هل يزيد المغرب في طِين البرازيل بِلَّة؟

2023-03-20 20:16
أرشيفية- صورة جماعية للاعبي منتخب المغرب (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

بواسطة كرة القدم عرفنا البرازيل من خلال توهج لاعبيها بيليه وسقراط وزيكو، قبل أن نعرف مساحة البرازيل وعدد سكانها وثرواتها الاقتصادية، وعرفنا كيمبيس الأرجنتيني والساحر مارادونا قبل أن نعرف بأنها بلد بأربعين لغة، وبأن معنى اسمها أرض الفضة دون أن يكون بها أي فضة.

نعود للحديث عن البرازيل الذي ينتظره المغاربة بشوق لمتابعة موهوبيه العالميين، بمدينة طنجة عروسة البوغاز في لقاء إعدادي يوم 25 مارس/ آذار الجاري، ليستحضروا الشذرات التاريخية بين البلدين، وتوقظ العلاقات المنسية القديمة بين البرازيل والمغرب والتي تعود إلى بداية اكتشاف البرازيل منذ ما يزيد عن 500 سنة، فهناك روايات تقول إنه يعود تاريخ المسلمين والمغاربة في البرازيل إلى فجر اكتشاف القارة الأمريكية.

فعندما رست سفينة "كابرال" على ساحل البرازيل، كان برفقته بعض البحارة من الأندلس أمثال شهاب الدين بن ماجد وموسى بن ساطع، ويؤكد أحد المؤرخين البرازيليين، "جواكين هيبيرو"، في محاضرة ألقاها عام 1958م ونشرتها الصحف البرازيلية آنذاك، أن المغاربة زاروا البرازيل واكتشفوها قبل اكتشاف البرتغاليين لها عام 1500 م.

من قطر التي ستظل محفورة في كل أذهان الأجيال المغربية، اكتشف البرازيليون المغرب الجديد، وانبهروا به، وكأن لاعبي الأسود نسخة طبق الأصل من البرازيليين في تقنياتهم ولعبهم الأنيق، فالمواجهة الكروية المغربية البرازيلية لم تأت بطريقة اعتباطية، ورغبة البرازيليين في مواجهة الأسود لم تأت عبثا، فهم يعرفون أنه محك حقيقي وفعال للبرازيليين، فكلنا أمل في استمرار هذا الجيل بنفس الإبهار والتوهج، وهو يوزع بسخاء لحظات سعادة غير مسبوقة.

الأسود يؤدون الرسالة على أكمل وجه، كسبوا التقدير والإعجاب، ونالوا شهادات الاستحقاق بكل لغات العالم، ويكفيهم فخراً تكسير أسطورة الكبار الذين لا يُقهرون، ومؤشرات تحول شكل وجوهر النظام الكروي العالمي، بعدما دخل المغرب إلى المعادلة العالمية الجديدة. قالت الأسود كلمتها بقوة، تاركة رسالة بليغة مفادها، لا كبير في عالم كرة القدم، يكفي الثقة في الإمكانيات الذاتية، والاستعداد الجيد، وإعطاء الأسبقية في الاختيار لمن هو أكفأ وأفضل في منصبه، والأقدر على صناعة التاريخ.

كرة القدم لا تعترف بالتاريخ والأمجاد السابقة، فهنالك منتخبات عريقة كانت مرشحة لنيل بطولة كأس العالم ومنتخبات لم يحالفها الحظ في التأهل إلى دورتين متتاليتين على الرغم من مكانتها العالمية، وغيرها التي كانت مرشحة وغادرت البطولة من دور المجموعات في الوقت الذي راهن عليها الجميع بتحقيق البطولة.

هذه دعوة لننسى ما فات من تألق ودعوة للعمل، بتضافر جميع الجهود لتحقيق الأمل المعقود، وكتابة التاريخ الكروي العالمي الجديد، هكذا هي كرة القدم الملكة المتوجة للمشاعر المتناقضة، لكن هذه المرة كانت الأحزان البرازيلية والعالمية لا تنتهي، كانت أطنان الأحزان لاسيما عندنا نحن العرب الذين نشجع البرازيل بالفطرة، استقال المدرب تيتي، وأعلنها في خضم الأحزان، رغم أنه صنع فريقاً يقترب من فريق الأحلام الذي أسعد الدنيا في مونديال 82 لكن للأسف، كان الخروج الميلودرامي الحزين.

تمتلك المنتخبات العربية سجلا مخيبا خلال مواجهاتها للبرازيل سواء وديا أو رسميا، وطأطأت رأسها أمامها بخسارات مذلة، فهل سيضع المغاربة حدا وقطيعة مع سلسلة الانهزامات والانكسارات أمام عملاق الكرة العالمي؟

فمواجهة المغرب للعملاق البرازيلي مباراة ودية بنكهة التحدي والانتقام؛ إذ يسعى البرازيليون لتعزيز مكانتهم كقادة في التصنيف العالمي للفيفا، في حين يرغب أسود الأطلس في الانتقام من هزيمتهم السابقة أمام المنتخب البرازيلي في عام 1998.

واعتبر البعض أن اللقاء لا يعدو أن يكون استعراضيا، لكن الرد جاء سريعا من الفيفا، بتوجيه رسالة خاصة للركراكي، موصيا إياه بالاستعداد الجيد للمواجهة القوية التي ستجمعه بالمنتخب البرازيلي، والاستمرار في التألق.

وأضاف الفيفا: "النجاح الأكبر ليس بلوغ القمة، بل الاستمرار فيها والعمل مرفقًا بالهمة، وذكريات الماضي لا تغتر بها.. فاستعد لبدء حقبة مهمة، مواجهة البرازيل غرتها".

فهل يزيد المغرب في طِين البرازيل بِلَّة، ويضيفه إلى قائمة الكبار الذين قهرهم؟

شارك: