محمد صلاح ونجيب محفوظ.. التاريخ يعيد نفسه

2021-11-03 12:19
محمد صلاح الأفضل في العالم حاليا (winwin)
Source
+ الخط -

ليس من السهل أن يخطف لاعب عربي الأضواء في سماء الكرة الأوروبية، وليس من العبث والصدفة أن يتحول الهتاف باسم محمد صلاح إلى سمفونية رائعة تتلذذ بسماعها جماهير ليفربول الإنجليزي وترددها مع كل نغمة ساحرة يعزفها الفرعون المصري على أرضية الملعب. 

ما يفعله صلاح هذه الأيام ضرب من الجنون الكروي. فقد أصبح اللاعب يتحكم في إيقاع فريق كامل بلماسته ومراوغاته الساحرة ومرونته في تجاوز المنافيسن وكأنه يحرك قطع شطرنج برأس بارد وثقة عالية قل نظيرها في زمن النفخ الإعلامي لنجوم آفلين ظلوا يقتاتون على موائد إنجازتهم السابقة.

السؤال المطروح حاليا هو: هل يستحق صلاح الكرة الذهبية؟ أم أن بين جائزة المجلة الفرنسية الشهيرة "فرانس فوتبول" والعرب حائطا سميكا يصعب كسره، ومتاريس من المستحيل إزالتها؟.. لا يختلف عاقلان الآن على أن صلاح أفضل لاعب في العالم خلال الفترة الأخيرة، لكن معايير منح الجائزة شبيهة ببدلة صُممت على مقاس الكبار، خصوصا الأوروبيين منهم. ذلك أن شروط الفوز بلقب وحجم التأثير في "السوشيل ميديا" تصب دائما في مصلحة فئة مختارة بعناية من القائمين على هذه الجائزة التي يراد لها أن تظل حكرا على جنسيات معينة، وبعيدا عن المستحقين.

فلم هذا العبث؟ أليس من حق محمد صلاح والعرب أن يتذوقوا طعم الفوز بجائزة الكرة الذهبية دون منة أو فضل من أحد بعد ما قدمه الفرعون المصري من أداء؟ ما يفعله الساحر المصري دون مبالغة هو الأكثر متعة في الملاعب الأوروبية حاليا.

صلاح الذي حوّل مسرح الأحلام لنادي مانشستر يونايتد إلى مسرح للكوابيس الجاثمة على صدور أنصار  الفريق، لن يفوز بالجائزة لأن المعايير العنصرية الظالمة لن ترجح كفته بالرغم من كونه في المرحلة الأقوى والأمتع في مشواره الكروي.

صلاح المتمرس على الهزات والمصاعب سيواصل كتابة التاريخ، ولن يملّ أو يكلّ قبل أن يظفر بالجائزة حتى لو تأخر الأمر لسنة قادمة، فالرجل الذي تحدى الصعاب واشتغل في صمت دون ضوضاء ليصبح من كبار لاعبي الكرة العالميين، لن يصعب عليه الاستمرار في هذا الأداء بتواضع الكبار وشهامة النبلاء.

سيصبح صلاح أول عربي يفوز بجائزة الكرة الذهبية، مثل ما كان نجيب محفوظ العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل للآداب سنة 1988. صلاح يسير بخطى ثابتة لتكرار تجربة نجيب محفوظ الذي خطفت كتاباته ومؤلفاته أنظار العالم بأسره، وعكست نصوصه صورة الحياة الاجتماعيّة والقضايا السياسية في مرحلة هامّة من تاريخنا العربي.

اندهش الحاضرون من حصول عربي على جائزة نوبل للآداب، فكان رد نجيب محفوظ عليهم من خلال خطاب تاريخي قرأه نيابة عنه محمد سلماوي باللّغة العربية قبل الإنجليزية: "لمن لا يعرفني فأنا ابن حضارتين، أولاهما عمرها سبعة آلاف سنة وهي الحضارة الفرعونية، وثانيتهما عمرها ألف وأربعمائة سنة وهي الحضارة الإسلاميّة".

سيندهش الكثيرون من أحقية صلاح بالكرة الذهبية، لكن سليل الحضارة الفرعونية والإسلامية وشريك نجيب محفوظ في الدم والحضارة، لا شك سيرد عليهم بأنه "موجود" والأيام ستثبت ذلك.

شارك: