كريستيانو رونالدو.. الخلود على طريقة شكسبير وعشبة جلجامش!

2022-06-15 02:20
النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو يبذل قصارى جهده للبقاء في قمة عالم كرة القدم (Getty)
إسماعيل أحمد
الفريق التحريري
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

يبذل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، المتوج بالكرة الذهبية 5 مرات، قصارى جهده للبقاء في القمة على المستويين الفردي والجماعي، لكن مسيرته بدأت في التراجع منذ رحيله عن ريال مدريد في صيف 2018.

وعاش "صاروخ ماديرا" بعض اللحظات الجميلة مع ناديه السابق يوفنتوس وفي فترته الثانية مع ناديه الحالي مانشستر يونايتد، لكنه لم يفلح معهما في الفوز مرة أخرى ببطولته المفضلة دوري أبطال أوروبا، ما جعله يبتعد عن الفوز بالكرة الذهبية التي تمنحها "فرانس فوتبول" وجائزة الأفضل "The best" التي يقدمها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

وعلى الرغم من ذلك، يبقى رونالدو أسطورة سيظل عشاق الساحرة المستديرة يتذكرونها جيلا بعد جيل، لكن البرتغالي لا يود الاكتفاء بذلك، ويواصل العمل دون كلل أو ملل في التدريبات، وكأنه الأسطورة جلجامش في بحثها المضني عن عشبة الخلود.

رونالدو، ببنيته الجسدية التي تفوق ما يملكه لاعبو كرة القدم في المعتاد، يبدو تجسيدا حيا لجلجامش الذي تصوره الملحمة السومرية ببنية جسدية هائلة وقوى خارقة أكبر مما لدى البشر، لكنه يُصاب بصدمة بسبب رحيل صديقه إنكيدو، ويتساءل في قرارة نفسه ما قيمة كل ذلك إذا كان مصيره في نهاية المطاف الفناء.

بعد رحيل صديقه، يبدأ جلجامش البحث عن عشبة تضمن لمن يتناولها الخلود، وبعد جهود مضنية يعثر على العشبة أخيرا، لكنه ينام من فرط التعب، وتأتي الحية وتتناولها، لتحرمه منها إلى الأبد، ويقتنع جلجامش أخيرا باستحالة الخلود.

وفي المقابل، واجه رونالدو في الموسم الحالي العديد من المصاعب والصدمات، ومنها صيامه عن التهديف بضع مباريات مع مانشستر يونايتد، واستبعاده من بعض المباريات، والخسارة بنتائج ثقيلة مع فريقه يونايتد، وآخرها الهزيمة المدوية 0-4 في المباراة الأخيرة أمام برايتون يوم السبت 7 مايو/ أيار.

إصرار رونالدو على عدم الاعتراف بسنن الكون (تراجع قدرات الجسد مع التقدم في السن)، واستماتته في السباحة عكس التيار للاستمرار في القمة تجعله جلجامش عالم كرة القدم بامتياز، ونظراته غير المصدِّقة لما حدث بعد الخسارة المدوية من برايتون، تشبه نظرات جلجامش المثقلة بالأسى بعد أن هزمته الأفعى وسرقت منه سر الخلود.

كريستيانو جونيور.. فرصة رونالدو لنيل الخلود على طريقة الكاتب الإنجليزي ويليام شكسبير

يُعد الكاتب المسرحي والشاعر الإنجليزي ويليام شكسبير أحد أعظم الأدباء الإنجليزيين إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق، وقد كتب في حياته 154 سونيتة "قصيدة باللغة الإنجليزية تتألف من 14 سطرا"، يوضح فيها أن الخلود غير ممكن للبشر؛ إذ يقول في سونيت 18 ما معناه "كل الأشياء الجميلة ستفقد جمالها، إما بفعل الصدفة أو بتغير مجرى الطبيعة":

And every fair from fair sometime declines,

...By chance or nature’s changing

تُسمى السونيتات من 1 إلى 17 سونيتات الإقناع، وفيها يحاول شكسبير إقناع شاب جميل وثري بالزواج، مؤكدا له أن جماله لن يبقى على حاله وسيتغير بفعل الزمن، وأن الطريقة الوحيدة المتاحة أمامه للاحتفاظ بجماله هي الزواج لإنجاب ابن يُخلِّد صورته الجميلة ويجعلها تتجدد ليكسبها الخلود ويحميها من الفناء.

ويبدو أن رونالدو أدرك مبكرا حكمة شكسبير، وهو الذي عاش أولى سنوات شبابه في إنجلترا التي قضى فيها فترته الأولى مع مانشستر يونايتد؛ ولذلك وفّر لابنه كريستيانو جونيور الأجواء الملائمة لإغرائه بلعب كرة القدم ومن ثم الاحتراف.

وبالنظر إلى تاريخ أبناء نجوم كرة القدم وعباقرة التاريخ بشكل عام، يتبين صعوبة أن يأتي أبناء هؤلاء النجوم والعباقرة بمستوى يماثل أو يقترب من مستوى آبائهم، ويتضح ذلك بالنظر إلى مسيرة لاعبين كأبناء النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان.

وسيكون رونالدو الابن أمام فرصة ذهبية في السنوات القادمة؛ لكي يثبت أولا أنه استثناء يكسر القاعدة السابقة كما فعلها الإيطالي باولو مالديني الذي كان خير خلف لأبيه تشيزاري في ميلان والمنتخب الإيطالي، ولكي يحقق حلم أبيه في الخلود.

شارك: