شجاعة أسطورة.. "سارق الدراجات"

تحديثات مباشرة
Off
2023-06-07 17:30
النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش يودع الملاعب (Getty)
علاء عزت
كاتب رأي
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

اندهشت كثيرًا وتوقفت طويلًا وأنا أقرأ اعترافات أسطورة كروية، وتساءلت في نفسي كيف يمكن للاعب كبير أو صغير، أو أي شخص عادي أن يمتلك كل تلك الجرأة وهو يتحدث عن ماضيه، من يمتلك الشجاعة أن يعترف أنه سارق ولص دون أي ضغوط أو إجبار؟

أتحدث عن الأسطورة الكروية السويدية زلاتان إبراهيموفيتش أو "السلطان" كما يحلو للجميع أن يلقبوه، والذي أسدل بيده الستار عن قصته المثيرة والملهمة مع الكرة بإعلان اعتزاله في مشهد باكٍ هز جدران ملعب "سان سيرو" في إيطاليا.

وأنا أقلِّب في صفحات كتاب حياة "السلطان" وأعني كتابه الشخصي "أنا زلاتان" توقفت أمام شجاعته وهو يتحدث عن طفولته البائسة، وكيف أنه تحول إلى سارق محترف وبارع للدراجات بعد سرقة دراجته، وطاردتني علامتا الاستفهام والتعجب لماذا اعترف بأنه كان لصًا؟! وهو لم يكن مجبرًا على هذا الاعتراف لأنه في الأصل لم يدان في محضر شرطة رسمي، أو اعترف عليه أحد.

وتساءلت مجددًا هل يمكن لنجم عربي أن يعترف أنه كان يومًا ما لصًا أو ما شابه؟ أو يتحدث كما تحدث زلاتان عن خلافات والده ووالدته التي وصلت إلى حد الطلاق وهو في الثانية من عمره، أو يقر أمام العالم أن والده كان مدمنًا للخمور؟

وألقيت بكل علامات الاستفهام تلك أمام صديق لي، وهو يعمل طبيبًا نفسيًا، فابتسم وقال: "نحن في مجتمع مختلف تمامًا، لا يحب ولا يقر بثقافة الاعتراف، بل يعتبر الاعتراف جريمة أكبر من تلك التي ارتكبها واعترف بها بداعي أن الاعتراف قد يوقع ضررًا على أشخاص آخرين".

وذكرني صديقي الطبيب النفسي بقصة شهيرة كانت قد غابت عن ذاكرتي، قصة بطلها أديب مصري شهير خرج يومًا في كتاب من أحد كتبه يتحدث عن أسرته ومساوئ أخوته، فما كان إلا أنه تعرض لانتقادات حادة ليس من أفراد أسرته فقط التي أعلنت مقاطعته، بل من كل المحيطين به، وتسبب اللوم الكبير الذي تعرض له وقتها في اعتزال الكتابة والموت وحيدًا فيما بعد بعيدًا عن الجميع، في وقت نشر أديب فرنسي سيرته الذاتية التي تضمنت اعترافات مثيرة والجميع يثني على شجاعته.

وفي نهاية حواري مع صديقي الطبيب لفت نظري إلى أن ثقافة الاعتراف الأوروبية في طريقها إلى وطننا العربي، مشيرًا إلى  برنامج "المسامح كريم" الذي كان يقدمه الإعلامي اللبناني الشهير جورج قرداحي، والذي كان يستضيف أشخاص يعترفون بذنوب وخطايا كبيرة ارتكبوها قد تصل إلى حد الخيانة أو السرقة في حق أشخاص، يكونوا خلف الستار على ذات المسرح، طالبين العفو والسماح.

والحقيقة أن ثقافة الاعترافات الكروية في وطننا العربي لا تتجاوز حد الاعتراف بالحصول على ضربة جزاء بطريقة غير مشروعة كما حدث من جانب أسطورة الكرة المصرية ونادي الزمالك الأسبق فاروق جعفر، أو المشاركة في التلاعب في نتيجة مباراة لصالح فريق بعينه من باب التعاطف لا أكثر ولا أقل، والاكتفاء بسرد نوادر كروية من باب الدعابة لا أكثر.

أتمنى ألا تصل تلك الثقافة بكل جشاعتها إلينا حتى لا تهوي الرموز والنجوم من سمائنا، أرفضُ تلك الثقافة، فماذا عنك؟

شارك: