لماذا شهدت نسخة يورو 2020 الكثير من الأهداف العكسية؟

تحديثات مباشرة
Off
2023-04-05 13:18
مارتن دوبرافكا حارس مرمى فريق سلوفاكيا سجل بالخطأ في مرماه في مواجهة إسبانيا في ختام منافسات المجموعة الخامسة في يورو 2020 (Getty)
محمد أبو الوفا
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

كان علينا الشعور بأن ثمة شيءٌ غير اعتيادي على وشك الحدوث عندما سجّل المدافع التركي ميريح ديميرال الهدف الافتتاحي في مسابقة كأس أمم أوروبا 2020 بالخطأ في مرماه لصالح المنتخب الإيطالي، أول أهداف البطولة كان عكسيا وتبعه 9 أهداف أخرى مع الوصول فقط إلى ربع النهائي، وتبقّي 3 مباريات على إسدال الستار، موقعتا نصف النهائي والمباراة النهائية، وثلاثتها ستقام في ملعب ويمبلي بلندن.

عادلت ثم تفوّقت نسخة 2020 من كأس أمم أوروبا عدد الأهداف العكسية التي تم تسجيلها طيلة الـ15 نسخة الماضية بداية من الانطلاقة عام 1960 حتّى فرنسا 2016.. 10 أهداف أحرزها اللاعبون في مرماهم بالخطأ في هذه البطولة مقابل 9 فقط في تاريخ المسابقة ككل منذ تدشينها، ما يجعلنا نقف متسائلين، لماذا هذا الكمّ الهائل من الأهداف العكسية؟


الكثير من كل شيء


السبب المباشر والأول الذي سيتبادر إلى ذهن الجميع هو زيادة عدد المنتخبات المشاركة، ومن ثم زيادة عدد المباريات، وبطبيعة الحال زيادة عدد "أي شيء" قد ينتج من هذه المباريات، كالأهداف والأسيستات والتصويبات والبطاقات الملوّنة إلى آخره.

منذ النسخة الأولى في 1960 وحتّى النسخة الخامسة عام 1976، أقيمت البطولة بمشاركة 4 منتخبات فقط، وكان عدد المباريات 4 أيضا، إلى أن تم زيادة المقاعد إلى 8 بداية من نسخة 1980 ثم ارتفعت لأول مرّة إلى 16 منتخبا في نسخة 1996 في إنجلترا.

وبلغ عدد المنتخبات المشاركة ذورته في فرنسا 2016 بمشاركة 24 منتخبا، ليرتفع عدد المباريات من 31 إلى 48، والمفارقة التي قد توصل الفكرة التي أريد توضيحها لكم، أن أول نسخة شهدت تسجيل 17 هدا فقط، بينما بلغ عدد الأهداف المسجلة في نسخة 2016 السابقة 108 أهداف.


البناء والضغط

أصبحت معظم المنتخبات الأوروبية الكبرى تتبع أسلوب بناء اللعب من الخلف بالتدريج، فالهجمة تبدأ من حارس المرمى الذي يتبادل الكرة مع قلبي دفاعه، ثم تصل الكرة إلى الظهير ومنه إلى لاعب الوسط الذي يتمركز في المساحة الفارغة، وبذلك باتت الكرة في معظم الأوقات قريبة من المرمى، ومن ثم فإن احتمال ارتكاب المدافعين أخطاء أثناء عملية البناء ازدادت عن السابق بمعدلات كبيرة.


وهناك سبب آخر يتمثل في اللجوء إلى الضغط العالي من الثلث الأول من الملعب، فأصبح المهاجم هو المدافع رقم 1 في الفريق وصانع الألعاب المدافع رقم 2؛ إذ يضغطان معاً في الخط الأمامي، ما جعل المدافعين يرتكبون أخطاء في التمرير، ولعل هدف كرواتيا أمام إسبانيا يوضح هذه النظرية، فقد اضطر بيدري إلى اتخاذ قراره سريعاً بتمرير الكرة بقوة إلى حارسه أوناي سيمون بسبب ضغط الكروات.

 

تطور طريقة احتساب الاهداف العكسية


عندما يصوّب لاعب الخصم الكرة وتصطدم بالمدافع وتدخل إلى المرمى فإن الهدف في السابق كان يُحتسب باسم المهاجم، لكن تغيّرت هذه القاعدة مؤخّرا وباتت أكثر مرونة، وصار الهدف يسجل باسم آخر لاعب لمسته الكرة قبل تجاوز خط المرمى؛ ولذلك احتسبت تصويبة خوردي ألبا أمام سويسرا في ربع النهائي هدفا عكسيا باسم دينيس زكريا.

 

الاقتراب التدريجي

من أجل ضمان تسجيل الأهداف فإن الفرق الكبرى تُسدد من مسافات قريبة من المرمى، ما يجعل إمكانية ارتطام الكرة بالمدافعين وتغير اتجاهها أكبر، إذ كشف تقرير من  مجلة "فور فور تو" أن فرق الدوري الإنجليزي صوّبت من مسافات قريبة من المرمى في كل موسم بشكل أكبر من سابقه بطريقة متدرّجة.

ففي موسم 2011-2012 كان مُعدّل التصويبات من خارج منطقة الجزاء نحو 13 تسديدة في المباراة الواحدة، وانخفض هذا العدد بالتدريج إلى 8 فقط في الموسم السابق، وصارت الفرق تميل إلى إدخال الكرة وتمريرها إلى منطقة الجزاء والاقتراب أكثر من المرمى، بدلا من التصويب من خارجه.

الضغط النفسي


تتسم مباريات البطولات الكبرى ككأس العالم أو كأس أمم أوروبا بأنها مباريات الـ90 دقيقة، الأقل ارتكابا للأخطاء والأكثر ذكاءا هو من يفوز، ولنا أمثلة لا حصر لها كفوز اليونان والبرتغال ببطولتي 2004 و2016، بل إننا نصف مباريات الكؤوس بأنها "مباريات المفاجآت"؛ لأن الفوز يتوقف على ما تقدمه في 90 دقيقة فقط، على نقيض مباريات الدوري التي إن أخفقت في واحدة، تستطيع التعويض في التالية.

لذلك يكون الضغط النفسي والعقلي، في مثل هذه البطولات، أكبر لدى اللاعبين؛ لأن الخطأ قد يُكلّف الخسارة أو الإقصاء من المسابقة، القرار الفردي الواحد قد يجلب بطولة! كتصديات كاسياس لانفرادات لاعبي هولندا في نهائي مونديال 2010، مباريات البطولات الكبرى تمثل فرصة للاعبين للتعبير عن أنفسهم للتألق والانتقال إلى أندية أكبر، ومن شأن التفكير في أمور كهذه خلال المباراة أن يشوّش الذهن ويؤدي حتما إلى ارتكاب الأخطاء.
 

شارك: