كورونا أم مبابي.. ما محرك ريال مدريد؟

2021-06-08 09:01
الصحفي الرياضي المصري أحمد عطا
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

من بين الـ20 ناديًا الموجودين في أعلى درجات كرة القدم الإسبانية، يوجد ناديان فقط لم يُجريا صفقات كبيرة الصيف المنصرم، فالنسيا المثخن بأزمات مالية كبيرة وإدارة غير مستقرة تلقى الكثير من السخط بين المشجعين، وريال مدريد.

النادي الملكي قضى هذا الصيف يبيع الكثير من اللاعبين حتى وصل عدد المغادرين إلى 16 لاعبًا؛ أبرزهم الويلزي غاريث بيل الذي غادر معارًا إلى توتنهام ويبدو أنه لن يعود أبدًا، إلى جانب لاعبين آخرين كان من المُفترض في وقتٍ من الأوقات أنهم سيحظون بدور مهم في النادي؛ أمثال أشرف حكيمي.

كشف موقع "ذي أثلتيك" عن أنه لو لم يظهر فيروس كورونا، لكان من المتوقع أن يجمع ريال مدريد عوائد تبلغ 822.1 مليون يورو، بينما يُنتظر في الوقت الحالي أن تكون عوائد النادي حوالي 650 مليون يورو عن الموسم المنصرم، وهو فارق ضخم جدًا إذا علمنا أن الرقم الأخير سيعني أن ريال مدريد، بحساب العوائد والمصاريف، سيخرج رابحًا 320 ألف يورو فقط! أي أن الريال خسر أرباحًا تتجاوز الـ170 مليون يورو بسبب الفيروس الذي تسبب -على سبيل المثال- في إعادة 11 مليون يورو للجماهير، قيمة تذاكر المباريات المتبقية للنادي في الموسم والتي لم تتمكن الجماهير من حضورها.

لم يكن هذا هو الصيف الوحيد الذي يشعر فيه مشجعو الريال أن ناديهم يبيع أكثر مما يشتري في الآونة الأخيرة، فباستثناء صفقة إيدين هازارد لم يعد الميرينغي يشتري اللاعبين بأسعار باهظة، فهو يكتفي إما بالتقاط المواهب البارزة من جميع أنحاء أوروبا والعالم، وإما بإجراء صفقات ضرورية لا يمكن تجاهلها؛ مثل دعم مركز حراسة المرمى بتيبو كورتوا، في ظل عدم قناعة فلورنتينو بيريز بكيلور نافاس الذي رحل إلى باريس سان جيرمان، أو في صفقة مثل لوكا يوفيتش الذي انضم لدعم كريم بنزيمة الذي لم يتخلَّ أبدًا عن مركزه الأساسي بفضل أدائه في السنتين الأخيرتين، وبفضل أداء يوفيتش المخيب كذلك في موسمه الأول مع الريال.

في الحقيقة إن شئنا الدقة فإنه حتى صفقة ضم إيدين هازارد لم تكن باهظة قياسًا للقيمة السوقية للاعب، ولو لم يكن متبقيًا عام واحد في عقد اللاعب لكان سعره يقارب ضعف هذا الثمن ربما.

ريال مدريد باع كثيرين في الأعوام الثلاثة الماضية من ضمنهم أفضل لاعب في العالم 5 مرات كريستيانو رونالدو مقابل 100 مليون يورو، وماتيو كوفاتشيتش مقابل 45 مليون يورو، حتى إنه لم يمانع في بيع لاعبه ماركوس يورنتي إلى غريمه أتلتيكو مدريد مقابل 30 مليون يورو، لكن هذا الأمر ربما لم يبعد الميرينغي عن منصات التتويج في أغلب تلك السنوات بعدما تُوِّج بدوري الأبطال في 2018، وتُوِّج بالليغا الموسم الماضي بعد غياب 3 سنوات.

لكنّ اللاعبين الأساسيين في تشكيلة ريال مدريد يزدادون عمرًا ولا يبدو النادي قادرًا على تعويض بعضهم، فقياسًا على أداء الميرينغي في السوق في الأعوام الماضية، لا يُعرف بعد إن كان الريال على استعداد لجلب مدافع من العيار الثقيل لتعويض سيرخيو راموس -34 عامًا- خلال العامين القادمين، كما أن لوكا مودريتش ما يزال يؤدي دورًا مهمًا في صفوف الفريق على الرغم من كل التوقعات التي كانت تشير إلى رحيله في الموسم الماضي، وبعد أن جلس احتياطيًا في الدور الأول من الموسم الماضي للصاعد بسرعة الصاروخ فيديريكو فالفيردي، عاد من جديد ليصبح أساسيًا في النصف الثاني من الموسم.

يحتاج ريال مدريد للتأكد من جاهزية مارتن أوديغارد لحمل لواء صناعة الألعاب من المتذبذب إيسكو، كما أنه ما تزال هناك شكوك حول قدرة رودريغو وفينيسيوس على أن يكونا فرسي الرهان في المستقبل، خاصة رودريغو إن أخذنا في الاعتبار مهارة فينيسيوس الواضحة، حتى إن كان يعيبه عدم التركيز داخل منطقة الجزاء.

لكن في ظل كل هذه الأمور المالية، هل يكون فيروس كورونا فقط هو السبب في هذه السياسة المتقشفة لريال مدريد في السوق؟ نادي العاصمة الإسبانية قام مؤخرًا بالحصول على قرض ضخم من بنك إسباني من أجل الشروع في عملية تطوير ملعبه، على أن يسدد هذا القرض على مدار 20 سنة تقريبًا، برقم يدور في فلك الـ30 مليون يورو سنويًا.

لكن سواء بسبب كورونا أو قرض الملعب، فإن هذين العاملين لم يكونا موجودين قبل عدة أشهر، فهل هناك عامل آخر محتمل؟

الواقع يقول إنه في ظل سياسة اللعب المالي النظيف، لم تعد الكثير من الأندية قادرة على تحمل أعباء جلب نجم من الطراز العالمي بسهولة، فمحمد صلاح وساديو ماني ما يزالان يعبثان بدفاعات الخصوم رفقة ليفربول، ولا أحد قادر على الاقتراب من دفع قيمتهما المالية التي تتجاوز الـ150 مليون يورو.

في الوقت الحالي أغلب اللاعبين من الطراز العالمي لم يكن ليقتنع أحد بهم إلا عندما يتجاوزون عامهم الـ25 على الأقل، كلهم سوى لاعب واحد ألا وهو كيليان مبابي.

فإن كان مشروع دفع 200 مليون يورو أو أكثر في لاعب واحد يتجاوز الـ25 عامًا هو أمر خاسر اقتصاديًا بطبيعة الحال، فإن مسألة دفع 200 مليون يورو في كيليان مبابي يراها كثيرون الفكرة الوحيدة المستساغة عندما نتحدث عن مثل هذا الرقم الهائل.

لكن ريال مدريد قد لا يضطر إلى دفع هذا المبلغ في حال قدرته على منع تجديد باريس سان جيرمان لتعاقده مع كيليان مبابي، ومن ثم وضع باريس في موقف اضطراري للتخلي عن لاعبه بنهاية الموسم المقبل؛ إذ إن ثغرة تبقي عاما واحدا في عقد النجم الفرنسي قد تكون المنفذ الوحيد للميرينغي للنفاذ إلى الجوهرة الفرنسية.

جمع ريال مدريد للأموال في الصيف الأخير وربما آخر 3 أعوام قد يكون أحد أسبابه هو تطلعه للقيام بتلك الخطوة الكبرى في سبيل البحث عن نجم كبير يحمل لواء النادي عقب رحيل كريستيانو رونالدو، وفي هذا الأمر لا يجمع الريال الأموال فقط من أجل مبلغ الانتقال، بل كذلك من أجل توفير راتب قادر على إقناع مبابي بالانتقال إليه والتخلي عما يحصل عليه في العاصمة الفرنسية.

تبقى مسألة الراتب هذه مشكلة قد تجعل الأمور أصعب على ريال مدريد، ففلورنتينو بيريز اعترف بأن أحد أهم أسباب عدم القيام بتعاقدات كبيرة هذا الصيف، هو أنه من غير المنطقي أن يوافق اللاعبون على تخفيض رواتبهم بنسبة 10% بسبب أزمة كورونا، ليجدوا أن النادي قد قام بتعاقدٍ باهظ الثمن.

هل يمكن أن يتقبل لاعبو الريال مسألة وصول لاعب يفوقهم راتبًا بمراحل؟ سؤال سيبقى موجودًا حتى الصيف المقبل، لكن حتى هذه الأثناء، سنرى ريال مدريد لموسمٍ جديد بمشكلات في الخط الأمامي للفريق.

شارك: