منتخب مصر.. غريب في بيته
مشهد حزين وخبر سعيد.. توقفت أمامهما بدهشة في الـ 24 ساعة الماضية.. المشهد الحزين كان في مباراة منتخب مصر وإثيوبيا التي أقيمت أمس الجمعة في العاصمة القاهرة في الجولة الأخيرة من تصفيات بطولة كأس الأمم الأفريقية. والخبر السعيد كان بشأن تذاكر مباراة كأس السوبر الأفريقي الذي سيجمع بين الشقيقين العربيين الأهلي المصري واتحاد العاصمة الجزائري الجمعة المقبل في ضيافة المملكة العربية السعودية.
والحقيقة أن المشهد والخبر يعكسان حالة متناقضة، لم أصدق عيناي وأنا أرى مدرجات استاد الدفاع الجوي في القاهرة خاوية على عروشها خلال مباراة منتخب الفراعنة أمام إثيوبيا، وبدا وكأن المباراة "سرية" أو أن هناك عقوبة فُرضت على منتخب مصر بحرمانه من جماهيره! وتساءلت كثيرًا بيني وبين نفسي: أين الجماهير المصرية؟ وأين دعمها لمنتخبها الوطني وهو يخوض مباراة رسمية؟ واللافت أن المشهد لم يزعج أحدًا ولم يتوقف أمامه أحد في استديوهات التحليل الخاصة بالمباراة أو البرامج الرياضية، ولم يتوقف الإعلام أمام ظاهرة باتت حقيقية وهي أن منتخب مصر بات غريبًا في بيته!
في صباح اليوم التالي لمباراة منتخب مصر؛ أي اليوم السبت، كانت كل وسائل الإعلام المصرية تتحدث بكثير من السعادة وربما الفخر عن أن التذاكر المخصصة لجماهير الأهلي في مباراة السوبر الأفريقي نفدت "عن بكرة أبيها"، بعد 11 دقيقة فقط من طرحها من اللجنة المنظمة.
ودار حوار بيني وبين عدد من الأصدقاء النقاد الرياضيين، حول عزوف الجماهير عن حضور مباريات المنتخب الوطني الأول، بل وكل المنتخبات الوطنية في الآونة الأخيرة، وتذكرت أن أكبر حضور جماهيري مصري لمباراة خاضها المنتخب الأول في آخر عامين كانت خارج حدود الوطن، بل وفي مناسبة ودية! عندما التقى منتخب الفراعنة مع نظيره البلجيكي في الكويت، ووقتها امتلأت المدرجات بالجالية المصرية، وهو أمر له تفسير وطني أكبر منه تفسير كروي، وهو تشوق أي جاليات مغتربة في أي وطن لرؤية منتخب بلدها.
ولكن حقيقة عزوف الجماهير المصرية عن عدم مؤازرة منتخب بلادها داخل بيته ترجع إلى حالة الغضب التي تجتاح جماهير الأهلي التي تمثل أكثر من 70% من جماهير الكرة المصرية من اتحاد الكرة، مباراة منتخب مصر أمام إثيوبيا سبقتها أزمة، وهي استدعاء عدد من نجوم الأهلي للمنتخب لخوض تلك المباراة ومباراة تونس الودية المقرر لها الثلاثاء المقبل.
وطلب النادي الأهلي من الاتحاد عدم استدعاء لاعبيه الدوليين لارتباط الفريق الأحمر بمواجهة قارية سوبر، واستند الأهلي في طلبه إلى أن المنتخب ضمن التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية التي تقام مطلع العام المقبل في ضيافة كوت ديفوار، وأن المباراة باتت تحصيل حاصل، إلا أن الاتحاد رفض وتمسك برغبة الجهاز الفني لمنتخب الفراعنة في استدعاء لاعبي الأهلي، وهو ما أشعل غضب الجماهير، خاصة أن استمرار اللاعبين في معسكر المنتخب لما بعد مباراة تونس تعني غيابهم عن موقعة السوبر الأفريقية الجمعة المقبل، قبل أن يتم احتواء الأمر باستبعاد لاعبي الأهلي من المعسكر بعد مباراة الأمس.
وتذكرت أزمة مقاطعة جماهير الأهلي لمباراة ودية كبرى خاضها المنتخب في عصره الذهبي تحت قيادة "المعلم" حسن شحاتة أمام الأرجنتين في القاهرة؛ لإصرار "المعلم" على ضم حارس الأهلي عصام الحضري بعد أيام من واقعة هروبه الشهيرة من الأهلي إلى نادي سيون السويسري.
ومن هنا أطالب اتحاد الكرة والأجهزة الفنية لكافة المنتخبات الوطنية بتفادي الأزمات مع الأندية الجماهيرية إذا ما كانت تلك المواجهات تحصيل حاصل أو بروفات ودية والأندية لديها ارتباطات قارية رسمية، حتى لا يصبح منتخب مصر غريبًا في بيته مرة أخرى.