هل أصبح رأي الشارع الرياضي دستور الكرة؟

2023-01-29 16:42
من تتويج منتخب العراق بلقب كأس الخليج العربي 25 (twitter/ AGCFF)
إياد الصالحي
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

لا يمكن أن يرتقي الصحفي في أي بلد ويدَّعي أنه مُساير للإعلام المهني الحديث وشروطه الرصينة في الحياد والنزاهة واحترام الانسان مهما كان محلّ اختلاف أو جدل إلا بتطبيقه معايير تتواءَم مع الرسالة النبيلة، باعتباره ينتمي إلى بلاط السُلطة الرابعة المؤثّرة في البلد، يُراقب بهدف كشف الحقيقة لا برغبة التسقيط، يَنتقدُ بلُغة مؤدّبة تترفّع عن إهانة المُنتقَدْ، ويتحمَّس من دون تهوِّر لخدمة مصلحة عامّة وليس فئة محدّدة.. يُطالِب بالحقِّ دائماً لا أن يرتديه قِناعاً وقت الضرورة! كلّ شيء قابِل للتمويه، والإخفاء، إلا سلوك الصحفي، ما يكتبهُ هو ترجمان حقيقي لشخصيّتهِ وتربيتهِ ومستواه الثقافي ورؤيتهِ للناس في السرّاء والضرّاء.

للأسف، إن الهجمة الشرسة التي وضعَت هذا المدرّب الوطني أو ذاك بين فكّي (خيانة الوطن أو تقييمه سلبيّاً) وهو مُربّي عشرات النجوم الكبار كرويّاً هي من صنيعة الصحافة التي انتخى بعض ممثليها بلغة الغطرسة لتقزيم المدرب، وإهانة تاريخه المُحترم ودفن سُمعته في مقابر المشبوهين، وكأنّه يُراد بأبناء العراق الموهوبين ألاّ يقرَبوا من المهمّات الوطنية مستقبلاً في حالة وجود هؤلاء حتى لو كانوا رموزاً تتفاخر بهم اللعبة بذريعة إنصاف بدلائهم من المدرّبين الشباب ومكافأة بعضٍ ممّن يرتبطون بعلاقات وثيقة مع متنفّذين في اتحاد اللعبة حتى لو كانوا لا يصلحون للقيام بدور "مُمرّنين" على ذمّة بعض أعضاء اللجنة الفنيّة مثلما حدث في الاتحاد السابق! 

عجبي.. كيف ننشدُ التخطيط العلمي والتنظيم الصحيح والتدبّر بضوابط العمل الاحترافي لمنظومة كرة القدم، وهناك من يعتمد السُخط الجماهيري و(قلّة أدب) بعضهم في موقع الفيسبوك الاجتماعي معياراً ودليلاً لتحذير اتحاد اللعبة من الاستمرار في منح الثقة للمدرب (س) أو الاستفادة من (ص) كمستشار لأنه لا يصلح؟! 

هل أصبح الشارع الرياضي دستور كرة القدم إلى الدرجة التي سقط من خلالها اتحاد الكرة في فخ أكثر من حملة سابقة توعّدت بتغيير المدربين؛ لأن الجمهور غاضب عليهم ومعترض وثائر، وجُلّ من يكتبون في الموقع الاجتماعي أو من يمتهنون الصحافة الرياضيّة بأعمار أحفاد أولئك المدرّبين المخضرمين، ولا يخجلون من تقييمهم سلبياً ويشوّهون صورهم بعلامة (X) حمراء؛ تماشياً من الانفلات الأخلاقي لثلّة من مرتادي المواقع والمنتديات الذين لا يتورّعون من إظهار وقاحتهم دون أي اعتبار لمقامات الناس الذين قدّموا عصارة جهودهم للبلد، وهدفهم تلبية النداء الوطني استجابة لطلب المعنيين وليس توسّلاً لفرصة كما يتحيّنها البعض ويتآمر من أجل تحقيقها!

صراحة، أحد المدربين الكبار الذي أعنيه كان معي على الخط البارد، وأبدى استغرابه للمجاهرة المستمرّة من بعض الصحفيين الرياضيين الذين يكنُّ لهم التقدير والاعتزاز، بأنه لم يعد رجل المرحلة، وعدم صلاحه لتقديم الاستشارة للأسود في البطولات! داعياً الجميع للتحلّي بالحِكمة في إبداء الآراء، ومؤكّداً عدم سعيه للتفرّد بالمهمّة وحده، بل هناك منهج واضح لعمل جمعي مع مساعدين يُشهَد لهم بالكفاءة والحرص على تحقيق غاية المشاركة في إنجاح مهام الأسود سواء مع الشباب أو الأولمبي أو الوطني.

ونافياً في الوقت نفسه ما نُسب إليه من إشارات بتراجعه في قرار الموافقة على تدريب أحد المنتخبات خشية من حملات الانتقاد التي يؤجِّج نيرانها بعض الصحفيين ممّن تخلوا عن دورهم الرئيس في دعم توجّهات الاتحاد والجهاز التدريبي واللاعبين استثماراً للوقت، وأكد عدم ممانعته في خدمة العراق لأي مهمة بصفة مستشار وتأهيل لاعبين شباب إلى المنتخب الأوّل ما دام أن الغاية من تلبية الواجب مشاطرة الجماهير حُلم المونديال للمرّة الثانية، عام 2026 أو الذي يليه 2030، بعد نجاحه بنسبة كبيرة مع مدربين مُخلصين مثله في وصول أسود الرافدين إلى مونديال المكسيك 1986 في أصعب الظروف.

وإيماناً من المدرّبين المخضرمين بأن العمل تحت أي عنوان مع المنتخبات يُعد تشريفاً لهم، نقترح أن تكون دعوة أي منهم بصفة (المستشار) ضماناً لنجاح طاقم فني منسجم ومتعاون ومتفاهم في تنفيذ برنامج الإعداد والاستفادة من خبراتهم خاصّة مع الأولمبي.. غايتنا من هذا المقترح ليس إذعاناً للهرج والمرج الذي يجتاح المواقع الإلكترونية، بل لسحب البساط من صُنّاع الأزمات ورُماة الحجر على الثمار النظيفة في شجرة الحياة العراقيّة التي تعجُّ بالمتطفّلين والمُغرضين وراكبي الموج العاطفي بلا عقل أو بصيرة.

شارك: