: