سؤال مونديال قطر: ليونيل ميسي أم كريستيانو رونالدو؟

2022-09-13 13:36
من سنيال لقب كأس العالم ميسي أم رونالدو؟ (winwin)
محمد العولقي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

هذا هو السؤال (البيزنطي) الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لأكثر من 17 عامًا، وحول إجابته يدور جدلًا كبيرًا في الأوساط الرياضية لن يخفت ضجيجه ما لم يقل أحدهما كلمة الفصل في مونديال قطر.

وطالما أن "للناس فيما يعشقون مذاهب و ألوان وكل يغني على ليلاه"، فلا بأس أن يتوزع العشق وتيار الهوى الجارف بين البرغوث الأرجنتيني الساحر والدون البرتغالي الماهر، و تبقى مسألة ترجيح كفة أحدهما على الآخر نسبية بالنظر إلى السجل الحافل بالإنجازات للنجمين الكبيرين، لكن ثمة إحساس يراودني ويلح عليَّ بأن مونديال قطر قد يحسم هذا الجدل ويضع كل لاعب في الحجم الذي يناسبه دوليًا.

نتفق أولًا على أن ميسي ورونالدو ظاهرتان لن تتكررا إلا  مع زيارة مذنب (هالي) للأرض كل 76 سنة، و هذه حقيقية دامغة لا تقبل الجدل ولا النقاش، وتدعمها الألقاب والأهداف والأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل.

نتفق ثانيًا على أن اللاعبَين العبقريَين في كفة وبقية لاعبي العالم في كفة، وهو وضع يبرر سخاء الإنفاق ويضع الفواصل بين لاعب الملايين ولاعب الملاليم.

 ولا شك أننا عايشنا ربيع الصراع الرهيب بين ميسي و رونالدو، ومحظوظون أكثر هم أولئك الذين وقفوا على الحياد وتابعوا الصراع المرير بينهما بعيداً عن العاطفة والميول والتعصب الأعمى، فهم وحدهم من استمتعوا بعطاء وعبقرية النجمَين الكبيرَين، ولا ريب أن أحزانهم ستكبر مع اعتزالهما الوشيك.

لعبة المقارنات لعبة مجحفة لا تستهويني ولست على استعداد لأن أغامر برأي قد يغضب عشاق هذا أو ذاك، لكن هناك فوارق فنية بين اللاعبَين يستطيع رؤيتها حتى أعمى (المعرة) و تابعوني بعد هذا الفاصل.

من حيث الذكاء الميداني لا يختلف اثنان أو حتى ثلاثة على أن ليونيل ميسي عقل يقرأ بالقدم، ولأنه لاعب لا يلجأ كثيرًا إلى الاستعراض المستفز للمنافس فيمكنه أن يكون مفيداً حتى لو لعب بعكازين، في الجانب الآخر يحسن رونالدو التعامل مع طاقته البدنية الخارقة بحكم تكوينه الجسماني القوي والمثير للانتباه، و هو يجسد أمامنا دائماً حقيقة أن القوة البدنية في خدمة العضلات.

وبين عقل ميسي وعضلات رونالدو ثمة فارق رهيب يشاطرني فيه السواد الأعظم من الفنيين على وجه الخصوص، هذا الفارق يتلخص في الرؤية!

نعم لا تندهشوا، فالرؤية في ملاعب كرة القدم تشبه البوصلة التي تحدد الاتجاهات حسب الموضة التكتيكية، فاللاعب الذي لا يمتلك رؤية ثاقبة يكشف بها كل مربعات الملعب لا يستطيع أن يندمج مع منظومة اللعب، ولا يستطيع التعاطي مع الضغوط في المباريات التي تلعب على الجزئيات الصغيرة.

  • قد يقول قائل من ذوي الشأن الكروي: إنني كمن فسر بعد جهد جهيد الماء بالماء، من منطلق أن لكل لاعبي العالم عيونًا شأنهم شأن ميسي ورونالدو، وهذا صحيح لا جدال فيه كحقيقة يصعب تجاوزها، لكن دعوني أبسط لكم الأمر ليصل مغزى كلامي دون لغط أو سوء فهم:

إذا كانت رؤية رونالدو للملعب تقترب من 70%، فرؤية ميسي لنفس الملعب تقترب من 95 % أو تزيد، وهذه النسبة بكل تأكيد تضع النقاط فوق وتحت الحروف وتنصف العقل على حساب العضلات، و هذا بالطبع هو الفارق بين اللاعب النابغة  المبتكر الذي يعطي حلولاً بيضاء في المباريات السوداء، واللاعب القوي الذي لا تجد عضلاته نفس الحلول لنفس المعضلة.

في منتصف الثمانينات دارت واحدة من أشرس المعارك بين الداهية الأرجنتيني دييغو مارادونا والفرنسي صاحب القميص غير المهندم والأداء الأنيق (ميشيل بلاتيني)،
وقتها كان الفرنسي يصنع ربيع الكرة الفرنسية ونادي يوفنتوس الإيطالي، في حين وجد مارادونا صعوبة في النفاد بجلده من جحيم برشلونة، باحثًا عن الجنة في نادٍ إيطالي مغمور اسمه نابولي.

ولم يكن مارادونا لينظر إلى الخلف ليتأكد أن الفرنسي يستحوذ على كل مساحات الأضواء ويهرب بكل مفاتيح الألقاب الفردية والجماعية، لكن مارادونا أقسم أن ينتقم ويتربع وحيداً على القمة دون منافس، وقد تحقق له ذلك بعد أن فرض نفسه في مونديال المكسيك 1986، صاحب أكبر تأثير فردي على كل بطولات كأس العالم قديمها وحديثها، عندها أعلن بلاتيني اعتزاله اللعب في سن الـ31 لأنه لا يريد أن يلعب دورًا ثانويًا بعد أن آل الصراع بكل حمولته لصالح (دييغو).

السؤال الآن الذي يطير من رأسي بنفس سرعة كليان مبابي!!!

  • هل يفعلها ليونيل ميسي في قطر ويتوج بكأس العالم ليقطع الشك باليقين ويؤكد بالصوت والصورة أنه محور هذا الكون كرويًا دون منازع؟
  • أم أن كريستيانو رونالدو يخبئ في معطفه الدولي مفاجأة مذهلة قد تحسم صراعه المرير مع غريمه ميسي بالنقلة الشطرنجية الرهيبة (كش ملك)؟

سؤال آخر كبير قد يضاعف من منسوب حلاوة المنافسة بين النجمين الكبيرين

  • هل يمكن أن يسير منتخبا الأرجنتين والبرتغال في نسق تصاعدي من حيث النتائج ويلتقي القائدان في (لوسيل) كمكافأة نهاية الخدمة؟
  • سؤال ملتهب ككرة نار تتدحرج في ملعب نجمين أسهرا الخلق وهما يبحثان في الرمق الأخير عن الضربة القاضية.
شارك: