زامل صلاح وخذله النني.. من يكون محمد الدسوقي؟

2021-06-08 09:01
محمد الدسوقي عايش صلاح والنني في نادي المقاولون العرب قبل انتقالهما إلى أوروبا (Winwin)
Source
المصدر
winwin
+ الخط -

تمتاز كرة القدم بكونها اللعبة الأكثر شعبية وجماهيرية حول العالم، لكنها أيضا قاسية متقبلة مستديرة، وفي ذلك سحر خاص، يصعب فهمه والتعايش معه، وإن دام واقعا لا مناص منه سوى بالرضا والتحضير جيدا لمستقبل، يأمله الجميع أن يكون أفضل.


هذا ما انتهيت منه في حديثي إلى محمد الدسوقي، المهاجم السابق لنادي المقاولون العرب المصري، والذي تبدلت مسيرته المهنية من كونها مشرقة، كمهاجم واعد في منتخبي مصر للشباب والأولمبي، كصديق لنجم عالمي شق طريقه في سماء كرة القدم الأوروبية مثل محمد صلاح، وزميل سابق لمحمد النني، متوسط ميدان أرسنال الإنجليزي، إلى لاعب نالت منه الإصابات وطرحته بعيدا، في منأى عن جل الأنظار.

قصة طويلة تلك التي عاشها محمد الدسوقي (31 عاما)، والذي ينشط حاليا كقائد لفريق صيد المحلة، أحد الفرق المنطوية لدوري الدرجة الثالثة المصري.. قصة طويلة، شاهدته متحمسا خلال قصه إياها، شاهدته يسترجع ذكرى من هنا وأخرى من هناك كي يزودنا في نهاية المطاف بحكاية لا يجب أن تمر مرور الكرام.


البداية كانت مع طفل مصري، تمكنت موهبته من لفت أنظار المسؤولين عن قطاعات الناشئين بنادي المقاولون العرب.. ومن هنا، دشن الدسوقي مشواره الحقيقي في ممارسة كرة القدم؛ إذ تمكن خلال سنوات طوال من تكريس نفسه واحدا بين أبرز المواهب الواعدة بأرض الكنانة.


لقد سبق صلاح لتشكيلة الفريق الأول للمقاولون، ربما لأنه يكبر النجم الحالي لليفربول الإنجليزي بثلاثة أعوام، وربما أيضا لأنه كان جديرا بنيل الثقة رغم سنه الصغيرة.. الأكيد أنه شاهد خوض الملك المصري لباكورة مبارياته الرسمية مع ذئاب الجبل: "عندما سجل صلاح هدفه الأول، كنت أنا من يحتفل معه في الملعب" - يقول لنا.


بدا محمد الدسوقي مشروعا حقيقيا لمهاجم يافع، يستعد نجمه لأن يبزغ، وهي إشارات دفعت إدارة المقاولون لمنحه عقدا احترافيا، من خلاله تمكن من شراء سيارة خاصة، وبها كان يصطحب صلاح والنني من مقر ذئاب الجبل إلى محافظة الغربية، حيث يقطن الثلاثي.. تلك السيارة التي باعها بعد سنوات؛ مع حاجته للمال؛ من أجل التحضير للزواج.


يتذكر الدسوقي قصته مع صلاح والبسمة تعلو محياه، مؤكدا أنه يتفهم المكانة الحالية التي بلغها ثالث أفضل لاعب في العالم 2018 حسب تصويت الاتحاد الدولي "فيفا"، مبرزا آماله في استمرار "مو" على المنوال ذاته، وواصفا إياه بفخر حقيقي لمصر بأكملها.


لكن صلاح وقبل وصوله لنجوميته الحالية، كان متواجدا بالغرفة نفسها بصحبة محمد الدسوقي، وقد أمسك الأخير بنصف بطيخة.. صورة راجت بمواقع التواصل الاجتماعي المصرية في وقت ما. سألته عنها، فأجاب ضاحكا: "كنت أتوقع أن يدخل إلينا بالكباب".


كان صلاح في تشكيلة منتخب مصر للشباب، مُعاودا أدراجه إلى مدينة القاهرة عقب رحلة دولية خارج البلاد. اتصل بالدسوقي وأراد أن يتناول العشاء معه. في الطريق، اشترى هداف البريميرليغ بطيخة وبعض الجبن والخبز، وقد تناول الطعام بصحبة أصدقائه القدامى، وفي حضرة محمد الدسوقي.


وبسؤاله عن آخر مرة التقى فيها بصلاح، أجاب الدسوقي قائلا: "كان صلاح متواجدا في بازل السويسري. نادي المقاولون العرب قام بتنظيم حفلة خاصة لتكريمه بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب صاعد في إفريقيا (2012). حضرنا الحفلة والتقينا به".


ويثمن الدسوقي مجهودات صلاح وقصة كفاحه الطويلة، التزامه بالعمل المنفرد داخل صالة الألعاب الرياضية والاستماع لنصائح أصحاب الخبرات: "لم يكن يتوقع أحد أن يفرض صلاح نفسه بتشكيلة الفريق الأول للمقاولون، لكن انظر.. باجتهاده حقق النجاحات وتخطى كافة اللاعبين".


ويُرجع الدسوقي التحول الجذري في مسيرته المهنية إلى إصابة قوية تعرض لها قبل مغادرته لنادي المقاولون العرب؛ إذ اضُطر للابتعاد عن قائمة منتخب مصر تحت 23 عاما المُشاركة بدورة الألعاب الأولمبية "لندن 2012"، مع ضبابية شابت علاقته بالشركة المسؤولة عن تسويقه، وتعثر انضمامه إلى ناديي غزل المحلة وطنطا، ليصبح مجبرا على إضاعة موسم كامل.


خاض الدسوقي تجارب بدت أقل شأنا خلال المواسم التالية لرحيله عن المقاولون العرب، ومع ذلك، تمكن من تقديم مستويات لافتة رفقة أندية النصر القاهري، دمنهور، سبورتينغ كاسيل، نبروه وصيد المحلة، حيث ينشط حاليا.


ويستعيد الدسوقي إحدى ذكرياته مع محمد النني، حيث هاتف الأخير وطلب منه المساعدة للانتقال إلى بلدية المحلة، بالنظر لتواجد والد نجم أرسنال بالطاقم التدريبي للفريق.. فماذا حدث؟


يقول الدسوقي: "أنا ساعدت النني للالتحاق بقطاعات الناشئين في نادي المقاولون العرب. تحدثت إلى رئيس القطاع بشأنه ومن هنا بدأ مسيرته مع الفريق. خلال أزمة عدم انضمامي إلى أي نادٍ، قررت الاتصال به، كان لاعبا في أرسنال، طلبت منه أن يتحدث إلى والده، لكنه تجاهل طلبي. لم أكن راغبا في توسط، فقط أردت أن أحظى بفرصة لإثبات ذاتي، بعيدا عن خوض الاختبارات المُعتادة حيث يكون هناك زحام كبير، ولا يظهر اللاعبون الأفضل".


"البعض رأي أنني انتقدت النني بقوة، هذا لم يحدث. أنا لا أشعر بالحزن منه، فقط كان قادرا على مساعدتي، لكنه لم يفعل. في نهاية الأمر، لم يكن النني مُلزما بمساعدتي. صحيح، لم نعد أصدقاء، لكنني آمل أن يُوفق في مشواره المهني ويحقق الإنجازات".


حاليا، يبدو محمد مركزا على عمله كقائد لفريق صيد المحلة، ويظهر طامحا للعمل مُستقبلا بمجال كرة القدم، سواء في التدريب أو الإدارة.. وقبل ذلك كتابة تاريخ جديد باللعب: "ساهمت في تأهل النصر للدوري الممتاز، لماذا لا أكرر الأمر نفسه وأقود صيد المحلة لدوري الدرجة الثانية؟".

شارك: