ليونيل ميسي.. مسيرة أسطورية تزيّنت بكأس العالم

2022-12-20 19:41
من احتفال ميسي بالفوز بلقب مونديال قطر 2022 (Getty)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

أُسدل الستار على بطولة كأس العالم قطر 2022، يوم أمس الأحد 18 ديسمبر/ كانون الأول، على ملعب "لوسيل"، بتتويج المنتخب الأرجنتيني بلقب النسخة الـ22 على حساب حامل اللقب منتخب فرنسا، بالفوز عليه في المباراة النهائية بركلات الترجيح (4-2)، عقب نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل (3-3).

وتألق ليونيل ميسي، النجم الأول لمنتخب الأرجنتين، بشكل واضح في المباراة النهائية، وقبلها في المباريات الست التي أوصلت "التانغو" إلى المشهد الختامي للبطولة، من خلال تسجيل 7 أهداف، وتقديمه 3 تمريرات حاسمة لزملائه، ليحصل على لقب أفضل لاعب في العالم 7 مرات، ويحقق حلمه وحلم الجمهور الأرجنتيني بحصد أغلى لقب في كرة القدم، والذي استعصى عليه لسنوات طويلة.

وتوج ميسي في سن الـ35 عاما، للمرة الأول في مشواره بلقب كأس العالم بعد 5 مشاركات مونديالية متتالية بدأها عام 2006 بألمانيا، وكان الختام مسك على الأراضي القطرية، وفي نسخة استثنائية للمونديال؛ رفع ميسي في نهاية قصتها اللقب الأغلى وهو يرتدي البشت القطري التقليدي، منهيا حقبة طويلة سيطر فيها برفقة نجوم آخرين على جوائز كرة القدم حول العالم.

البداية من نيولز أولد بويز بالأرجنتين ثم التوّهج مع برشلونة الإسباني

وبدأ ميسي مشواره في عالم كرة القدم في نادي نيولز أولد بويز الأرجنتيني عام 1994 بسن الـ7، واستمر هناك إلى غاية عام 2004، في مسيرة تألق فيها بشكل منقطع النظير، وبدأ نجمه يسطع مبكرا، ولعب 176 مباراة في مختلف الفرق السنية، سجل خلالها 234 هدفا، ما جعله جوهرة حقيقية مقارنة بأرقانه.

تألق ميسي رفقة الفرق السنية لنادي نيولز أولد بويز، فلم يمر مرور الكرام على أحد أكبر الأندية العالمية، ويتعلق الأمر بنادي برشلونة الإسباني، الذي سارع للتعاقد مع ميسي في سن الـ13، ليلتحق بمدرسة النادي المعروفة عالميا باسم "لاماسيا"، حيث بدأ ميسي يطور مستواه تحت قيادة أفضل المدربين في العالم، وفي وقت قصير تمكن من لفت الأنظار، وبعد 4 سنوات فقط، تمكن من الوصول إلى الفريق الأول لبرشلونة وهو في سن الـ17.

وبدأت قصة ميسي مع التألق في صفوف برشلونة، وسط كوكبة من اللاعبين الكبار والنجوم العالميين، لكن موهبته وقدراته جعلت منه نجما فوق العادة، وتمكن من كتابة تاريخ استثنائي طيلة 17 عاما مع نادي البلوغرانا، لعب خلالها 778 مباراة سجل فيها 672، وتمكن خلال 17 عاما من التتويج بـ35 لقبا محليا وخارجيا.

ليونيل ميسي.. مسيرة أسطورية مع برشلونة (Getty)

وقاد ميسي برشلونة للتتويج بدوري أبطال أوروبا في 4 مناسبات أعوام (2006 و2009 و2011 و2015)، كما توّج بـ10 ألقاب للدوري الإسباني أعوام (2005 و2006 و2009 و2010 و2001 و2013 و2015 و2016 و2018)، وحصد "البرغوث" مع ناديه 3 ألقاب في كأس العالم للأندية أعوام (2009، 2011، 2015)، دون نسيان الألقاب التي حققها في كأس ملك إسبانيا وعددها 7، بالإضافة إلى 8 ألقاب في السوبر الأوروبي، و3 ألقاب في السوبر الإسباني.

وتمكن ابن مدينة روزاريو الأرجنتينية من التتويج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في 7 مناسبات كاملة، متقدما على نجوم كبار في جيله، ومتربعا على عرض المتوجين بهذا اللقب الفردي عبر التاريخ، نظير تألقه الكبير في السنوات التي قضاها في نادي برشلونة الإسباني، ما جعله يدخل تاريخ كرة القدم من أوسع الأبواب، ويرفع سقف المنافسة عاليا، مع لاعبي الأجيال القادمة. 

الانتقال إلى باريس سان جيرمان في صفقة مفاجئة

وقرر ميسي الرحيل عن صفوف برشلونة صيف 2021، مباشرة بعد نهاية عقده، في قرار مفاجئ أبكى الجماهير الكتالونية، التي لم تتقبل رحيل الأرجنتيني بعد سنوات طويلة قضاها في ملعب "الكامب نو"، وكانت وجهة "البولغا" إلى العاصمة الفرنسية، وحمل قميص باريس سان جيرمان، الذي يلعب له إلى غاية اليوم.

وبعد موسم أول متواضع من حيث الأرقام، غاب فيه ميسي عن بعض المباريات بداعي الإصابة، شارك في 26 مباراة بالدوري الفرنسي سجل فيها 6 أهداف وقدّم 14 تمريرة حاسمة، وأنهى الموسم بلقب الدوري الفرنسي، قبل أن يبدأ الموسم الحالي 2022-23 بقوة، حين توج بلقب السوبر الفرنسي، وحافظ على مشاركاته في مباريات الدوري؛ إذ لعب 13 مباراة من أصل 15 مباراة، سجل فيها 7 أهداف مقابل تقديم 10 تمريرات حاسمة.

ميسي يكسر عقدة التتويج مع الأرجنتين بعد سنوات طويلة

وعلى الصعيد الدولي، انطلق مشوار ميسي مع منتخب الأرجنتين الأول عام 2005، بعدما حمل قميص منتخب تحت 20 عاما وتوج برفقته بلقب كأس العالم للشباب عام 2005، ثم توج بذهبية الألعاب الأولمبية عام 2008 بالصين، لتبدأ حقبة جديدة لنجم عالمي على خطى سابقه، دييغو أرماندو مارادونا.

وشارك ميسي في 5 بطولات كأس العالم أعوام (2006 و2010 و2014 و2018 و2022)، كما قاد الأرجنتين في 6 بطولات كوبا أمريكا أعوام (2007 و2011 و2015 و2016 و2019 و2021)، لكن ميسي عانى الكثير حتى تمكن من رفع أول ألقابه الدولية، وتأخر ذلك إلى غاية عام 2021.

وتعرض ميسي لحملة من الانتقادات من طرف الجماهير الأرجنتينية، ووصل الحد إلى وصفه بـ"المتخاذل"، بحكم عدم قدرته على نيل أي لقب دولي عكس تعملقه مع برشلونة وتتوجه بكل الألقاب الممكنة، لكن كل تلك الانتقادات لم تثن من عزيمة "ليو"، الذي قاتل وواصل العمل بجد، وتحمل المسؤولية في كل مرة وهو يحمل شارة القيادة.

ففاز ميسي في بطولة كوبا أمريكا عام 2021، وتمكن من قيادة "التانغو" للرقص على الأراضي البرازيلية، والفوز باللقب الذي غاب لسنوات طويلة عن الأرجنتين، قبل أن يواصل ميسي نثر سحره ويقود بلاده صيف 2022 للتتويج بلقب "الفيناليسيما" على حساب المنتخب الإيطالي (حامل لقب كأس أمم أوروبا)، في نسخة استثنائية جمعت بين بطلي بطولتي كوبا أمريكا واليورو.

وأكمل ميسي نجاحاته، التي بدأها من الأرجنتين عندما كان شابا، بالأراضي القطرية حين رفع أغلى الألقاب، وتوج بكأس العالم قطر 2022، بعد مشوار استثنائي، فتوج نفسه خلاله بجائزة أفضل لاعب في البطولة، متحملا كل الصعاب ومواجهًا كل التحديات، ومثبتا جدارته في المباراة النهائية أمام المنتخب الفرنسي (حامل اللقب)، وموقعا في شباكه هدفين أسهما في رفع الأرجنتين للقبها المونديالي الثالث في التاريخ.

ميسي يتخلص من عقدة التسجيل في أدوار خروج المغلوب بالمونديال

وظهر ميسي بمستوى كبير في أدوار خروج المغلوب بمونديال قطر، عكس النسخ الأربع السابقة، التي لم ينجح بها في التسجيل؛ إذ تألق "البرغوث" في مباراة ثمن النهائي أمام أستراليا، وسجل الهدف الأول للأرجنتين وهدفه الثالث في البطولة.

وواصل نجم باريس سان جيرمان التألق في ربع النهائي، حين أسهم بقسط كبير في تجاوز هولندا، بتقديم تمريرة حاسمة لزميله نهويل مولينا سجل منها الهدف الأول، قبل أن يظهر ويسجل الهدف ثاني بنفسه من ركلة جزاء.

ولم يتوقف ميسي عن إثبات جدارته بأنه الأفضل في المونديال القطري، حين تألق في مباراة نصف النهائي، بتسجيله هدفا وتقديمه لتمريرة حاسمة، ما جعله يصل إلى هدفه الخامس في مونديال قطر 2022.

وانتظر الجميع ظهور ميسي في المباراة النهائية ضد فرنسا، وكان "البرغوث" في الموعد كالعادة، وسجل ثنائية "للألبيسيليستي" ليصل إلى هدفه السابع في البطولة، محتلا المركز الثاني في صدارة هدّافي البطولة، خلف الفرنسي كيليان مبابي صاحب الـ8 أهداف.

أرقام قياسية بالجملة في مشاركة غير عادية

حقق ميسي العديد من الأرقام القياسية خلال النسخة العربية من كأس العالم، نذكر منها، أنه بات أول لاعب يسجل في جميع مباريات خروج المغلوب في نسخة واحدة (منذ 1986)، كما أصبح أكثر لاعب مشاركة في نهائيات المونديال برصيد 27 مباراة متفوقا على الألماني لوثر ماتيوس صاحب 26 مشاركة مونديالية.

وأصبح ميسي أفضل هدّاف في تاريخ منتخب الأرجنتين بكأس العالم، برصيد 13 هدفا، متفوقا على غابرييل باتيستوتا الذي يملك في رصيده 10 أهداف، كما أصبح "البولغا" أكثر من أسهم في تسجيل الأهداف بتاريخ كأس العالم، برصيد 21 مساهمة (بواقع 13 هدفا و8 تمريرات حاسمة).

نهاية سعيدة في آخر مونديال لميسي

وأنهى ميسي مونديال قطر بأفضل طريقة ممكنة، من خلال قيادة منتخبه بلاده الأرجنتين للتتويج باللقب للمرة الثالثة في تاريخه، والمرة الأولى منذ عام 1986، ليحقق نجم برشلونة السابق حلمه وحلم الجماهير الأرجنتينية، في آخر مشاركة مونديالية له، كما أعلن منذ أيام قليلة.

ودخل، أفضل لاعب في العالم في 7 مناسبات سابقة، تاريخ الكرة العالمية والأرجنتينية، من خلال حصده للقب كأس العالم، ليقف بجوار الراحل مارادونا، الذي قاد الأرجنتين للتتويج بمونديال 1986، كما دخل تاريخ الكرة العالمية من الباب الواسع، ليُنهي صياما دام طويلا على مستوى التتويجات بكأس العالم للأرجنتين.

شارك: