نحن لدينا دييغو فمن لديكم؟

2021-06-08 09:01
أيمن جاده مقدم في قنوات beIN
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

في نهائي كأس العالم 2014 في ملعب الماراكانا بين منتخبي ألمانيا والأرجنتين كنت حاضراً وسمعت الجمهور الأرجنتيني يهزج مشجعاً منتخب بلاده الذي كان يضم ميسي لكنه كان يذكر في غنائه كلمة دييغو، فسألت صديقاً أرجنتينياً كان يجلس بالقرب مني: ماذا يقولون؟ فقال لي: "إنها أغنية ينشدها الجمهور الأرجنتيني منذ الثمانينات ولا يزال يرددها حتى اليوم.. نحن لدينا دييغو (مارادونا) وأنتم من لديكم" ؟

هذا يلخص ثقة ومحبة الأرجنتينيين لنجمهم الراحل دييغو أرماندو مارادونا حتى بعد سنوات طويلة من اعتزاله، فكما تقول امرأة أرجنتينية في رسالة مفتوحة إليه عندما كان يعالج في المستشفى من إحدى أزماته الصحية: " يؤسفني أن يظن العالم أننا شعب من السذج لكي نحب ثرثاراً مغروراً و مدمناً، لكنهم لا يعرفون ماذا فعلت لنا كي نحبك كل هذا الحب، لقد جلبت لنا الفرح الوحيد في حياتنا في ظل الحكم العسكري حينما لم نكن نجد ما نأكله سوى القليل من الطعام نكرره صباح مساء، وأنا لم أر زوجي يبكي طيلة حياته غير ثلاث مرات.. مرة عندما أنجبت ابننا ناتشو ومرة عندما أحرزت هدفك الثاني ضد إنجلترا ومرة عندما أبعدوك عن كأس العالم في أميركا..".

ويقول الأديب والفيلسوف الأرجنتيني غوستافو بيرنستاين: "مارادونا هو مرجعنا الأقصى.. لا أحد يجسد جوهرنا كأمة أكثر منه، ولا أحد يحمل أصل نبلنا أكثر منه، لم نحمل في داخلنا طوال عشرين عاماً شغفاً لأحد أكثر منه، ولا أحد جلب الفرح لأمتنا الحزينة مثله هو، الأرجنتين هي مارادونا، ومارادونا هو الأرجنتين".

وأذكر أنني عندما حاورته تحت قبة أسباير في الدوحة أواخر العام 2005، جاء إلى موقع التصوير ويداه في جيبه وألقى نظرة على المكان ثم سار مبتعداً وعندما لحقت بزوجته التي كانت تدير أعماله وتتحدث الإنجليزية لأستفسر منها عن الأمر، شرح لها موقفه بالقول: "أنا اتفقت على لقاء حصري مع الجزيرة الرياضية لكنني رأيت كاميرات السي إن إن والبي بي سي وغيرهما تحيط بالمكان، فأبعدوا الجميع لأنني لا أريد أن أظهر في قنواتهم وأبقوا كاميرات الجزيرة الرياضية فقط لكي أجري اللقاء كما هو مقرر".. وقد كان.

والآن عندما يتحدثون عن مارادونا ويذكرون مساوئ حياته الشخصية أقول لهم مرة أخرى: "عندما نتحدث عن ليوناردو دافنشي أو مايكل أنجلو أو شكسبير أو سواهم من المبدعين فإننا نفعل ذلك لنذكر إبداعاتهم وبسببها فقط نتذكرهم، ولا نتحدث عن الحياة الشخصية لكل منهم لأنها لا تعنينا في النهاية...

ومارادونا كان بدون شك أبرز الفنانين المبدعين الذين عرفهم المستطيل الأخضر ورسم عليه أروع اللوحات التي خلدها التاريخ فاستحق كل ذلك المجد والحب والتكريم، في حياته وبعد مماته.. الرجل الذي منح الفرح للأرجنتين الحزينة معظم الوقت، منحها أخيراً أكبر أحزانها".

شارك: